مدارات
محمد الأمير "يلتقي الكل في مأزق .. القوي في مأزق، والضعيف في مأزق .. المنغمس في الموضوع في مأزق .. وغير المنغمس في الموضوع في مأزق.. فنحن جميعاً في مأزق .. مآزق متوازية مأزق كبير اجتمعنا فيه".هذه الكلمات قبس من تصريح لعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية. اثناء مناشدته في جهود اللحظة الأخيرة - الحكومة العراقية لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذين يشكلون اللجنة الخاصة بالعراق.وما يجعلنا نقف أمام كلمات الامين العام للجامعة العربية هو تراكم الازمات وازدياد التعقيدات وكثرة المآزق التي اشار اليها.فقد ذهب وزراء خارجية الدول المعنية إلى العراق بناء على طلب الاخير في قمة الخرطوم ضرورة عقد اجتماعهم على وجه السرعة بعد القمة.وبما أن الوزراء حزموا حقائبهم الى القاهرة بقصد حلحلة أزمة ولم يتصور احد منهم ان يوضع في مأزق والادهى من ذلك ان يختلق العراق ازمة بينما هو في ازمة ويناشد بحلها.ولايبدو ان الحكومة العراقية التي لاتزال تصارع في ترشيح رئيس لها قد استبعدت الدور العربي او انها تعمدت ذلك من خلال مقاطعتها اجتماع دعت هي نفسها اليه او انها رأت استحالة تحقيق تقدم من حصيلة هذا الاجتماع فان هي رأت ان الدور العربي غير مؤثر هنا ولاتراهن عليه لما ألحت عليه في قمة الخرطوم. بل ولاتزال تحضيراتها جارية لانعقاد مؤتمر خصص لها في عمان في الثاني والعشرين من ابريل الجاري تحت رعاية الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية وبالتنسيق مع الجامعة العربية وقيادات سنية حول امكانية احلال الوفاق بين القوى السياسية في العراق.،ومايلفت النظر ان افتعال ازمة جديدة مستحدثة في اثناء التشاور والتباحث لحل ازمة راهنة هي من خصوصيات الوضع الراهن الذي طغى على الساحة السياسية في المنطقة.ذلك انه لايبدو ان ثمة مبررات او اسباب مقنعة يمكن ان ترجح كفة من افتعل الازمة الاخيرة على حساب الآخر المدعى عليه.فما تفوه به رئيس عربي مؤخرا لايزيد كثيرا - بل انه يقل كثيرا - عن السقف الذي صرحت به الديبلوماسية السياسية ازاء الاوضاع في العراق.وان يكن ماتحدث به الرئيس العربي المذكور حول الوضع في العراق واعتقاده بان الامور تنذر باتجاه حرب اهلية يعد تكراراً لما قاله الرئيس الامريكي جورج بوش الابن قبل أيام قليلة.إلا إن الحكومة العراقية لم تحرك ساكناً حينها ولم تطالب باعتذار رسمي من الرئيس الامريكي للحكومة العراقية.ولم تقاطع الحكومة العراقية أياً من الاجتماعات مع الحكومة الامريكية بل إنها استقبلت مؤخراً وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس وهي تبتسم ابتسامة ناصعة رغم انها صرحت قبيل ايام قليلة بان بلادها / حكومتها ارتكبت آلاف الاخطاء في العراق.وبين تصريحات بوش ورايس يصرح السفير الامريكي المفوض فوق العادة إن العناصر المتنافسة على ترشيحات رئاسة الوزراء في العراق تغلب مصلحتها الشخصية على مصلحة العراق.وفي حادثة مشابهة صرح به الرئيس العربي عن ولاء معين لشيعة العراق فانه ذات التصريح الذي جاء قبل اكثر من عام ونيف من زعيم عربي وتناقلته الوكالات في العالم قاطبة.ولايستطيع احد ان يحدد المعايير التي تكيل بها بعض الحكومات العربية ازاء بعضها بعضاً.إلا إذا استخلصنا من ذلك هو ما اعتبرته الحكومة العراقية من تصريحات الرئيس الامريكي على انها من قبيل حرية الرأي والرجل يعبر عن رأيه.بينما وضعت ماصرح به الرئيس العربي في مصب آخر الا ان ذلك لايعفي من النظرة الى ان افتعال الازمة هنا ناتج عن ان الديمقراطية الرضيعة في العراق ذاتها لاتزال في أزمة أو في مأزق.