- لم يحصل من قبل قتل هذا العدد من الفلسطينيين في غزة دفعة واحدة على يد الإسرائيليين.. فقبل أن تمضي الأربعة والعشرون الساعة من الهجوم أصبح رقم الضحايا يتجه إلى خانة الأربعمائة قتيل والجرحى أضعاف ... حسناً .. هذه هي إسرائيل وهذا هو المتوقع منها دائماً كلما غضبت .. فماذا يتعين على العرب فعله إضافة إلى المظاهرات وعقد مؤتمرات التنديد والاستنكار؟ .. وما الذي كان عليهم القيام به لمنع حدوث المجزرة؟- لن أقدم إجابات وحلولاً .. فالقيادات العربية كانت تعرف تلك الإجابات ولكنها لم تقلها وكانت تعرف ما هي الحلول ولكنها لم تفرضها لا على إسرائيل ولا على حركة حماس. القيادات العربية لم تتعامل مع الانشقاق الداخلي الفلسطيني التعامل الجاد والصريح ولم تحاول إعادة غزة إلى السلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً وحتى من قبل إسرائيل، وتركت الهوة تتسع ، وجلست تنظر إلى الممارسات الغبية والحمقاء لحركة حماس بصمت رغم إدراكها لخطورتها على الحركة وعلى سكان غزة والشعب الفلسطيني عموماً. حركة حماس اجتزأت لنفسها غزة لإقامة نموذجها الخاص، وقد فرض عليها حصار عقد عليها الأمور وأربك إدارتها وتفاقم الوضع الداخلي في غزة لدرجة أن حركة حماس باتت مقتنعة أنها غير قادرة على الفعل الإيجابي فلجأت إلى إنهاء التهدئة ووجهت صواريخ إلى إسرائيل كان ضرها خالصاً ، وقبل أن تداهم إسرائيل غزة كان فلسطينيون قد قتلوا قبل ساعات من المداهمة بصواريخ القسام التي اتكأت عليها إسرائيل في هجومها الأخير .- السلطة الفلسطينية في الضفة والتي سلبت حماس منها قطاع غزة غضبها من الهجوم الإسرائيلي واضح،ولكن من منا لم يلاحظ أنها عبرت بوضوح عن إدانتها لحماس في قلب المحنة .. وهي معذورة لأن الجرح والشرخ الذي أحدثته حماس في الجسد الفلسطيني كبير ومتسع وخطير.. ولا حظوا أن محنة حماس وعذابات سكان غزة من جحيم الطائرات العسكرية الإسرائيلية تنطوي على قدر من الفرح والشماتة .. مئات مناضلي حركة فتح الذين أودعتهم حركة حماس غياهب سجونها في غزة بات معظمهم أحراراً وبعضهم شهداء بعد القصف الإسرائيلي على سجون حركة حماس.- أخلص من هذا كله إلى القول إن العرب مشغولون بكراهيتهم لإسرائيل، ومن حقهم أن يكرهوها وهي تستحق كراهيتهم.. لكن انشغالهم بهذه الكراهية وطرقهم في التعبير عنها أخذت منهم كل شيء وعجزوا عن إقامة دولة فلسطينية.. ليس لأنهم غير قادرين على ذلك وليس لأن إسرائيل موجودة على مقربة منا.. بل لأنهم لا يريدون إقامة تلك الدولة.. بدليل أنهم لم يقيموا دولة في الصومال إلى الآن منذ 18 سنة رغم أن إسرائيل ليست في داخل الصومال ولا وموجودة بالقرب من مقديشو أو بربرة.
أخبار متعلقة