بعد فشل وردة في مسلسل «آن الأوان» وألبومها الأخير.. متى يعتزل النجوم
القاهرة/ وكالات هل هناك سن قانوني للاعتزال في الفن، كما هو الحال في الوظائف العامة؟ أم أن الفن حالة استثنائية يستطيع فيها الفنان العمل والابداع حتى آخر العمر، شريطة أن يختار المناسب له؟ سؤال طرح نفسه وبقوة في الايام الماضية، بعد أن أعلن عدد من النقاد أن أسوأ مسلسل عرض في شهر رمضان الماضي كان مسلسل الفنانة وردة، الذي حمل اسم «آن الأوان»، وكان من إخراج أحمد صقر. فشل المسلسل أثر في الوقت ذاته على حجم مبيعات الالبوم الغنائي، الذي طرحته الشركة المنتجة للمسلسل، وفيه ما غنته وردة في المسلسل، حيث أكدت الارقام أن الألبوم لم يبع منه، حتى السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، سوى 20 ألف نسخة فقط، من عدد نسخ الطبعة الاولى، التي تضمنت 50 ألف نسخة. وأكد الموزعون أن ألبوم وردة لم يقو على منافسة البوم فضل شاكر، الذي وصفه النقاد بضعف المستوى، وعلى الرغم من ذلك نفذت طبعته الاولى والثانية وينتظر الموزعون الطبعة الثالثة. يذكر أن الفنانة وردة كانت من المطربات اللواتي تحقق ألبوماتهن الغنائية حجم مبيعات كبيرا يتجاوز حدود الطبعات الخمس. الدعاية الضخمة للمسلسل ووجود وردة، التي بدا عليها وعلى وجهها وصوتها آثار الزمن، لم يشفعا للسيناريو الهزيل، الذي بدا عليه العمل، وجعل الجميع يتساءل لماذا كانت عودة وردة الي الاضواء، وهي التي اعتزلت الغناء بقرار منها منذ عدة سنوات، في هذا العمل، وبهذا الشكل؟ البعض قال إنه تأثير صلاح الشرنوبي، الذي أنتج العمل، خاصة أن له مكانة كبيرة لدى وردة، بعد ان حققت أغنياتها الأخيرة، التي لحنها لها نجاحا كبيرا، بدءا من «بتونس بيك» و مرورا بأغنية «حرمت أحبك» وانتهاء بأغنية «أنا ليه مين غيرك». البعض الآخر فسر مشاركة وردة في المسلسل بالعائد المادي الذي حصلت عليه وبلغ 3 ملايين جنيه. الا أن وردة ذاتها قالت إن سبب مشاركتها في «آن الأوان»، كان لرغبتها في العودة الى الاضواء والجمهور، اللذين اشتاقت اليهما، على حد تعبيرها. مؤكدة ان انشغالها في تصوير المسلسل ساعدها على تناسي ما تعانيه من أمراض. القضية ليست في العودة ولكن في كيفية تلك العودة، وهو ما يؤكده الناقد الفني طارق الشناوي أحد الذين اختاروا «آن الأوان»، كأسوأ مسلسل في رمضان الماضي، ويضيف قائلا: أيهما أفضل للفنان، سواء كان مطربا أو ممثلا، أن يعود للجمهور في أي عمل بسبب إغراء المادة أو الرغبة في التواجد وطمعا في البقاء لفترة أطول؟ أم يحافظ على رصيده الذي كونه لدى هذا الجمهور، على مدى سنوات طويلة. كثير من الفنانين لا يعترفون بعامل السن والزمن وأن ما قدموه في الماضي يجب الحفاظ عليه، خاصة في مصر التي لا يوجد بها فن كبار السن، على الرغم من وجوده في كافة أنحاء العالم. ولهذا أعتقد أن ذكاء فنانة مثل ليلي مراد هو ما دفعها الى الاعتزال في قمة شهرتها وعنفوان مجدها، لانها أدركت ان معدل التراجع في تلك المرحلة سيكون أسرع من معدل التقدم، أو على الاقل، الاحتفاظ بما حققته، ولهذا أصرت على الانسحاب من الحياة الفنية بكل صورها، حتى إجراء الاحاديث التلفزيونية والاذاعية رفضتها، راغبة في أن تظل صورتها وصوتها في عقول الناس كما كونتها في الماضي. ولهذا ظلت حتى وفاتها عام 1996 بعيدة عن الاضواء التي اعتزلتها في نهاية الستينات. وعندما توفي الكوميدي الكبير فؤاد المهندس، منذ عدة أشهر قيل الكثير عن حزنه وألمه لتجاهل المنتجين وكتاب السيناريو له منذ عدة سنوات طالت عليه وأشعرته بالجحود. ولكن قد يكون الابتعاد عن الساحة لهذا الفنان الكبير في أواخر سنوات عمره أفضل بكثير من التواجد من دون القدرة على الابداع أو تقديم الجديد أو ما يتناسب مع تاريخه الفني. هكذا يؤكد الناقد رفيق الصبان، الذي يقول: قلائل هم الذين نجحوا في بلادنا في المواصلة، مع الاحتفاظ برصيدهم لدى الجمهور، بل والاضافة اليه. فقط لانهم عرفوا ما بقي معهم في سنوات العمر تلك. كما حدث مع الفنانة فاتن حمامة، التي أدركت قيمة رصيدها وطبيعة المرحلة التي تمر بها فقدمت ما يناسبها لتحصد به المزيد من التألق والاعجاب والنجاح، ليس في التلفزيون فقط، كما حدث في مسلسل «ضمير أبلة حكمت»، ولكن في السينما أيضا عندما قدمت فيلم «يوم حلو ويوم مر» وفيلم «أرض الاحلام». هناك أيضا الفنان الراحل محمود مرسي، الذي زاد تألقا في سنوات عمره الاخيرة، من خلال تقديمه لعدد من الادوار المميزة في التلفزيون. والفنان كمال الشناوي كان وما زال هو الاخر قادرا على العطاء بما يتناسب مع إمكانياته الحالية، ومن خلال أعمال تتناسب وتاريخ هؤلاء النجوم، الا أنه وللاسف هناك البعض الذي يتنازل عن قيمة الموضوع ومستوى الكتابة فيه في سبيل التواجد، أيا كان مستوى هذا التواجد. والامثلة كثيرة والجمهور يعرفها. يذكر ان السنوات الاخيرة شهدت أعمالا شارك فيها نجوم كبار، الا أنها لم تحقق النجاح المتوقع منهم، كما أنها أثارت ضدهم حمله شديدة من الهجوم والانتقادات. كما حدث في مسلسل «العمة نور»، الذي قامت ببطولته الفنانة نبيلة عبيد وعرض في رمضان منذ ثلاث سنوات وكان دون المستوى. الطريف أنها انتهت من المشاركة في فيلم يحمل عنوان «ما فيش غير كده» مع مجموعة من الممثلين غير المعروفين، وكأن لسان حال نبيلة يقول انه لا يوجد سوى ذلك. وهو ما يفسر مقولة الفنان الراحل محمد رشدي، في نهاية حياته حين قال: «لو لم يكن الله راضيا عن عبد الحليم حافظ.. لما مات وهو في قمة نجوميته». وهو ما يؤكده الفنان أحمد خليل بقوله: لماذا ينتظر الفنان الموت كي يتوقف عن العمل ففي رأيي أنه اذا شعر الفنان بعدم قدرته بدنيا او ذهنيا على تقديم اداء فني راق فعليه ان يعتزل على الفور لأنه اذا لم يعتزل وهو في قمة مجده الفنى سيعيش معاناة لا حدود لقسوتها وسوف يفقد شعبيته وحب الجماهير له.