بحماية رجال الشرطة
الرياض / متابعات:عندما اجتمع مفكرون سعوديون هذا الشهر لبحث اصلاح نظام التعليم كانوا يتناقشون تحت حماية ضباط أمن مسلحين ، وفي هذا الاجتماع الذي انعقد في مناخ يتسم بحيوية تعددية اطلقتها الاصلاحات التي تنفذها حكومة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعلن المفكر الاسلامي عبد الله الخوذامي بوضوح متحديا الاسلاميين الذين كانوا يحضرون ندوة بالرياض "يقول البعض انهم سيلقنوني درسا هنا."ثم يضيف مخاطبا القاعة حيث اصطف ضباط الشرطة على طول الجدران ليراقبوا الشيوخ المتشددين وانصارهم الذين كانوا يحتشدون خلفهم : "اريد درسا الآن اذن..انني تلميذ انتظر هذا الدرس."الثابت ان مؤتمرات الحوار الوطني التي اطلقتها الاصلاحات الجارية في المملكة العربية السعودية بقدر ما جمعت على موائد الحوار ممثلين لمختلف التيارات المدنية التي تجسد حيوية المجتمع السعودي وبضمنهم الاسلاميون والليبراليون المتشددون والمعتدلون والرجال والنساء ، بقدر ما جعلت رجال الدين المتشددين يضعون اعينهم على الليبراليين الذين يخشون من أنهم يمضون قدما في خطة تهدد سلامة ما يعتبرونه المدينة الفاضلة الاسلامية السعودية ..حيث دولة تعيش وفقا لقواعد من الاخلاقيات العامة يمتلك رجال الدين وحدهم واجب حراستها .يشتهر الخوذامي بالترويج لاستخدام كلمة "الحداثة" التي يرفضها المحافظون السعوديون الذين يعتقدون أن الكلمة تلمح الى القيم الغربية التي يعارضونها.والكاتب هاديء الصوت نموذج للنخبة الليبرالية الصغيرة لكن البارزة على نحو متزايد في هذا البلد الغني بالنفط والتي يبدو أنها تجد حرية غير مسبوقة في التعبير عن آرائها في ظل الاصلاحات التي أضعفت القبضة الحديدية لرجال الدين المتشددين على الحياة الفكرية والثقافية والاعلامية في المملكة التي تشهد تحولات باتجاه دعم قيم الحوار والانفتاح تحت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز .خلال الندوة تحدث الخوذامي عن الموضوع الحساس لاصلاح مناهج التعليم المثقلة بالمواد الدينية.. وهو موضوع يصيب جوهر الانقسام الحاد بين الاسلاميين واولئك الذين يسمون انفسهم بالاصلاحيين.وقال الخوذامي للحضور "لا يجب أن نأخذ مسألة تغيير مناهج التعليم بحساسية شديدة ونستخدم الاتهامات (لمهاجمة بعضنا). المنهج الحالي ليس صالحا بما يكفي لذا أرجوكم الا تدافعوا عنه."وعند انتهاء الندوة اندفع ضباط الشرطة إلى المنصة لمنع وقوع أي متاعب وغادر المتحدثون بسرعة في سياراتهم.وبرغم أنه يبدو أن الاصلاحات تسير ببطء إلاّ انها تتسم بثبات الارادة السياسية ، لكن رجال الدين المتشددين لا يخفون رفضهم للتعددية وللسماح للنساء بالتصويت في انتخابات المؤسسات المتخصصة والانضمام لمنظمة التجارة العالمية وظهور النساء كاشفات الوجوه في التلفزيون الحكومي الذي أصبح يعج بالمذيعات.ويعد التعليم أحد المجالات فقط التي يرى الاسلاميون المتشددون ان النفوذ الغربي يتسلل اليها بمساعدة طابور خامس من السعوديين ينعتونهم دوما بلقب "بني علمان".ويقول دبلوماسيون غربيون إن العلوم الشرعية ما زالت تشكل ثلث التعليم اليومي الذي يتلقاه التلاميذ السعوديون فيما يقول مسؤولون سعوديون إن الامر سيستغرق سنوات لاستكمال تنقيح النظام واصلاحه.ومن وراء حجاب في غرفة مجاورة عرضت الاكاديمية هند الخوثيلة افكارها.وتساءلت "ما الذي اوصلنا إلى هذه المرحلة حيث نحتاج إلى سياج أمني كي نتحدث عن الثقافة والمجتمع.."وبدأ بعض علماء الدين البارزين الحديث بايجابية عن تخفيف القيود في المجتمع السعودي مثل السماح بدور للعرض السينمائي ولكن حتى الان لم يساند احد علانية السماح للمرأة بقيادة السيارات على نحو ماهو موجود في اليمن ودول مجلس التعاون وايران وباكستان وكل الدول الاسلامية حيث ينفرد رجال الدين المتشددون في السعودية بالاصرار على ان الشريعة الاسلامية لا تجيز قيادة المرأة للنوق والبغال والسيارات !!!