أفكار
يشعر البعض بالقلق من أن تؤدي الأزمة المالية الحالية إلى انخفاض نسبة السياح الذين نستقبلهم في بلادنا كل عام, خاصة في موسم الشتاء, ولكن بشيء من التفكير المتأني سنجد أن بعض الهدوء السياحي مطلوب بل مفروض, من وقت لآخر حتى يمكن لآثارنا أن تستريح بعض الشيء من الهجوم البشري عليها وتلتقط أنفاسها بعض الشيء من الهجوم المكثف الذي تتعرض له طوال العام. .هذا الموقف الذي كنا ننتظره من الأفارقة في إطار مساندتهم للقضية الفلسطينية ، مثله إعلان المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي في اجتماعه الأخير بأديس أبابا تحضيراً للقمة الأفريقية الثانية عشرة .جاء إعلان الأفارقة مناصراً ومتضامناً لشعب غزة المقاوم لحرب الإبادة الشاملة التي تشنها عليه دويلة الكيان العنصري الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الذي لم يفلح في إيقاف المعتدي ولا عملياته العسكرية الوحشية ضد الأطفال والنساء والشيوخ في غزة الصامدة .الإعلان التضامني الأفريقي مع شعب غزة لم يكتف بكلمات التضامن المجاملة بل ندد وشجب العدوان الهمجي ، وطالب بمساءلة المسببين لكل الجرائم البشعة التي لحقت بالإنسان الفلسطيني في قطاع غزة ، والذي استخدمت ضده حتى الأسلحة المحرمة دولياً .والحقيقة أن هذا الموقف الأفريقي التضامني لم يستغربه المتتبعون للمواقف الأفريقية من القضية الفلسطينية ، منذ أن انكشفت حقيقة طبيعة التكوين العدواني الصهيوني المتعنت ، وتلاشت حالة الانبهار الأفريقية تجاه إسرائيل ببروز حالة من اليقظة الأفريقية لطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي بصفة عامة أدت إلى الاعتراف بشرعية النضال الفلسطيني في استعادة حقوقه القومية بكل الوسائل المتاحة ، واعتبار تلك الحقوق الشرعية شرطاً لإقامة سلام عادل وقائم في الشرق الأوسط ، بل أصبح الأفارقة يعتبرون القضية الفلسطينية قضية أفريقية ، مطالبين بتحرير مدينة القدس واعتبار كل التدابير التي يتخذها الكيان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة لتغيير معالمها بما في ذلك تهويد مدينة القدس باطلة .وكان التضامن الأفريقي أحد أهم العوامل التي دفعت إلى إصدار قرار في الجمعية العمومية للأمم في عام 1975 باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري .إن إعلان المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي تضامنه مع شعب غزة يمثل أحد الدلالات الهامة على أهمية تفعيل العمل العربي الأفريقي المشترك وتطويره باتجاه فضاء عربي أفريقي في مواجهة كل التحديات التي تحاط بالعرب والأفارقة وتستهدفهم كما استهدفتهم في السابق ... وهذا ما ينبغي على جامعة الدول العربية أن تقوم به ببعث الحياة في روح التضامن والتعاون العربي الأفريقي ومد الجسور مع مؤسسات الاتحاد الأفريقي في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية ... ليشكلا فضاء قوياً يأخذ مكانه وسط الفضاءات الدولية الكبرى .فهل تستطيع جامعة الدول العربية من العودة للاهتمام بالعمل العربي الأفريقي المشترك ؟! أم أنها تظل تجري وراء سراب المشاريع الوهمية ؟! [c1]*عن / صحيفة (الشمس) الليبية [/c]