قراءة في مقال
ربما الإعجاب والاحترام والتقدير لكاتبه .. بالإضافة إلى الرغبة الجامحة التي تملكتني في لحظة قراءته في هذه الصحيفة المتألقة والمتجددة دوماً .. كلها مجتمعة دفعتني وبشكل فوري وبدون أدني تردد في اتخاذ قرار الخوض في تجربة إعادة (قراءة في مقال ) سبق وأن قرأته للكاتب البحريني “ ضياء الموسوي “ كانت هذه الصحيفة الجديدة والمتجددة قد تكرمت مشكوره بإعادة نشره في عددها الصادر يوم الجمعة بتاريخ 9/3/2007م نقلاً عن جريدة “ الراية القطرية “ وهو نقل موقف والتقاط ذكي بكل المقاييس محسوب للصحيفة وطاقمها المتمرس برئاسة الأخ الأستاذ / أحمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة – رئيس تحرير هذه الصحيفة التي تألقت وأبدعت بعد مجيئه وأخذت تحتل مركز الصدارة دون منازع . اعرف أنها مجازفة جريئة .. ولكنها لن تكون عقيمة .. لأنها تأتي في إطار المحاولة التي أتجرأ وللمرة الأولى خوض غمارها .. لم ولن أراهن على نجاحها بقدر رهاني على أهميتها وجدواها ، كما سيتضح تباعاً في سياق هذه القراءة لهذا المقال التي أعادت نشره هذه الصحيفة الغراء والذي يحمل عنوان “ الجماهير العربية من الغيبوبة السياسية إلى المحارق الطائفية “ .. وفيه يستخلص الكاتب الواقع المر الذي صار يخيم على الوضع العربي خصوصاً والإسلامي عموماً . ويكتسب المقال أهميته من أهمية القضايا الراهنة التي تناولها .. وإلمامه الواسع بمجرياتها وخطوط سيرها المقلقة .. ناهيك عن تميزه بالموضوعية في الطرح والتحليل .. والشفافية في النقد والتنوير وبأسلوب جميل وتدرج مريح وبأفكار مستنيرة وحجج مقنعة في سياق استعراضه للظواهر المرضية الق أخذت تستشري كالسرطان في عالمنا العربي ولعلّ سر جمال وروعة الموضوع الذي تناوله هذا الكاتب في هذا المقال هو أنه انطوى على نبرات الحسرة والألم والحزن في معرض تناوله لهذه الظواهر .. حتى أن القارئ يتحسس هذه النبرات بانسجام وتناغم تام مع كاتبه وفي كل سطوره وفقراته . وليس من المبالغة إذا قلت إن هذا المقال التحليلي الذي اتخذ نهجاً متفرداً ومتميزاً من نوعه في العرض والتحليل والتتخيص لقضايا سياسية دينية شديدة الحساسية والتعقيد قد استطاع وعن جدارة واقتدار أن يجمع بين احترام وتقدير القارئ من جانب وأن يستحوذ من جانب آخر على عواطفه ويداعب بلطف على قناعاته الفكرية والعقائدية الضيقة ويناقشها وينتقدها بعقل المفكر ووعي المدرك والمستوعب لمخاطر بعض هذه القناعات المغلوطة والخاطئة .. والأكثر روعه أنه استطاع أن يصطحبك في رحلة ممتعة مع القراءة وبأسلوب شيق وشفاف وبلغة بسيطة وسهلة يستضيفها العقل ويقبلها المنطق .. ابتداء من التخلف الذي يصفه الكاتب بالسيف الذي مازال يتحسس يده بحثاً عن رقاب العصافير التي تريد أن تطير إلى حيث الإبداع والتحديث والحضارة مروراً بتشبيه الكاتب للواقع الذي نعيشه بالكسوف الحضاري لينتقل بعد ذلك إلى حالة “ الاستبدال “ في أمة الإسلام كما وصفها الكاتب وعلى نحو متسائل .. اختصرت المسافات ولخصت في مجملها كل الاختلالات .. وهي التساؤلات التي يخاطب فيها القارئ وينشد منه إجابات عن أسباب استبدالنا لرحمه الإسلام بسكين الحزب الإسلامي ..؟ .. وعن دوافع استبدالنا لحنان الرسول (صلى الله عليه وسلم) للأمم بمسدس فتوى الشيخ ؟ لماذا وقعنا في معاهدة أبديه مع الغضب وصرنا نكره الجمال، والله جميل يحب الجمال ؟ ونرفض تصدير الحب والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول “ وهل الدين إلا الحب “ وبات العنف الديني يتناسل فينا كما تتناسل الأرانب في ارصفتنا العربية .. بل ونصدره إلى الخارج بدلاً عن الحب! الموضوع .. طويل وما أوتيت منه الا القليل .. ومن المختصر والمفيد أن نأتي من الآخر ونعيد دعوة الكاتب علماء الدين ورجال السياسة لأن يفتحوا عقل الجمهور على الحب والسلام والإنسانية وتقديس الإبداع والمساهمة في بناء الحضارة .. بدلاً من أن نعبث بذاكرته بخطابات بعض الجمع ومواعط السكين ومن كل الاطراف لنوقد فيه روائح الدم الطائفي .. ومفخخ تجاه الآخر .. ومصفح ضد الحلم ومتوتر من الحضارة الغربية التي يرى فيها مؤامرة على دينه .. ومفيد بسلاسل الهوس الديني ومحاصر بين جبه الشيخ وربطة عنق المثقف . وختاماً أجدها فرصة لأجدد الدعوة لمن يرغب المزيد بالعودة إلى الصحيفة .. والشكر موصول لكل من أكتفى بهذا أو أراد المزيد .