إطلاله على أدبيات الاستقلال الوطني
نجوى عبدالقادركان يوم الثلاثين من نوفمبر حدثاً عملاقاً ظللت أثاره مختلف أوجه حياتنا وكان البداية الحقيقية للاستقلال الثقافي بمعناه الشامل فبدون السيادة الوطنية لايمكن إعادة خلق الشخصية الوطنية ، وبالنتيجة الشروع في البناء الحضاري مادياً وروحياً.لقد كان الواقع الاستعماري يسم بنية المجتمع بمظهر التخلف والقهر، كما ان الأوضاع الثقافية في البلد كانت تبعث على التردد ودراسة أدبيات الاستقلال- حسب قول الشاعر الراحل عبدالله سلام ناجي: " لن تجنح بنا الى الجانب المجافي للحقيقة إذا هي لامست بعض التواصل الشكلي والانفعالي الذي كسا كل الانتاج الأدبي العاكس لمختلف اشكال النضال الوطني قبل الاستقلال ... وتفجر العمل المسلح من الريف من شأنه ان يغير مضامين الأشكال الادبية بما رصف من شحنات تستعجل الخلاص من المستعمر ، غير ان التعبير عن فرحة الجلاء والبداية في البناء الوطني جسد واقعاً جديداً تميز بفرح مجهد بغشاه العديد من التناقضات والاعصاب المشتعلة، لذلك لم تكن الادبيات أكثر من معالجات متنافرة تابعة للتمايزات التي أخذت تتسع":عندما ازف اجل الثورة الذي لا راد لاندفاعه عبرت الكلمة عن املها بميلاد فجر جديد، فلما تنفس هذا الصبح كان ثمة من يرقبه ويعرف حقيقته ويعزف اوتاره:[c1]كانت الساعة لا أدريولكن .. من بعيدشدني صوت المأذنذهل الصمت تداعت في جدارالليل ظلمةوتمطى في دمائي حب شعبثم اقصى في عروقي جرح أمةوأطلت عشرات الاحرف الحمراءأسراب القوافيملء بحر لايحدقاعة قلب ووجدوالصدى أي حريقابداً لن يستريحلم اسلها؟ لم أقلمن أي غاب قد اتيت؟لي انفاس ملتكنت ادريماعلى ردفان يجريكنت ادريان اخواني واهلياذرع تحتضن النوروأرواح تصلي" الشاعر/ عبده عثمان"[/c]كانت اليمن تختزن براكينها .. وكانت غيوم الغضب تتجمع وبروقها تنذر بقرب مطر الثورة..وكان لابد ان يرد الشاعر والفنان على ذلك بتأكيد الانتماء للوطن ، وبالانشداد للحرية والخلاص:[c1]أفلاذ اكباد الجنوب تجمعوافرقاً كأسراب النسور الحومفوق الجبال وفي الكهوف وحيث لاترقى اليهم عين وغد مجرمسكتوا وارسلت البنادق منطقاًهو فوق سحر بلاغة المتكلمكم ساق اعداء الاله اليهموجيشاً كأمواج الخضم المرتميالنار تزار والحديد امامهوالجو يقذف بالقضاء المبرمنسف الجبال السافرات فلم يصبالا سواماً في الهضاب الجثمورمى المعاقل غير ان صخورهالم ترتعد فرقاً وتتألمفارتد مذعوراً بديداً شملهوعلى رؤاه الخوف جد مجسم[/c]لقد حقق الشعب اليمني نبوءة شعرائه الذين لم يشكوا لحظة في النصر، وكان الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م.. ولقد غنى كثير من الشعراء بزرع هذا الفجر الذي انتظروه طويلاً حتى اطل اليوم الموعود: [c1]أخي كبر الفجر في أرضناواجلى الزمان لنا يومناأخي بشر النور انا التقيناوقد وحد الحق مابينناأخي كبرياء النهار العتيدتميل اختيالاً بأفواجنافأين الأعاصير من زحفناواين الصواعق من ضربناعلى هامة النجم شك الكفاحفخاراً وسام انتصاراتنا[/c]إن الاحداث العظيمة في تاريخ الشعوب تسبقها وتمهد لها عادة ارهاصات ونبوءات الخلق والابداع، ومخاض التشكل والتكوين ،ونبواءت الشوق والالهام والاستشراف الكلمة بدء.. كان لابد للبدء من تكملة مامن ذلك بد.. الكلمة قالت وقالت الشيء الكثير .. كان يراد لليل ان يظل سرمداً ، وللثورة ان توأد، وللافواه ان تكمم .. ولكن .. اذا كممت الافواه فالنفوس تشتعل.. لقد اخترقت صيحات الثوار كل جدران السجون ، وتحدث كل فظاعة المشانق.لقد صلى جميع اليمنيين من اجل الثورة واذكوا جذوتها بالدماء وبعد مسيرة الالم والامل اطل الفجر وارتفع علم الحرية عالياً خفاقاً:[c1]على أرضنا بعد طول الكفاحتجلى الصباح لأول مرةوطار الفضاء طليقاً رحيبابأجنحة النور تنساب ثرةوقبلت الشمس سمر الجباهوقد عقدوا النصر من بعد ثورةواقبل يزهو ربيع الخلودوموكب ثورتنا الضخم اثرهتزين اكليله الف زهرةويرسم فوق اللواء الخفوقدمائي تضيىء لاول مرةبلادي حرة [/c]