طهران/14 أكتوبر/ اليستير ليون: بعد خمس سنوات يحق لإيران أن تشكر الولايات المتحدة على دعمها بغير قصد مسعاها لمد نفوذها الإقليمي عن طريق الإطاحة بحكم صدام حسين أحد ألد أعداء طهران. وهزم الجيش الأمريكي بالفعل حركة طالبان الأفغانية بعد هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة عام 2001 وكانت النتيجة غير المتعمدة لذلك هي الإطاحة بعدو آخر لإيران وترجيح كفة طهران في ميزان القوى الإقليمي. وقال والى نصر من مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن «إزاحة هذين النظامين دون خليفة قوي أفاد إيران بدرجة كبيرة... وأتاح الفرصة لها لمد نفوذها.» ولا يمكن لإيران أن تستبعد تماما احتمال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري لتدمير مواقعها النووية وقد يتضح ان اقتصادها المعتمد على النفط معرض للخطر بعد بضع سنوات لكنه الآن في صعود قوي. وترك انهيار الجيش العراقي السريع في عام 2003 إيران الشيعية دون منافس عسكري قريب منها وأضعف العالم العربي وحكوماته وأغلبها سنية. وعززت إيرادات استثنائية بسبب ارتفاع أسعار النفط من إحساس الجمهورية الإسلامية بقوتها تحت قيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي تحدى الجهود التي يقودها الغرب لاحتواء طموحات طهران النووية عن طريق عقوبات تفرضها الأمم المتحدة. وقال الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاظ «نحن نكسب 270 مليون دولار كل 24 ساعة... بالعملة الصعبة انه مبلغ ضخم... إيران يمكنها توجيه إيراداتها النفطية لشراء الولاءات بالداخل وشركاء استراتيجيين بالخارج.» وفي الأعوام الخمسة الماضية أصبحت إيران لاعبا مهما في العراق فعززت علاقاتها بالشيعة وطوائف أخرى. واكتسبت نفوذا في أجزاء أخرى من العالم العربي عبر تحالفاتها مع سوريا وجماعة حزب الله اللبنانية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية. ويشعر حلفاء الولايات المتحدة العرب بالقلق مع صعود نفوذ طهران لكن بعد الفوضى التي أسفرت عنها حرب العراق فإنهم يخشون أن يؤدي أي هجوم أمريكي على إيران إلى إشاعة اضطرابات جديدة تكلفهم الكثير.، ويبدو من الناحية النفسية أن إيران هي صاحبة اليد العليا. وقال نصر «لا يهم ما إذا كان ما نقوله صحيحا سياسيا لكن العالم العربي أظهر خوفا شديدا وقلقا بسبب إيران لم تبد إيران مثله.» وتراجعت احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد إيران بدرجة كبيرة بعد صدور تقييم للمخابرات الأمريكية في ديسمبر كانون الأول الماضي أكد بشكل مفاجئ أن طهران أوقفت مسعاها لإنتاج سلاح نووي في عام 2003 ولم تستأنفه على الأرجح منذ ذلك الحين.، وحولت هذه النتيجة الانتباه بعض الشيء عن سعي إيران الدؤوب لتخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ ذاتية الدفع التي يراها بعض المحللين الغربيين أكثر أهمية من أي محاولة وشيكة لإنتاج قنبلة ذرية. وقال دبلوماسي أوروبي يرى أن الوثيقة الأمريكية زادت من صعوبة حشد القوى العالمية وراء تشديد عقوبات الأمم المتحدة على إيران «لم نغير تقييمنا للتهديد لكن تقرير المخابرات الأمريكية سحب البساط من تحت أقدامنا.» وفي الأشهر القليلة الماضية زار العديد من الزعماء العرب طهران في حين قام احمدي نجاد بجولة مهمة شملت العراق والسعودية والإمارات وقطر تهدف جزئيا إلى تهدئة مخاوف العرب من نفوذ إيران الإقليمي الجديد. وقال الدبلوماسي «هذا يظهر انه أياً كان رأي العرب في زعماء إيران فإنه يتعين عليهم أن يأخذوا في الاعتبار أنه بعد سقوط صدام فإن إيران تصعد كقوة إقليمية كبيرة في المنطقة.»، وتعتبر هذه لعنة بالنسبة للولايات المتحدة التي اتسمت علاقاتها مع إيران بالحقد المتبادل منذ ان أطاحت الثورة الإسلامية بحكم الشاه حليفها الرئيسي في منطقة الخليج. ويتهم الرئيس الأمريكي جورج بوش إيران التي وصفها عام 2002 بأنها جزء من «محور الشر» بالتدخل في شؤون العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية وهي اتهامات تعيد طهران توجيهها مباشرة للولايات المتحدة. وقال محللون في طهران إن إيران التي تسعى لإحباط الأهداف الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة تريد أن يبقى العراق دولة واحدة تضمن مصالح المجتمع الشيعي لكن لا تكون قوية بما يكفي لتهدد جيرانها. وواشنطن التي تشارك طهران في التزامها بوحدة العراق دفعت دبلوماسييها في بغداد لعقد ثلاثة اجتماعات مع نظرائهم الإيرانيين في العام الماضي.، لكن المناقشات الرسمية لم تتطور إلى حوار أوسع نطاقا يهدف إلى حل النزاعات الأمريكية الإيرانية. وقال نصر إن الولايات المتحدة التي تتمتع بوجود عسكري قوي في العراق وأفغانستان والخليج مازالت تسد الطريق أمام إيران.، وأضاف «إيران في نهاية الأمر لا يمكنها تأكيد وضعها الراهن والتوازن الجديد الذي ظهر في المنطقة دون ان تتوقف الولايات المتحدة عن مقاومتها.»، وتابع «احمدي نجاد مقتنع بأن إيران يمكنها شق طريقها بالاستئساد والمشاحنات. وأنا لست واثقا مما إذا كان جميع زعماء إيران مقتنعين بهذه الإستراتيجية.»