مع الأحداث
نجوى هاشم : طالبت المشاركات في ملتقى مبادرة الطلاق السعودي باعتماد اجازة طلاق رسمية للمطلقات في أنظمة العمل تصل الى ثلاثة أيام اسوة بإجازة الزواج والوفاة والولادة. أعرف ان هناك اجازة أمومة شهرين، وعدة وفاة زوج، لكن لا توجد اجازة زواج على الإطلاق!!!. الشيء الآخر كيف ستحصل المطلقة على الإجازة إذا لم تعلن عن طلاقها؟ وهل من الممكن أن تتقدم امرأة عاقلة، متزنة في مجتمع كمجتمعنا تحكمه أطر النساء المتزوجات طلب إجازة من عملها كونها حصلت على طلاقها أمس؟ وهل عليها ان تقدم صك الطلاق الذي لا يستخرج عادة في حينه الى الجهة المسؤولة عنها لتمنح على ضوئها الاجازة، كما هو الحال عندما يتوفى الزوج وتقوم الموظفة (زوجة المتوفى) بتقديم ما يثبت الوفاة، ومثله ابلاغ الولادة؟ الفكرة في حد ذاتها جيدة، وإنسانية، وتراعي مشاعر هذه المطلقة التي تهدم منزلها إما بإرادتها ورغبتها في الطلاق، او بجبروت الرجل وتخلصه منها والتخلي عنها مع أطفالها بعد عشرة العمر. لكن ينبغي ان توقف أمام طلاق وطلاق، رغم أنهما في النهاية طلاق للمرأة، والسبب ان بعض النساء تمضي حياتهن مستقرة وهادئة ولا ينغصها شيء وفجأة يقع الطلاق عليهن دون اسباب اما لزواج الرجل من أخرى، او لأسباب تظل تلك المرأة التي كانت آمنة ذات يوم تجهلها حتى تغادر الدنيا، ومع ذلك لا أعتقد أنها ستسارع بمجرد أنه طلقها إما برمي كلمة الطلاق عليها، او ارسال صك طلاقها، او إبلاغها بالطلاق غيابياً بالركض الى جهة العمل لطلب اجازة طلاق، خاصة وأنها ستكون في إجازة نفسية قاسية وضياع وجداني رهيب، وانقلاب حياتي لا تعرف عنه، ولم تكن مستعدة لمواجهته أبداً، وبالتالي تصبح الاجازة هنا لا تعنيها، ولا تحتاجها رغم تعبها، لأنها لن تبلغ عن طلاقها لمن حولها، وأنا اعرف زميلة لي ظلت مطلقة عامين ولم نعرف عنها شيئاً، وأخرى اقابلها اسبوعياً ظلت مطلقة أربعة أشهر ولم تتحدث، فقط تقول انا متعبة او غير منضبطة المزاج. ومثل هؤلاء يتحرجن ان يبادرن بالإبلاغ عن الطلاق، او التحدث عنه، او حتى طرحه أمام الآخرين مهما كانت العلاقة. وبعض النساء هن من يطالبن بالطلاق ويسعين له عندما تستحيل الحياة بينها وبين الرجل، فتظل تركض سنوات في المحاكم بحثاً عن الطلاق حتى تحصل عليه وهنا ومن تجربة صديقة لي عندما اتصلت لتبلغني بفرح أنها عائدة من المحكمة وقد طلقت بعد معاناة ثلاث سنوات للبحث عن الطلاق، وأنها ستعزمني على عشاء فاخر أنا وهي فقط، وشرحت لي كيف انها مقبلة على العمل والحياة، وتريد أن تفرح وتنطلق بعد سنوات الغم. المهم هنا أن مثل هؤلاء النساء لا يعنيهن ان يعرف الآخرون قضية الطلاق فهي شخصية بالنسبة لهن وقد تقتصر على معرفة من هم أقرب الأقربين. والبعض الآخر من النساء وهو آخر موضة يقمن حفلات فرح عند الطلاق، والتخلص من الزوج، وذلك العذاب المرير الذي اذاقه لها، لكن تظل حفلات الطلاق والاحتفاء بها مبالغة مرفوضة من قبل الكثير، إلا اذا كانت تلك المرأة كما اعترضت احداهن قد شكل لها طلاقها خروجاً من سجن أبدي كانت ستقضيه داخله. المحصلة أن اغلب النساء لن يستمتعن بهذه الاجازة، ولن يقمن بطلبها الا في أضيق الحدود، ولأن كثيراً من نسائنا لازلن حريصات على دعائم البيوت حتى وإن كانت آيلة للسقوط، أو أنها سقطت، وأنه لا تزال هناك مقاييس محكمة لقياس ملامح العلاقة الزوجية حتى بعد غيابها، والحفاظ على صورتها الهلامية.*عن / جريدة ( الرياض ) السعودية