القاهرة / متابعات:في حوارعن مشاكل فراش الزوجية في المجتمعات العربية، أكدت د.هبة جمال قطب الطبيبة المتخصصة في الاستشارات الجنسية أن معظم حالات الطلاق تقع بسبب ذلك، وأن العرب يعانون لقرون طويلة من أزمة جنسية بسبب التعتيم والفهم الذكوري للعلاقة الحميمة التي تجرد المرأة من حقها في الاستمتاع وتجعله قاصرا على الرجل.جاء ذلك في حوار مع قناة (( العربية )) الفضائية التي تبث برامجها من دبي قالت فيه الدكتورة هبة قطب إن ذلك التعتيم بدأ بعد عصر الرسول مباشرة واستمر حتى الآن رغم أن القرآن والسنة سبقا العلم الحديث بمراحل في تناول الأمور الجنسية وشرح تفاعلاتها، مشيرة إلى أنها لا تجد حرجا في تخصصها، بل وفحص بعض الحالات الرجالية التي تأتي لعيادتها.وتحدثت د. هبة قطب عن موضوع "الربط" وهو عجز الزوج في ليلة الزفاف، وما يزعمه بعض السحرة والمشعوذين حول قدرتهم على ربطه وعلاجه، فقالت إن كل الذين جاءوها وعالجتهم تماما كانوا يعتقدون ذلك، لكنها لم تشعر بالعجز أمام أي حالة.وكشفت أنها توصلت لعلاج لحالة تشنج عضلات المرأة التي تمنع اتمام العلاقة الزوجية ليلة الزفاف وربما لعدة شهور، وأنها سجلت ذلك الاختراع باسمها في الاكاديمية الجنسية الأمريكية.وأكدت أنه لا توجد معدلات ثابتة للممارسة الحميمة، ناصحة ألا يمر أسبوع دون أن يتم لقاء واحد، مطالبة بأن يتم تدريس الجنس في المدارس والجامعات دون قلق لأن الموضوع لا يتعلق بثقافة الفراش.وأوضحت أنها تضطر في بعض الحالات لفحص الرجال الذين تعالجهم ليأتي تشخيصها سليما، قائلة إن الكلام في الجنس ممكن أن يكون محترما جدا وفي الاطار الديني والأخلاقي المستحسن.الجدير بالذكر ان د.هبة قطب هي احدى اشهر الطبيبات العرب المتخصصات في الطب الجنسي والاستشارات الجنسية، وكانت الدكتوراه التي حصلت عليها من جامعة مابمونيدس بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية عن النموذج الإسلامي للممارسة الجنسية.وقد سبقت ذلك بالحصول على الماجستير من جامعة القاهرة في الاعتداءات البدنية والجنسية على الأطفال، ثم الدكتوراه في الاعتداءات الجنسية وتبعاتها الصحية، وتقوم حاليا بتدريس الطب الشرعي في كلية طب قصر العيني بنفس الجامعة، وعضو الأكاديمية الأمريكية للطب الجنسي ولديها العديد من الأبحاث في العلاقات الجنسية السوية وغير السوية، بالإضافة إلى حضورها للعديد من المؤتمرات المتعلقة بالعلاقات الجنسية والانحرافات السلوكية والأمراض التناسلية، وتحاضر في الجمعيات الأهلية عن كيفية تحسين العلاقة الزوجية بواسطة العلاقة الجنسية.تتحدث د. هبة قطب عن الطب الجنسي الذي تخصصت فيه فتقول إنه يهتم بالوظيفة الجنسية الطبيعية سواء ما يخص كل من المرأة والرجل على حدة أو علاقتهما الجنسية سويا، وهذا هو التعريف المبسط له، والحقيقة أن كل الناس كانوا يعتقدون أن الطب هو طب الشفاء من الأمراض فقط، لكن هناك أيضا الطب الوظيفي، فقد يكون الإنسان طبيعيا جدا ولكنه لا يستخدم وظائف جسمه بالشكل الصحيح.وتشير الدكتور هبة قطب إلى أنها لم تتعرض لمتاعب اجتماعية لحساسية ذلك المجال، بل قوبلت بحفاوة كبيرة نظرا لحاجة الناس لها، قائلة "الكلام في الجنس ممكن أن يكون محترما جدا وممكن أن يكون ساقطا مثل الكلام في أي موضوع آخر كالسياسة والفن مثلا، لكنني أزعم أنني لم أسمح بأن تخرج كلمة مني عن النطاق المقبول والمستحسن".وأضافت أنها عندما فتحت عيادتها قبل 4 سنوات لم يكن يراجعها سوى حالتين أو ثلاث حالات أسبوعيا تعاني من مشاكل جنسية، أما الآن فقد بلغ من كثرة المترددين أنه لابد من حجز موعد مسبق قبل شهر ونصف أو شهرين، مما يعكس الوعي لدى الناس بأهمية البحث عن علاج.وتقول إن المشاكل الجنسية متساوية عند الرجل والمرأة، لأنه حتى لو كانت المرأة تعاني فان الزوج يعاني هو الآخر لكونه يشاركها في هذه العلاقة، مشيرة إلى بعض أنواع المشاكل مثل الشذوذ الجنسي، وعدم الانتصاب عند الرجال فيأتون للعلاج قبل الزواج، حتى يقدمون عليه وهم مرتاحون نفسيا.وبسؤالها عما إذا كان هناك نموذج إسلامي للجنس وآخر غير إسلامي أجابت: النموذج الإسلامي كان ترجمة اجتهادية مني لموضوع الرسالة التي تناولت الجنس في الإسلام وكل ما جاء عن تلك الوظيفة في القرآن والسنة. وفي الحقيقة شعرت بالانبهار الشديد أثناء إعداد الرسالة إذ وجدت أن ما توصل إليه العلم الحديث في العقود الوسطى من القرن الماضي، واعتبر اكتشافا كبيرا موجود من قبل 1400 عام في القرآن والسنة.وتستطرد قائلة : (( لم أكن أقصد بالنموذج الإسلامي طريقة الممارسة الجنسية، وإنما قصدت النموذج العلمي وسبق الإسلام للعلم الحديث في هذه النواحي، وكيف كان الرسول يوصى الرجال بأن يقضوا حاجة زوجاتهم قبل حاجتهم أثناء الممارسة، أي حقها في الاستمتاع بالعلاقة الفراشية مثله تماما. كان لابد أن أربط هذه النواحي العلمية بالإسلام، حتى أقضي على ما يشعر به الناس من حساسية وحرج في هذه الأمور، حتى الفتاة قد تحرج أن تسأل أمها مثلا )).تقول هبة قطب: (( أردت أن أوضح أن الناس كانت تسأل الرسول عن أمورهم الجنسية وكان يجيبهم، ولم تكن الأمور مقتضبة أو كما يظن البعض أن الحديث في هذه الأشياء ليست من الدين. لقد وجدت أن صحيح البخاري وكتبا إسلامية أخرى تناولت الأمور الجنسية، ولكن ذلك للأسف الشديد لم يصل إلينا )).وتضيف: (( عندما استمعوا مني إلى ذلك بأمريكا انبهروا كثيرا، وفي الأكاديمية الأمريكية للطب الجنسي، عندما ذهبت لأخذ الدبلومة الأولى كانت تجري مناقشات على مائدة مستديرة بين الطلبة والأساتذة عن علاج حالات معينة ومعلومات الطالب عنها، وعندما تحدثت عما يقوله العلم وما يقوله الإسلام، وجدت اهتماما شديدا من الأساتذة وكنت الوحيدة التي لم تلزم بوقت معين لتنتهي من كلامها، وقد ظللت 50 دقيقة كاملة دون مقاطعة، وقد شجعني رئيس جامعة مابمونيدس بفلوريدا التي أخذت منها الدكتوراه بعد ذلك على أن يكون بحثي للدكتوراه في هذا الموضوع قائلا إنها فرصة لنتعرف عن قرب على الإسلام عقب الارتباك الذي أصابنا بشأنه بعد 11 سبتمبر، ولم يراجع أي كلمة في بحثي )).وتؤكد د.هبة قطب أن المشاكل الجنسية منتشرة جدا للأسف الشديد في العالم العربي، وقيل إنها مسؤولة عن 80 من حالات الطلاق، ورغم أنني لا أعرف صحة هذه الاحصائية إلا أنني أصدقها، بل قد تصل إلى أكثر من ذلك، فالعالم العربي يعاني جنسيا لقرون طويلة، فبعد الرسول صلى الله عليه وسلم حدثت نقلة سلبية وحصل تعتيم على هذه المسألة. وتقول " ومع العولمة والنقلة الحضارية المعروفة، حصلت ربكة اجتماعية فاتجه الناس للثقافة الجنسية التي تأتي من الغرب وهي ثقافة غير نظيفة، لأنه لا يوجد حل وسط، فاما ثقافة علمية لا يفهمها الكثيرون وأما ثقافة الاثارة التي تنتشر على مواقع الانترنت الإباحية، والتي اتجهوا لها وانتقل بهم الحال من ثقافة الجهل الجنسي إلى الثقافة المغلوطة وهي خطيرة، وأصبح لكل منهم تجارب وإن كانت بالعيون والأصابع على الانترنت، وأحيانا كان ينقلونها للأسف إلى تجارب غير شرعية".وأضافت: كان من نتيجة ذلك أن البعض يتوقع أمورا غير صحيحة بعد الزواج لا تمت له بصلة، فتنشأ اتهامات بين الزوجين، كأن يقول إنها لا تثيره، وأن تتهمه هي الأخرى بأنه يطلب أشياء شاذة، فدخلنا دائرة مغلقة من التعاسة الجنسية، ومن المعروف أن هذه العلاقة هي الأساس في الزواج ومن ثم فان زواجا يعاني منها لابد أن ينتهي بالانفصال.وحول فشل الليلة الأولى من الزواج وعما إذا كان الفشل ينسب فيها للرجل فقط قالت د.هبة قطب: (( أنا لا اسميه فشلا بل "قفلة" وظيفية معروفة في الطب الجنسي ويسمونه "علة ليلة الزفاف" وهذه منتشرة في العالم العربي تحديدا، لأن الشاب يدخل ليلة الزفاف كأنه يحمل السد العالي على كتفيه، والجميع في انتظاره ليسألوه ماذا حصل، وهل نجح أم فشل، وهل كان سبعا أم ضبعا، وغير ذلك من الأسئلة، وبالتالي يقبل على ليلة الزفاف غير صافي الذهن ولا يترك للوظيفة العنان لأنه يشعر أنه مراقب من قبل نفسه وغيره )) .وتضيف " أما من جانب المرأة فهي في حالة تشنج عصبي لا إرادي عند بعض البنات، بحيث يحصل تشنج في محيط عضلات المهبل رغما عنها ويمنع ذلك اتمام العلاقة الجنسية، وبعض الأزواج لا يفهم ذلك ويعتقدون أنها تتصنع ويوجهون لها الاتهامات، رغم أنها في الحقيقة تتمنى أن تزول هذه المشكلة منها، وقد نجحت شخصيا في اختراع نظام علاجي لها وبفضل الله أدى إلى نتيجة إيجابية مائة في المائة ونشر باسمي في الاكاديمية الأمريكية".وقالت: هناك حالات لا تقتصر على ليلة الزفاف أو الأيام التالية لها بل تمتد لعدة شهور، وقد تؤدي للانفصال الزوجي بسبب أن أصحابها لا يعرفون اين يتوجهون للعلاج بل يذهبون للمشعوذين الذين يزعمون أنهم يحلون ما يسمونه "الربط"، نعم هناك سحر لكن لا يجب أن نؤمن به إلى هذه الدرجة وينبغي أن نأخذ بالأسباب.وعن أن الزوج في مجتمعاتنا العربية هو الذي يطلب زوجته للفراش عندما تأتيه الرغبة بينما المرأة تخجل من ذلك قالت د.هبة قطب: إنني أحارب للقضاء على هذه المشكلة، فالعلاقة ستكون صحية للغاية لو أن المرأة تطلبها أيضا، دون أن تشعر بهذا الكم من الحساسية والإحراج، كأن تتوقع رد فعله.. فما المشكلة إذا طلبته فأخبرها أنه متعب ولا يستطيع.. هذا وارد ولا داعي للتحسس منه.ولكن هل تعاني المرأة من حالة الضعف الجنسي مثل الرجل؟.. تجيب د.هبة قطب: المرأة طرف سلبي في العلاقة الجنسية من ناحية الوظيفة، لكنها طرف إيجابي من ناحية التفاعل فقط، أي الناحية النفسية وليست الأدائية. هي اذن في الموضوع الجنسي أكثر حظا من الرجل، أما سلبيتها أو عدم تجاوبها مع زوجها فيظهر عليها ذلك في شكل واحد هو عدم ترتيب المكان، أي عدم نزول الافرازات التي تساعد على اتمام العملية الجنسية، لكنها أقل المشاكل أهمية لأنه توجد حاليا بدائل صيدلية لتلك الافرازات.وحول شعور بعض الأزواج بالاشمئزاز بعد اتمام الممارسة وصفت ذلك بأنها حالة غير طبيعية أو خلل نفسي، لأنها تربط العلاقة بالمكان الذي تتم من خلاله، بينما يجب النظر إليها بشكل عاطفي ومشبع وتصل الى الامتاع بدرجة لا تصل اليه أية وظيفة إنسانية أخرى.وتقول د.هبة قطب: (( ليس هناك معدل صحي لعدد اللقاءات الجنسية بين الزوجين على مدار الأسبوع، مشيرة إلى حدود قصوى وأخرى دنيا حسب فترة الزواج وعمر الزوجين وظروفهما الاجتماعية وطبيعة عملهما، فكل تلك العوامل تؤثر في العلاقة الجنسية ولكن لا توجد معدلات ثابتة لها، لكن نقول إنه لا يصح أن يمر أسبوع كامل دون أن يلتقي الزوجان جنسيا في أسوأ الظروف، عندما لا يكون هناك مانع شرعي عند المرأة )) . وتؤيد د.هبة تدريس الجنس في المدارس والجامعات بدءا من التعليم الابتدائي "لا يجب أن يقلق البعض، فالثقافة الجنسية ليست ثقافة الفراش أو العلاقة بين الرجل والمرأة، والحقيقة أن الطفل يبدأ معرفة هذه الثقافة قبل أن يذهب إلى المدرسة عندما تكلمه الأم عن ثقافة العورة وأن منطقة الأعضاء لا يجب أن يطلع عليها الغير. وبهذه البساطة يجب أن تبدأ المناهج التعليمية تقديم معلومات بخصوص ذلك " .وعن "الجنس الفموي" واعتباره من مقدمات الممارسة الناجحة قالت: هذا ليس شذوذا فالأصل في أي شئ هو الاباحة والحرية، ولم يرد أبدا أي نص شرعي يحدد مثلا نوعية الأكل، لكن توجد نصوص تحرم أكل بعض الأشياء، ونفس الأمر في العملية الجنسية، حيث حرم الرسول الجماع أثناء الحيض والاتيان من الدبر، ولا يجب النظرة المجردة إلى هذه الأشياء ووضعها في اطار متقلص منفصل عن النظرة التفاعلية العامة، وهذه المسألة خاضعة للتراضي بين الزوجين، فاذا رضيا به وكان لا مانع لديهما فلا توجد مشكلة.وحول شكوى بعض الزوجات من ممارسة أزواجهن للعادة السرية، أجابت د.هبة قطب: (( المفروض أن الزوجة أدرى بزوجها اذا كانت تمنع نفسها عنه في الفراش أو لا تتجاوب معه. لكن للأسف بعض الزوجات يمنحن أزواجهن علاقة الفراش ورغم ذلك يمارس الزوج العادة السرية، فهذا خلل نفسي استسلم له، بحيث أنه تعود على العادة السرية في الاستمتاع قبل الزواج، وكان من المسرفين فيها، وبالتالي تشكل قالبه الجنسي على الاستمتاع بهذه الطريقة )) .و تضيف: (( ما لم يقم بمسح هذه الصفحة من حياته لأنه أصبح له شريكة في العلاقة، فان ذلك سيخلق فجوة كبيرة نفسية وعاطفية بينهما وسيتحول الأمر إلى شرخ وجرح في قلب الزوجة، بينما يعتقد هو أن ذلك من حريته الشخصية، علما أن المجتمع الذكوري والثقافة الجنسية المعروضة هي سبب ذلك )).
د.هبة قطب تقدّم توصيفاً شرعياً وطبياً للأزواج التعساء في الفراش
أخبار متعلقة