صولون
صولون الشاعر والمشرع اليوناني الذي عاش بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد (560 - 640) ، وهو إلى جانب كونه شاعرا وحكيما من حكماء اليونان السبعة ، وكان أيضا من السياسيين اللامعين ، فقد انتخبه أهالي أثينا حاكما ، فقام بإصلاحات تشريعية وإدارية ، وسميت هذه التشريعات بإسم تشريعات صولون. ولم يكون صولون حكيما وشاعرا وحاكما فحسب ، ولكنه كان من رواد الديموقراطية في أثينا ، وكان له الفضل في إلغاء نظام الرق الذي كان يسمح بإسترقاء الفلاحين إذا عجزوا عن سداد ديونهم ، وبذلك كسر شوكة النبلاء وتعامل معهم كما يتعامل مع الفقراء سواء بسواء . وإلغاء نظام الرق يعد أول إصلاح دستوري في تاريخ اليونان ، فقد قام صولون بتحرير الأرقاء وحمى الحرية الشخصية للأجراء والبسطاء وضمهم بالإنتخاب ، ولمن تجاوز سن الثلاثين إلى مجلس الأعيان الذي يقوم بتصريف شئون الدولة التي يعرضها مجلس الولاة لدراستها دون أن يكون لهم سلطان عليهم. وبذلك وضع صولون في أثينا أحد الاسس الديموقراطية التي تتيج للمواطن العادي أن يشارك في السياسة والحكم. كان والد صولون من الأشراف الكرام المحتد ، ومن أرفعهم بيتاً ، وأنقاهم دماً ، ينتهي نسبه إلى الملك كدروس ، بل إنه كان يتبع نسبه إلى بوسيدن نفسه. وكانت أمه ابنة عم بيسستراتس الطاغية الذي خرق دستور صولون في أول الأمر ثم عاد بعدئذ فثبت دعائمه. لقد انغمس صولون في شبابه فيما كان ينغمس فيه أهل زمانه: فكان يقرض الشعر ويتغنى بملاذ الصداقة اليونانية ، وفعل ما فعله ترتاروس فأثار حماسة الناس بشعره ودفعهم إلى فتح سلاميس. ثم صلحت أخلاقه في سن الكهولة صلاحاً يتناسب تناسباً عكسياً مع شعره ، فأصبحت أشعاره فاترة ونصائحه جيدة.واشتغل صولون بالتجارة وأصبح من التجار الناجحين ذا مصالح كثيرة في أقطار بعيدة ، أكسبته خبرة واسعة وأمكنته من الأسفار والتنقل في بلاد بعيدة ، وكان يسير في عمله على المبادئ التي يدعو إليها في قوله ، واشتهر بين جميع طبقات الناس بالاستقامة. وكان لا يزال صغير السن نسبياً- في الرابعة والأربعين أو الخامسة والأربعين- حين أقبل عليه في عام 594 ممثلو الطبقات الوسطى يدعونه إلى قبول ترشيحهم إياه ليكون أركوناً بالاسم ، على أن يُمنح سلطة مطلقة لإخماد نار حرب الطبقات ، ووضع دستور جديد للبلاد ، وإعادة الاستقرار إلى الدولة. وصار حاكما بعدها وافقت الطبقات العليا على هذا الاختيار وهي كارهة ، وكان الباعث لها على الموافقة ثقتها بأن رجلاً مثله من أصحاب المال لا بد أن يكون رجلاً محافظاً. وكانت أعماله الأولى أعمالاً بسيطة ولكنها كانت من قبيل الإصلاحات الاقتصادية الشاملة ؛ وقد خيب آمال المتطرفين بإحجامه عن إعادة تقسيم الأراضي. ولو أنه فعل هذا لأدى ذلك إلى الحرب الأهلية وإلى الفوضى التي تدوم جيلاً كاملاً ، وإلى عودة الفوارق بسرعة. إن أبقى أعمال صولون هي تلك القرارات التاريخية التي أنشئ بمقتضاها دستور صولون. وقد قدم لها صولون بعفو عام أطلق به سراح كل من سجن ، وأعاد إلى البلاد كل من نفي منها لجرائم سياسية إذا لم تكن هذهِ الجرائم هي محاولة اغتصاب مقاليد الحكم في البلاد. ثم واصل عمله بأن ألغى إلغاءً صريحاً أو ضمنياً معظم شرائع دراكون ؛ إلا أنه أبقى منها على القانون الخاص بعقاب القتلة وقد طبقت قوانين صولون على جميع السكان الأحرار بلا تمييز بينهم ؛ فأصبح الأغنياء والفقراء على السواء مقيدين بقيود واحدة تفرض عليهم عقوبات واحدة. في سنة 572 ق. م اعتزل صولون منصب الحاكم بعد تقلده لمدة ( 22 عاما ) , وكان قد بلغ سن السادسة والستين فآثر الحياة الخاصة ، واعتزل منصبه ، وبعد أن أخذ العهد على أثينا ، بأيمان أقسمها موظفوها ، أن تطيع قوانينه بلا تغيير فيها ولا تبديل مدة عشر سنين ، وسافر بعدئذ ليطلع على حضارة مصر والشرق ، ويلوح أن ذلك الوقت هو الذي قال فيه قالته الذائعة الصيت- «إني لتكبر سني وما فتئت أتعلم». ويقول أفلوطرخس إنه درس التاريخ في عين شمس (هليوبوليس) على الكهنة ، ويقال إنه سمع منهم عن «أطلنطيس» القارة الغارقة ، التي قص قصتها في ملحمة لم يتمها ، افتتن بها أفلاطون الواسع الخيال بعد مائتي عام من عصره. وسافر من مصر إلى قبرص ووضع القوانين لتلك المدينة التي غيرت اسمها من قبرص إلى( Soli ) تكريماً له.