شاعر وأغنية
عياش علي محمدولد الشاعر مسرور مبروك في حوطة الفضائل لحج (لحج الخضيرة) تبناه بيت إمارة لحجية ويدعى (بيت منصر محسن العبدلي) حيث حصل مسرور على رعاية فائقة واهتمام لانظير له حتى ان مسرور كان يحاكي أمراء العبادل بلبسه الثياب الحرير وامتطاء الخيول مثلهم في المناسبات الرسمية او الدينية حتى اطلق عليه مسرور اقتدى ..ومسرور مبروك يقول الشعر منذ الصغر، وله ذاكرة قوية في الحفظ، واستخدم مسرور كخزينة لحفظ الأشعار والألحان فكان يعتمد عليه الأمير احمد فضل القمندان في حفظ الألحان، فعندما يهم القمندان بتلحين قصيدة جديدة ويقضي وقتاً في تلحينها يعتمد على مسرور مبروك في حفظها (كآلة التسجيل).. لان في ذلك الوقت وخاصة قبل الحرب العالمية الأولى كانت آلة التسجيل معدومة لهذا اعتبر مسرور الخازن الأول والمستودع الأولى لحفظ الالحان .. وعندما يأخذ القمندان راحته في النوم يستدعي مسروراً كي يرد إليه اللحن الذي سلمه له وبهذا احتفظت لحج بموروثها الغنائي بفضل ذاكرة مسرور مبروك.وفي فترة السبعينات من القرن الماضي، احتاج الفنان فيصل علوي الدخول الى عالم الغناء القمنداني فلم يجد سبيلاً الى ذلك، فلجأ الى عمه الاستاذ (صالح دبا) كي يهديه الى ذلك العالم ولكن عمه نصحه بالذهاب الى مسرور مبروك كي يحصل منه على مايريد من الغناء القمنداني فمسرور مبروك كما وصفه الاستاذ/ صالح دبا بأنه موسوعة ادبية لحجية وكذا فعل الفنان فيصل علوي فلجأ الى الشاعر مسرور مبروك كي ينهل من تراث لحج مالذ منه وطاب وكان مسرور مبروك هو الملاذ الذي حما الأغنية القمندانية من النسيان وكانت أغنية (هيثم عوض قال) من ضمن الاغاني التي قدمتها ذاكرة الشاعر مسرور مبروك للفنان فيصل علوي..تقول قصيدة (هيثم عوض قال) للامير احمد فضل القمنداني:هيتم عوض قال: ريت الارض في ودره[c1] *** [/c]باسلي القلب مابابا تشمي مغبونوحتى ولا الناس باتلقي على سمره[c1] *** [/c] القلب ماطاع يقنع والهوى مسنونهيثم عوض قال يامدهون بالخمره[c1] *** [/c]لاهانت الناس انا حاشا على ماهوففي موسمك بيت لي راعد وبامطره[c1] *** [/c]بعد العشا تسلى المكروب والمحزونيالله من الزين زانت حين بانظره[c1] *** [/c]وباجنا تين في تشرين أوكانونيابوي انا ياضتا حالي في السجره[c1] *** [/c]وذي صبح جسمه الضأني كما العرجونيبات يردف انين الشوق والزقرة[c1] *** [/c]والقلب محروق يمسي والكبد مطعونهيثم عوض قال با أعطي خاطري جبره[c1] *** [/c]مادام في القلب نبره باذلح المخزوناما مسرور مبروك وقصيدة (هيثم عوض قال) فإن لمسرور قصة معها، فهو صاحب المقالب الأدبية وكاتب المنلوج، وشاعر النقد الأدبي كانت له حكاية مع قصيدة هيثم عوض قال:تقول الحكاية:كان مسرور مبروك مسجوناً في سجن لحج( الحوطة) على (40) روبية اقترضها من الرعوي (محمد عبدالله سطيح الطاهري) من قرية الحبيل لحج.وكان مسرور مبروك وسطح قد دخلا في شراكة (مسرور بأرضه) (سطيح بفلوسه) وفي موسم نيسان وهو الوعد الاخير لتسليم الدين لم يأت مسرور ولم يسدد دينة، فقام شريكه برفع دعوة قضائية ضد مسرور وقد حكمت المحكمة بسجن مسرور حتى يسلم دينة.[c1]على ذمة الدين[/c]وفي إحدى المناسبات ألزواجيه، أقيمت مخدره بمحاذاة السجن، وكان المطرب فيها الفنان فضل محمد اللحجي الذي غنى في منتصف الليل أغنية القمندان (هيثم عوض قال) ..الشاعر مسرور مبروك كان تلك ألليله سامراً على وحي الأغاني المنطلقة من المخدرة وشاقة الصوت والمغنى، وتذكر حبيبته (زوجته) وانقطاع الوصل بينهما سبب الدين والمبلغ ألذي عنده. فتحسر وزفر وضاق فأخذ قلمه وورقة وقام بكتابة قصيدة معارضة لعقيدة احمد فضل القمندان (هيثم عوض قال:) وهي القصيدة التي قال عنها القمندان بأنها كانت الأفضل يقول مسرور في قصيدته المعارضة (القلب يمسي معلق) على نفس الوزن والقافية لقصيدة هيثم عوض قال:هيثم عوض طال رب الخلق في عمره[c1] *** [/c]ويجعله ركن للمظلوم والمسجونهيثم سلا الارض يسلي من به الجمره[c1] *** [/c]يداوي الجرح ذي وسط الحشا مدفونموصوف هيثم عوض بين العرب ذكره[c1] *** [/c]مشهور في الشعر والادب والقانون وبومحمد على هيثم عرض امره[c1] *** [/c]عساه يقرأ حروف الخط والمضمونوأبو محمد غلب عشقه على فكره[c1] *** [/c]واصبح بلا فكر تايه والحشا معجونيبات سهران طول الليل في همرة[c1] *** [/c]والقلب يمسي معلق والكبد مرهوفياهل ترى هل لهذا الحب شي قدرة[c1] *** [/c]والا شعوني مهيم مثلما المقرونليت الهوى يجذب الاثنين بالجبره[c1] *** [/c]مافايده حد يقع عاقل وحد مجنونوالاعزمنا وتممنا على السفرة[c1] *** [/c]بانشتكي بالهوى عند الملك قارونويختتم قصيدته بالقول:الحب يحتم على بغداد والبصرة[c1] *** [/c]يحتم على النيل والدجله مع سيحونوهذه القصيدة غناها مسرور مبروك نفسه وغناها الفنان عوض عبدالله المسلمي، واخيراً غناها الفنان عبدالقادر بامخرمة..اما خروج مسرور مبروك من سجن الحوطة فكأنه أشبه بمسرحية شاءت الأقدار ان تكون ضمن تاريخ حياته المملوءة بالحسرة والشوق والألم والبؤس والفقر معاً..وتقول سيرة خروج مسرور مبروك من السجن ان الشاعر (عبدالقوي علي سعيد) وهو يعمل كمساعد طباخ عند القمندان جاء الى السجن لزيارة احد معارفه المسجون في ذلك السجن فعرف ان مسروراً مسجون ايضاً فطلبه ولما تقابلاً في غرفة الزيارات، أطلعه مسرور على قصته كاملة فرد عليه زميله (عبدالقوي) انك يامسرور (ماشي باتمسي الليله في السجن).فقال مسرور باك توصلي رسالة للأمير احمد فضل القمندان، وكانت الرسالة قصيدته المعارضة لقصيدة( هيثم عوض قال ريت الارض في ودره)وتحقق وعد زميله مساعد طباخ القمندان ، اذ ان القمندان اصر باطلاقه من السجن بعد ان وصلته قصيدة مسرور وقام القمندان بمواساته وتطييب خاطره ثم اعطاه 40 روبية يعطيها لغريمه (سطيح) و40 أخرى يرتاح بها مع ام أولاده (ام احمد) التي حرموه منها (طيلة) ( عشرة ايام) فقط واليوم كالدهر عند المحبين.