د.زينب حزاممن متع الخيال السفر إلى الذاكرة،يشدنا إليها حنين دائم التجدد لا يتأثر بالزمن ولا يخبو مع مرور الأيام..نلتقي في حناياها بالذكريات نهدهدها ونغرق في حنين العودة إلى المكان الأجمل في مسار العمر،إلى الخيال الحر والبراءة الصادقة،إلى الجذور والبدايات.والفنانة إلهام العرشي ولدت في عائلة متواضعة الحال في مدينة عدن،وتتمتع مدينة عدن بالمواقع التاريخية والأثرية التي أثرت على الفنانة التشكيلية إلهام العرشي،ومن مدينة كريتر الأثرية نجد الحياة نفسها متعة بصرية دائمة فسيحة الأرجاء تغمر العين بفيض دائم من المشهد الطبيعي المتنوع الجمال،الدائم التغير مع رحلة الشمس في السماء،يتبدل الظل والنور وتتوالى تدرجات اللون اللانهائية وتتوالد الأشكال والصور خلال انعطاف الجذوع وتشابك الأغصان.عن الحوار بين الضوء والعتمة،بين البقع والخطوط،بين الوضوح والالتباس،بين الواقع والخيال أتسلق جبل أحد الصهاريج الواقعة في منطقة كريتر وأرسم لوحاتي الفنية بفخر واعتزاز بتاريخ بلادي.هكذا قالت الفنانة التشكيلية إلهام العرشي.[c1]علاقة الفنانة إلهام بالخط العربي[/c]أظن أن أول علاقة للفنانة إلهام العرشي بالخط كانت مبكرة جداً،لقد كانت رسوماً عن الورود والعصافير،على صدور ثياب الأطفال وكانت تطرزها بنفسها،وكانت تجد المتعة والسعادة الكبيرة في هذا العمل،وهي ترى رسومها على صدر طفلة،وهذه الرسومات ملونة بخيوط من حرير.وهكذا اكتشفت موهبتها في الرسم التي تأكدت منها،وهي في المرحلة الابتدائية على يد مدرسة مادة الرسم،امرأة طيبة أنيقة المظهر تحمل روح الجد أكثر من كونها مدرسة،وقد كانت فرحة بموهبتها خلال دفاتر الرسم.وتحتفظ الفنانة إلهام العرشي بالعديد من اللوحات الفنية في معملها الفني ومنها لوحة عن صيرة ولوحة عن أطفال الحجارة بفلسطين ولوحة عن تعليم الفتاة باليمن،ومناظر عن حقول البن في اليمن،كما شاركت بالعديد من المعارض المحلية والدولية ونالت الجوائز وقدمت لوحات فولكلورية يمنية في التكوين.وهكذا تعلقت الفنانة التشكيلية إلهام العرشي بالفن التشكيلي واقتنعت بالدراسة الأكاديمية في موسكو واختارتها طريقاً في حياتها.كما قامت بدراسة العمارة الإسلامية،ودراسة المواقع الأثرية في كريتر وحضرموت وذمار وصنعاء وقدمت لوحات فنية لهذه المواقع الأثرية.ما كشف عن تجربتها الفنية المميزة والمبتكرة.[c1]الجديد في فنها التشكيلي[/c]كانت آفاق الفن أمامها،ضمن انطباعاتها الغارقة في عرس الألوان والضوء والرشاقة في اللمسة ما جعلها تحس بالهوية اليمنية أكثر من كل ما قدمته من الأعمال الفنية من الروح البسيطة والصادقة التي تبدعها بعيداً عن النظريات والشعارات.وقد كانت فترة بداية القرن الواحد والعشرين تجربتها الخصبة وقدمت العديد من الأعمال الفنية منها لوحة خسوف القمر وأعمال عن الاكتشافات الأثرية الجديدة ولوحات عن المناظر الطبيعية في اليمن،ولوحات الفخار والخزف وهذه اللوحات كانت قد استلهمتها من الينابيع الأولى للجماليات الخاصة بالأمة التي تنتمي لها وهذا الهاجس خلق فناً يمنيا.[c1]الواقع والمتخيل في تجربة الفنانة التشكيلية إلهام[/c]ليس من الضروري ونحن نتأمل لوحات الفنانة التشكيلية إلهام العرشي،أن نستغرق في حالة من التأمل الطويلة،لكي تتحول نظرتنا الطبيعية والواقعية لعوالمها وعناصرها وشخوصها والوجوه عندها والألوان إلى حالة حلمية.إذ ما أن نبدأ بالتصفح البصري لهذه العوالم والإشارات والوجوه والشخوص،حتى نجد التكوينات جميعها بأشكالها وعناصرها وأشيائها والوجوه فيها تعيش اضطراباً وتغيراً وتبدلاً لأماكنها وقوانينها الطبيعية الموضوعية والتصويرية.وهي في هذا تقودنا إلى حالة جديدة من رؤية الواقع وعناصره وتكويناته ورؤاه فهي تسعى بعفوية مستندة عندها إلى مرجعية ثقافية وفلسفية عميقة،وإلى وضع الواقع موضع تساؤل.مؤكدة في ذلك أن الأشياء،كل الأشياء والناس،وكل الناس،والوجوه،كل الوجود هي بالضرورة،كما تراها حواسنا،وكما تتلمسها الأبصار في حالات محددة من التفكير والتصور والحالة الإبداعية. لذا فإننا وفي حالات فعلنا التأملي العميق للرسوم،نقاد إلى حلم اليقظة الشاعري، كاسرين بذلك- تضامننا معها- حاجز الزمان متيحين لانطباعاتنا أن تتحرك بحرية ذهاباً وإياباً في الزمان والمكان وتواكباً مع قانونها التحرري البصري.وبتعبير أدق،فإن من الأهداف الواضحة الإبداعية والتشكيلية والفلسفية هو وضع المقبول الواقعي من الأشياء والأشكال موضع التساؤل،لذلك صار وجه المرأة والطفل ووجه الطبيعة اليمنية، بالضرورة عندها- انعكاساً لهذه الفلسفة الإبداعية الطريفة.ومن أهم مميزات هذا العمل الإبداعي عندها- هو التوجه إلى مزاج الواقع من الحلم الذي تقدمه في حواسها، وليس اللاشعور عندها،من أجل الحصول على نظرة أو مشهد عام كلي يخصها هي،لما هو حقيقي في جوهره،فالحقيقة عندها أغلبها حُلم وأطياف ورؤى وسياحة في الفراغ،وقفز على حدود عناصر المادة الملموسة.لذا نجد أن أعمال الفنانة التشكيلية إلهام العرشي قد احتفظت بجاذبية أعطتها شعبية بين المثقفين والفنانين والجمهور العادي.ويعود هذا إلى قدراتها وفرادة أسلوبها الذي يجمع بين الوضوح في الرؤية واحتفاظها بعفوية فرح الطفل بالحياة وتفاصيلها،فلقد عملت طيلة حياتها على تطوير نفسها وأسلوبها حتى امتلكت ناصية التأليف والمساحة والأحجام حتى التبسيط البليغ،وقادت أوركسترا التناغم بين الخطوط والألوان ضمن سيمفونية زخرفية،إيقاعاتها متنوعة خصبة،تتناغم فيها الحيوية والسكون،الفرح الداخلي والتأمل،التكامل بين الإنسان والطبيعة،إنها بإيجاز مهندسة الفضاءات الداخلية في وحدة مناخ فني تشكيلي يبلغ الكمال في فرادة رؤيتها وأسلوبها. [c1]تعبيرية اللون[/c]استخدام إلهام العرشي لجلاءات مختلفة من الظل اللوني نفسه في التعامل مع مساحة من مساحات لوحاتها كان امتداداً أرضياً يولد لدينا إشباعاً لونياً معيناً- لون التراب ولون الأرض ولون الصحراء ينعكس تأملاً عميقاً لوجه بشري يضطرنا إلى مقاومة أي منافسة إغرائية لونية أخرى تسعى إلى تشويشنا أو صرف الانتباه عن عمق التعبير اللوني لصفحة هذا الوجه. إن التأمل الواعي لأعمال إلهام العرشي ولزخارفها ولحالاتها التصوفية والتشكلية واللونية والحركية يصل بنا إلى الإدراك العقلاني لدور الزخراف عندها في التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها والتعبير عن ولاء الإنسان وارتباطه بالأرض والتاريخ،وعن التزامه بالوطن والتراث والتقاليد والقيم عبر فهم جديد لكل هذا.وهي من وراء ذلك أي اعتمادها على الانشاح بالزخارف تقودنا إلى إدراك ومعرفة ما لا يمكن معرفته بالبساطة أو بالتلقي المباشر،إذ أن لكل لون من ألوانها مدلوله الرطوبي المحدد،وله تعبيريته الخاصة،والتعبيرية في ألوان إلهام العرشي لا نقصدها بمعانيها الواسعة الأكاديمية،فهي تشير إلى نزوعها إلى إضفاء التعبير على ظلالها اللونية؟،إلى تبني موقف إبداعي يمكن لنا رؤيته بسهولة.ويمكن لنا حتى تلمس أبعاده والناس والطبيعة،وهي في هذا تكثف استثمارها للعديد من التجارب الإنسانية بدءاً من الفن البدائي وفنون الكهف والفنون التطبيقية الشعبية والساذجة وفن المنمنمات الإسلامية. ببساطة، ما عنيته بتعبيريتها ما هو إلا الدلالة على التجربة الرحيبة الإنسانية والانفعالية المختزلة لكل جماليات التجارب العفوية والصادرة عن ذات مرهفة موحدة تجاه الصوت الإنساني الخالد.[c1]الهام العرشي:-[/c]- مواليد مدينة (عدن) الجمهورية اليمنية. - حاصلة على ماجستير فنون تشكيلية تخصص جرا فيك( قسم ملصق) من أكاديمية الدولة للفنون (سوريكوف) موسكو 1983 - 1990م.- دبلوم المعلمين والمعلمات قسم التربية الفنية 1976 - 1979م.- دراسة حرة (مسائية) في معهد الفنون الجميلة عدن1979 - 1981م.- لها العديد من التصميمات و الشعارات و الملصقات لمكتب محافظة عدن ومنظمات عديدة.- عملت ضمن الفريق الفني لمشروع (الأطفال يرسمون حقوقهم) في العديد من المدارس في مدن و قرى الجمهورية اليمنية بتمويل من السفارة البريطانية و الهولندية بصنعاء 1998 - 2001م.- عملت في مشروع ورش لرسوم الأطفال بعنوان (شبام في عيون أبنائها) في محافظة حضرموت بتمويل من منظمة (GTZ) الألمانية عام 2000م. - عملت مدرسة للتربية الفنية ومن ثم كموجهة للوسائل والتقنيات التربوية في مدارس التعليم العام من1990 - 1997.- تعمل حالياً أستاذة في قسم الفن التشكيلي في معهد جميل غانم للفنون الجميلة منذ العام 1997م .- عضو مؤسس لجمعية التشكيليين الشباب وعضو الهيئة الإدارية فيها عدن في العام 1982م.- عضو في اتحاد نساء اليمن منذ العام 1982م .- عضو في الحلقة الثقافية اليمنية الدولية في 1996م .- عضو مؤسس لنقابة الفنانين التشكيليين اليمنيين صنعاء في ديسمبر 1997م.- انتخبت رئيسة لنقابة الفنانين التشكيليين اليمنيين فرع عدن لدورتين متتاليتين في العام 1998م والعام 2001م.- لها ثلاثة معارض شخصية 1- في عدن 2- في موسكو 3- في صنعاء.- شاركت في العديد من المعارض المحلية منذ العام (1980 - 2008م).- شاركت في المعارض العربية والدولية منها في :( مصر- جمهورية تركمانيا- باريس - موسكو - لندن).- حاصلة على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية .
صيرة إحدى لوحات الهام العرشي
من لوحات الفنانة