لقد منَّ الله عَلَى هَذِهِ الأمّة بميزة عظيمة لَمْ تكن لغيرها وَهِيَ حفظ الرّسالة الَّتِي أنزلها عَلَى محمد صلى الله عليه وسلم (( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا لَهُ لحافظون )) [الحجر: 9] فكان ذَلِكَ يقتضي أَنْ نكون أمّة متميّزة عَنْ كلّ الأمم السابقة حتّى نما حفظ عَلَى روح هَذِهِ الرّسالة ونقوم بِمَا أوجب الله علينا من الدّعوة إِلَيْهِ (( كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عَنْ المنكر )) [آل عمران: 110] ولذلك رفع نبيّ هَذِهِ الأمّة صلى الله عليه وسلم شعار المخالفة فِي كلّ شيء وحذّر من مشابهة المغضوب عليهم أَوْ الضّالين من اليهود والنّصارى حتّى لاَ نذوب فِي تِلْكَ الأمم ونأخذ من أفكارهم وأشكالهم يؤثر فِي دين الله عَزَّ وَجَلَّ ويخرج النَّفْس عَنْ الطّريق الصّحيح وهم يرفعون شعار العداوة باللّيل والنّهار (( ولن ترضى عَنْكَ اليهود وَلاَ النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم )) [البقرة: 120] ولذلك جعل عَلَيهِ الصّلاة والسّلام أكلة السّحر هِيَ الفاصل بَيْنَ صيامنا وصيامهم فقال: ( فصل بَيْنَ صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السّحر )صحيح الجامع (4207)، وبذلك عندما يحمل الإنسان نفسه عَلَى القيام قبل الفجر فِي وقت السّحر وَهُوَ من أكثر الأوقات الَّتِي يعشق فِيهَا الإنسان النّوم ليتسحّر، بل كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسحّروا وَلَوْ بجرعة ماء ) صحيح الجامع (2945)، فَهُوَ يعد نفسه لهذه المخالفة ويكون تحت ضوء التميُّز فيتطبع بِهَذَا الخلق الكريم الَّذِي أمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حتّى لاَ تهلك الأمة فتغيّر دين الله عَزَّ وَجَلَّ وتحرف عبادتها عَنْ الصّراط المستقيم ويبقى المفهوم هُوَ اتّباع الأمّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لنخرج أنفسنا من ذَلِكَ التحذير ونستعدّ لَهُ نفسيّاً وعمليّاً ( لتتّبعنّ سنن الَّذِينَ من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتّى لَوْ سلكوا جحر ضبّ لسلكتموه ) قالوا: اليهود والنّصارى؟ قَالَ: ( فمن؟ ) صحيح الجامع (5063). ولذلك فلنتّخذ من أكلة السّحر فِي رمضان شعاراً لنتميّز عَنْ أمّة الكفر والنكران. والله المستعان.
التميز
أخبار متعلقة