أضواء
ليس كل موقوف من “القاعدة” شريكاً أساسياً في تنفيذ جريمة. كثير منهم مساندون، مساعدون في توفير سبل الراحة والتنقل للمطلوبين. وأحد هؤلاء يعتبر نموذجاً غريباً في التفكير وقياس الأمور، حتى وإن كان مراهقاً لم يتجاوز العشرين عاماً. هذا الشاب المعني هنا، أوقف بعد يوم واحد من مقتل عبدالعزيز المقرن، أخطر قائد مر على التنظيم في السعودية، والذي قتل في 18يونيو 2004في مواجهة أمنية في الرياض. ولم تكن عملية إيقافه صعبة، أو متطلبة لإجراء أمني واسع، لقد أوقف بهدوء شديد، ودون أن يشعر أحد، لسبب بسيط أنه لم يقاوم، كما لم يفكر في ذلك.استدلت أجهزة الأمن إليه سريعاً، وبلا عناء، حيث إن السيارة ذات الدفع الرباعي، التي كان يستقلها المقرن وقت المواجهة مسجلة باسمه. لقد سمح هذا المراهق لنفسه بتسجيل سيارة المطلوب الأول في البلاد باسمه، دون تفكير بعاقبة الأمور، مثلما كان إهماله وعدم اكتراثه بالساعات، التي سبقت إيقافه؛ كنتيجة طبيعية لحصيلة المواجهة. لقد كان يفتخر بفعلته داخل غرفة التوقيف وسط المساجين من أرباب أفكاره “القاعدية”، كما لم يتردد في كشف تجاربه في الإسناد والدعم للتنظيم، المبالغ في تهوره في بعض الحالات. ومن تهور المراهق، الذي مازالت تأسره صورة لقائه الوحيد بعبدالعزيز المقرن، وهو يروي تفاصيل اللقاء ذي الدقائق الثلاث، متخيلاً أشياء لا أفهمها. أقول من تهوره أنه لم يتردد في نقل جثة أحد أخطر المطلوبين، حيث كان صديقه المطلوب الآخر “عواد العواد”، والذي قتل في مواجهة أمنية في الرياض بتاريخ 1يوليو 2004، قد طلب منه نقل جثة راكان الصيخان، مشرف أولى هجمات التنظيم شرق الرياض في 12مايو2003 .هذا المراهق تجاوب سريعاً مع طلب صديقه العواد، الذي قال له: “لا عليك سوى نقل الجثة من حي الفيحاء شرق الرياض إلى الشفاء جنوبه، واتصل على هذا الرقم، وسيستلمها منك أحد الأخوة”. ولم يكن “أحد الأخوة” هذا سوى عبدالعزيز المقرن، قائد التنظيم. المراهق يروي: “منذ أن توقفت السيارة الأخرى ونزل الراكب الأمامي عرفت مباشرة أنه المقرن وحييته كثيراً، وشكرني». انبهار المراهق بالتنظيم وبالمقرن دفعه إلى المخاطرة بنقل الجثة، كما أن قيادة التنظيم أكرمته ب “شرف لقاء قائدها ومصافحته”، حسب وصفه، تقديراً لتهوره، حيث عرفت كيف تتعامل معه، وتضمن ما يقدمه لها من مساعدة ومساندة مستقبلاً. وإلى يومنا هذا لا يعلم أين دفن راكان الصيخان، الذي توفي متأثراً بإصابته من مواجهة أمنية في 14إبريل 2004، لسبب بسيط؛ أن المشاركين الثلاثة في العملية قتلوا، وهم العواد والمقرن وثالث لم يكشف عن هويته، فيما يروي المراهق الدقائق الثلاث مع المقرن بكل لذة.عن/ صحيفة “الرياض” السعودية