القرار الصادر عن مجلس الأمن والخاص بتطورات الأوضاع في لبنان في عقب شهر من الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان بدأ بعد ان تعبت النساء والأطفال ومروراً بضرب البنى التحتية جسور، طرقات مبانٍ سكنية، مرافق حكومية مستشفيات مقار لجمعيات خيرية شوارع.. مطارات مزارع.... الخ ووصلاً لاستمرار المحاولات اليائسة لاجتياح الجنوب اللبناني من جديد بعد ان دفع العدوان الإسرائيلي لهجرة وتشريد أكثر من مليون مواطن لبناني نزحوا إلى الشمال بعد ان كانوا عرضة للغارات الصهيونية ومرمى المدفعية والزوارق الحربية طوال شهر.عموماً حزب الله وقف في وجه الاعتداءات الإسرائيلية ومنعها من تحقيق مخططها العدواني الذي تم إعداده من قبل حكومة الكيان الصهيوني بمعية الإدارة الأمريكية ذلك المخطط الذي هدف للقيام بعملية اجتياح خاطفة للجنوب اللبناني تهدف إلى تدمير شامل للبنى التحتية في الجنوب وإلى ضرب مباشر لمواقع حزب الله وشل حركته تمهيداً لإلحاق هزيمة ساحقة ماحقة به تأتي إلى نزع سلاحه واسر قياداته... الخ وإعادة ترسيم جغرافيا الحدود بين تل ابيب وبيروت بما يخدم مصالح إسرائيل على حساب لبنان وسوريا والقوى الوطنية في البلدين.لكن بفضل صمود وتضحيات وصبر ومكابدة (حزب الله) لمرارة الواقع بدءاً من العدوان الصهيوني الشامل عليه ومروراً بالصمت العربي المخزي ووصولاً لحالة عامة من التواطؤ العربي والدولي "واللبناني" في بعض جوانبه ذلك التواط الذي أعطى لإسرائيل على الفرص المتاحة للانتهاء من تنفيذ مخططها بحق (حزب الله) والذي كان من المقرر ان يستغرق عدة أيام.. ولما تعثر تحقيق ذلك منح المتواطئون من على البقاع منحوا إسرائيل فرصاً جديدة للنيل من (حزب الله) لكن دون جدوى.من جانبها تحدثت الحكومة اللبنانية بلسان وزير الإعلام غازي العريقي عن قبول لبنان بقرار مجلس الأمن رقم 1070 بالإجماع على الرغم من تحفظاتها على الكثير مما ورد فيه.. الغريب في تصريحات وزير الإعلام اللبناني انه تحدث عن البطولات التي اجترحتها الحكومة اللبنانية وانتصارها الدبلوماسي العظيم في الوصول لقرار مجلس الأمن الحالي والذي قال ان لبنان (بحكومة السنيورة) استطاعت ان تفرض رأيها على مشروع القرار الأمريكي الفرنسي وتغييره!! تصوروا حكومة السنيورة التي ماحركت ((منشة) ولم تقتل. دبابة فرضت على أمريكا وفرنسا تغيير مشروع قرارها السابق في حين ان الحقيقة ان القرار الأمريكي والفرنسي والمشروع الأول كان مذلا للبنان ومنحازا لصالح إسرائيل.. وان القرار الصادر عن مجلس الأمن بعد التعديل ظل مذلا للبنان حين أعطى لإسرائيل أكثر مما طلبت وأعظم مما عجزت عن تحقيقه على أرض المعركة وماكان لإسرائيل ان تحقق هذا لولا قبول الحكومة اللبنانية به والتوقيع عليه.. لانها مهتمة بأن ينتشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان إلى جانب قوات دولية تابعة للأمم المتحدة تقدر بخمسة عشر ألف جندي سيقومون بحفظ السلام وسوف يحظرون حمل السلاح على (حزب الله).إذن حكومة السنيورة المنجز الوحيد الذي تحقق لها من قرار مجلس الأمن هو تحقيق رغبتها بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وكأن الخطر على السيادة اللبنانية هو من (حزب الله) وليس من إسرائيل وفي هذا الأمر تلتقي حكومة السنيورة مع حكومة (اولمرت) وتتفقان على هذا الجانب إلى أبعد حدود الاتفاق.كثير من القنوات الفضائية هللت لقرار مجلس الأمن وكأنه انجاز وطني لحكومة (السنيورة) يضاهي انجاز صمود (حزب الله) طوال شهر في معارك دامية وأمام ترسانة قوات الاحتلال الإسرائيلي.القنوات الفضائية المتألقة لأنظمة التخاذل العربي اهملت التركيز عن أهم خبر يوم السبت الماضي وهو خبر تحقيق (حزب الله ) انتصاراً عسكرياً كاسحاً على إسرائيل بتدمير أكثر من 20 دبابة وقتل سبعة عشر جندياً إسرائيليا وجرح ثمانين جندياً جراح أحد عشر منهم خطيرة وكذا إسقاط طائرة مروحية إسرائيلية قنوات التخاذل العربي التي طبلت لقرار مجلس الأمن الذي قبلته حكومة (السنيورة) على الرغم من كونه منحازاً لإسرائيل ومذلاً للبنان ومهيناً لدماء الشهداء والضحايا اللبنانيين الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي راحوا يطبلون لقرار المجلس واعتبروه نصراً لدبلوماسية الحكومة نصراً لايقل مكانة ولاقامة عن نصر (حزب الله) في الصمود بوجه إسرائيل طوال شهر من المعارك.. أصحاب المقارنة (التافهة) نسوا أو تناسوا أن الدم المراق دفاعاً عن لبنان لايقدر بثمن فيما الكلام والمشاورات والتصريحات الصحفية لا ثمن لها خاصة وان الأخوة في الشام يقولون (الحكي ببلاش أو الحكي عليه رسوم).عموماً نست حكومة (السنيورة) ونسى سعد الحريري الذي خرج من لبنان مع صبيحة اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي ويوم أمس ليطالب اللبنانيين بوحدة الصف وتذكيرهم بأنه أبن رفيق الحريري الذي أعطى لبنان الكثير.. قلنا ان حكومة (السنيورة) ووزير اعلامها "العريف" نسى حقيقة في غاية الأهمية وهي أنه لولا صمود (حزب الله) والحاقه هزيمة ميدانية بجيش العدو الصهيوني أدت إلى افشال مخططه القيام باجتياح شامل للبنان يبدأ بالجنوب ويصل بيروت نسى انه لولا صمود (حزب الله) لكان كلاً من الوزير غازي العريفي وحكومة السنيورة قد استقلت أول طائرة وغادرت بيروت مثلما فعل سعد الحريري وإنها كحكومة كانت ستكون حكومة في المنفى. هذا الانجاز الأعظم (لحزب الله) الذي جعل الحكومة حكومة؟؟ وابقاها في لبنان تمارس التصريحات الصحفية واللقاءات فيما تفرغ هو للدفاع عن لبنان بدمائه وشبابه ومبادئه وشرف مواقفه.لهذا من الظلم بمكان مقارنة دور حزب الله العدو ومواقفه وتضحياته والذي حققه بموقف حكومة (السنيورة) التي قبلت قراراً من مجلس الأمن يمثل انحيازاً لصالح إسرائيل واهانة بكل معنى الكلمة موجعة للبنان أرضاً وإنسانا ومقاومة.وبعد هذا دعونا نقرأ بهدوء ما حققه (حزب الله) بعد شهر من المقاومة الاشرف.. ونوجزه بالتالي:1- قدرة (حزب الله) على مواجهة إسرائيل طوال أكثر من شهر وحيدا دونما أي دعم وصموده وإفشاله المخطط الإسرائيلي باجتياح الجنوب اللبناني.2- إنزال (حزب الله) بإسرائيل خسائر عسكرية غير مسبوقة في المعدات والأفراد.3- إنزال (حزب الله) بإسرائيل هزيمة معنوية كبيرة بإسقاطه مقولة ان الجيش الإسرائيلي لايهزم.. واجبر مواطنيه النوم في الملاجئ والمخابئ طوال شهر كامل.4- وصول صواريخ (حزب الله) إلى أبعد نقطة داخل إسرائيل وهو مالم يتم في كل الحروب العربية.5- اثبت (حزب الله) عملياً أن إسرائيل لاتقوى على خوض حروب طويلة.6- الحق (حزب الله) ومن خلال صموده وطول أيام المواجهة بإسرائيل خسائر اقتصادية وصلت إلى قرابة مائتين مليون دولار باليوم منذ بداية الحرب.7- صمود (حزب الله) في وجه العدوان الصهيوني طوال هذه الفترة خلق حالة من التصدع داخل الكيان الصهيوني وهو ماظهر في الخلاف الذي تفاقم بين المعارضة الإسرائيلية والحكومة من جهة وبين المواطن والحكومة لدرجة دعا فيها بعض من أحزاب المعارضة إلى انتخابات مبكرة على اعتبار ان حكومة (اولمرت) عجزت عن تحقيق أهدافها من الحرب ضد لبنان.8- ظل حزب الله ممسكاً بالأسيرين الإسرائيليين حتى الساعة.9- كشف مجدداً بان إسرائيل بقتلها للأطفال والنساء وتهديم البنى التحتية.. كشف للعالم مجدداً عن الوجه القبيح لإسرائيل وعن الدعم الأمريكي الأقبح لهذا الكيان.10- أكدت الحرب على لبنان من جديد حقيقة جديدة / قديمة وهي ان الأمم المتحدة لعبة بيد مجلس الأمن.. وان مجلس الأمن هو في الأساس وسيلة أمريكا للتدخل في شؤون العالم وسلب دوله حقوقهم لصالح مصالحها ومصالح حلفائها وأولهم إسرائيل.فيما نجد ان صمود حزب الله طوال الفترة الماضية قد عزز من التأكيد بعمليات عديدة على الصعيد العربي أبرزها:أولاً: الاستمرار في كشف عجز النظام العربي الرسمي عن القيام بشيء عملي لوقف العدوان أو الوقوف بوجه إسرائيل حتى دبلوماسياً وسياسياً فضلاً عن عجزه التام عن دعم المقاومة الوطنية في لبنان لفلسطين.ثانياً: بصمود (حزب الله) في وجه العدوان الصهيوني أجبر (حزب الله) النظام العربي الرسمي على إخفاء عجزه مالم يكن تواطؤ (بعض من دولة) على التخفي وراء حملات المساعدات الطبية والخيرية.. ووراء الحفلات الفنية التي تبكي على لبنان وتدين إسرائيل بالطبل البلدي.ثالثاً: الكلام في الإعلام العربي الرسمي عن ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية للبنان وكأن لبنان أصيب بكارثة طبيعية لا بعدوان إسرائيلي همجي عليه وعلى سيادته وحياة مواطنيه هو شكل آخر من الهروب للأمام عند الحكام العرب.رابعاً: كشف (حزب الله) ان ميزان القوة في الصراع العربي الإسرائيلي هو لصالح الإرادة الصادقة والإيمان القاطع القوي والتصميم والتخطيط السليم والتطلع لحياة كريمة أو الاستشهاد الأكرم وهي أمور لا يتم الاهتمام بها عند تربية الجيوش العربية التي غالباً ما تنجح مع شعوبها والشعوب المجاورة لكنها تعجز عن مواجهة أعداء أمتنا العربية والإسلامية باعتبارها جيوشاً مدربة على القمع وليست مدربة على التحرير والسيادة.بقي ان نشير الى ان القرار الأمريكي كان ثمرة جهود فرنسية أرادت ان تعوض خسارتها في العراق.. وأصل الحكاية انه وقبيل إعلان الحرب على العراق كانت فرنسا وألمانيا الدولتين الأوروبيتين اللتين عارضتا السياسية الأمريكية وعارضتا الحرب وهو فعل مثل عكس ما عملته بريطانيا ورئيس وزراء بلير الذي اعاد واشنطن وسياساتها وعدوانها على العراق على طوال الخطاب.. وعلى اعتبار ان العراق كانت مستعمرة بريطانية فقد جاء تحالف بريطانيا مع أمريكا بمثابة تحالف الاستعمار القديم بمصالحه ومخلفاته.. للاستعمار الأمريكي الجديد بكل طموحاته وأطماعه ومصالحه.. لذا بعد احتلال أمريكا وحليفاتها بريطانيا للعراق والسيطرة على ثرواته.. خرجت فرنسا من (المولد بدون حمص) ومنحتها واشنطن القليل من الفتات.. لذا وفي الأزمة اللبنانية أرادت فرنسا ان تستفيد من أخطائها السابقة فهي أعطت لأمريكا مشروع قرار يعطي إسرائيل كل شيء على حساب اللبنانيين.. ووقفت تنق مع واشنطن على قاعدة إرضاء واشنطن أهم من إرضاء لبنان والحقوق المشروعة له كدولة وأرض وشعب.. إذ مارست فرنسا سياسة الدولة الاستعمارية مع لبنان تلك الدولة التي لاتهمها سوى مصالحها وتحالفها مع واشنطن لذا عندما انتقد الرئيس أمين لحود السياسة الفرنسية ودعوتها دعوة قوات دولية إلى لبنان تشكل فرنسا الأغلبية من إفرادها وتمنح صلاحيات الباب السابع (يعني يحق لها التدخل عسكرياً في الشأن اللبناني) حين انتقدها لحود اعتبرها دعوة علنية للاستعمار والنفوذ الفرنسي في لبنان تعالت أصوات في حكومة السنيورة تنتقد (لحود) بأنه وبتصريحاته ضد السياسة الفرنسية يهاجم دولة تعد الأهم للبنان. إلا ان مشروع القرار الفرنسي الأمريكي والقرار الصادر من مجلس الأمن بعد التعديل أكد للقاصي والداني أن فرنسا وسعياً لتعويض خسارتها بسبب موقفها الرافض لاحتلال العراق سعت إلى تقديم مصالحها ومصالح واشنطن وإسرائيل على عداها من مصالح طالما سيضمن لها السيطرة على لبنان ومقدراته من جديد وسيمنحها دوراً أهم في تطورات الوضع في المنطقة العربية من جديد.والخلاصة ان قرار مجلس الأمن موجه ضد لبنان عموماً وضد (حزب الله) وسلاحه ودوره كمقاومة بصورة رئيسية.وهو يخدم إسرائيل وأمريكا.. و يمهد لاستمرار اتهامات سوريا وإيران وتحويلهما إلى مرمى تطلق عليه واشنطن الاتهامات ثم القذائف.الخلاصة ان ثمة مؤامرة يحملها قرار مجلس الأمن مؤامرة على (حزب الله) وعلى المقاومة اللبنانية وعلى ماهو معادي لمبدأ ضياع الحقوق العربية المشروعة..هذه المؤامرة ستظهر بجلاء حين يبدأ تنفيذ القرار إلى مجلس الأمن الذي فيه الكثير من التفاصيل غير الواضحة، والسؤال إذا كان الجيش اللبناني لم يتدخل حين تعرضت سيادة لبنان للانتهاك.. ولم يرد حتى حين أسقطت إسرائيل قذائفها على رأس أفراده.. هذا الجيش الذي قال إنه محدود الإمكانيات فحين سيذهب لينشر في الجنوب وتحديداً على الشريط الحدودي مع إسرائيل هل ستكون مهمته حماية الحدود اللبنانية من أية اعتداءات إسرائيلية محتملة على لبنان أم عن مهمة الجيش في الأصل وكما رسم له قرار مجلس الأمن يكمن في حماية إسرائيل من أي عمليات قد تقوم بها المقاومة الوطنية اللبنانية بما فيها (حزب الله).. وهنا تكمن المصيبة، هنا تتجلى المؤامرة في قرار مجلس الأمن الذي يدفع بالبندقية اللبنانية لمواجهة البندقية اللبنانية.. والجيش في مواجهة المقاومة وبالتالي توفير الأرضية الصالحة لنشوب احتكاكات اللبنانية اللبنانية وصولاً لحالة اقتتال أهالي لبنان تمزج في أوتونه السياسة والأحزاب والمصالح والطوائف والمصالح الدولية وتجار الموت.. هنا تكمن مؤامرة قرار مجلس الأمن .
قرار مجلس الأمن رقم (1701) بشأن لبنان انتصار أم فضيحة؟
أخبار متعلقة