علي هاشم عليصباح يوم السبت السابع من نوفمبر 2009 رحل عن هذه الدنيا رائد الفن التشكيلي الحديث في اليمن الفنان الكبير الأستاذ هاشم علي عبد الله مولى الدويلة وكما قال الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق بأنها لحظة يموت فيها كل شئ ولا نستطيع معها فعل إي شئ. نعم إنها لحظة الصدمة الذي تخلق الذهول ويتوقف عندها كل شيء كرد فعل مباشر للتعبير عن شعور داخلي بعدم التصديق أو ربما الرفض بالتسليم لمنطق قدري حتمي واقعي أصبح حقيقة ماثلة وجب التسليم بها وطالما أن من رحل عنا أعظم وأجل مما بقى فإننا ندرك تمام الإدراك أننا لسنا بحاجة إلى تجسيد ألم هذه الفاجعة الكبيرة التي حلت بأهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه، ولا إلى وصف مقدار الحزن والأسى الذي أدمى القلوب على ما أصابها لأن ذلك وضع بديهي مصاحب لأي رحيل واصل لا يقبل التغيير وإن تنوعت طرق التعبير والتي يتم استخدامها بإتقان محكم لإظهار حالة من صدق التفاعل مع الحدث حتى ضمن فئة لا تنتمي إلية بأي شكل من الأشكال أو ضمن فئة كانت سببا من الأسباب في بلوغ الحدث ذروته القصوى المتمثلة بالرحيل الواقعي الحتمي الذي أستدعى المشاركة الإلزامية لكل تلك الأطراف لتتخذ ظاهرا الشكل المحدد لها وتبطن قهرا المضامين المختلفة لها تجاه من وقع عليه الحدث خاصة إذا كان علما بارزا أو هامة من الهامات الإبداعية الكبيرة من المؤكد أنها سوف تترك وراءها العديد من التساؤلات والاستفسارات التي تتطلب منا البحث عن إجابات لها قد نجد بعضها في الوقت الراهن وقد يتكشف بعضها الآخر في المستقبل وقد يبقى بعضها دون إجابة وعند هذه النقطة نكون قد وصلنا إلى نهاية المطاف حيث قمنا بما يجب القيام به بإحكام واستكملنا إجراءات الشكل الروتيني البديهي وفق ما تقتضيه قاعدة التعميم المؤسسة لمثل هذا الحدث، لذا لم يكن لزاما علينا الخوض والاستطراد في بيان وتوضيح تفاصيل معلومة مسبقا لدى كل متلقيها حتى دون ذكرها. وبدلا من ذلك وجدنا أنفسنا في خضم هذا الرحيل حيثيات ودلالات أخرى وجب الوقوف عليها بقدر كبير من التفكير والتأمل علنا نصل من خلالها إلى إستنتاج أنماط جديدة ذات قيمة عظيمة مخالفة للتكرار المألوف قد يكتب لها التواصل والاستمرار حتى يتحقق لها الثبات الإيجابي القابل للتعديل لما هو أفضل وفق التطور المرحلي.أول ما يبرز لنا في هذا المجال هو الوضع العام للمبدعين في هذا الوطن وهاشم علي حالة من فئة كبيرة من المبدعين كانت ولا زالت على إمتداد فترة طويلة من الزمن وحتى يومنا هذا تعيش حالة من التجاهل وعدم الإهتمام والتقدير لما تقدمه من عطاءات إبداعية كلا في مجاله تسهم في إحداث نقلات نوعية تطورية للأرض والوطن والإنسان فكان حقهم أن يقابلوا بكثير من التبجيل وأن ينالو حظا أوفر من حياة كريمة مستقرة تؤمن لهم الإستمرار والتواصل في تقديم مردودات إبداعية كبيرة لكن العكس من ذلك هو الذي يحصل فصاروا بما يفعلونه وكأنهم ضبطوا بالجرم المشهود حينما قاموا بممارسة الإبداع ليلقوا أقصى العقوبات التي تحكم عليهم بالعيش في أشد الحالات سوءا وبالتالي جعل المعاناة السلاح الفتاك لؤاد إبداعهم وتضعيفه.هذا النمط المتكرر حدوثه لكل المبدعين عندما نقف لتوديعهم الواحد تلو الآخر وهم يرحلون محملين بكل عذاباتهم التي عاشوها ألم يحن الوقت للإعتبار والسعي إلى تبديله بنمط إيجابي آخر لكل مبدع جديد قادم بدلا من الأسى والتأسي على من رحلوا والتواصل على التكرار بلا تغيير وإلى متى سيظل الموت رسول الرحمة الذي ينتظره كل المبدعين الصادقيين ليبشرهم بالرحيل لأنه أملهم في النجاة والخلاص من الشقاء.كما يبرز لنا في هذا السياق قضية ساهمت كثيرا في وقوع جور كبير على معظم مبدعي هذا الوطن وهي قضية الأسس والمعايير والصفات التي يجب أن يتحلى بها المبدع المكرم حسب ما يقتضيه مقياس التكريم الذي قام واضعوه بتحديد بعض الشروط الأساسية التي يجب توفرها في الإنسان المبدع الذي ينبغي أن يكرم تكريم حقيقي يصل به إلى حالة من الإستقرار الإنساني التام نذكر من هذه الشروط أهمها وأقوها وهو أن المبدع يجب أن يكون يمنيا مقيما خارج اليمن وصل به الأمر إلى حالة من الإشباع والإكتفاء وهو في غنى عن التكريم ولا يربطه بقضايا وطنه الإنسانية والابداعية رابط بل وأن وصل به الحال إلى إنكار إنتسابه إلى وطنه المهم إنطباق الشرط عليه أو أن يكون المكرم أجنبيا مقيما في اليمن لأي سببا من الأسباب. أما أن تكون مبدعا يمنيا مقيما في وطنك مرتبطا بكل قضاياه الإبداعية والإنسانية فإن صادف وتم تكريمك فإن ذلك يكون من باب الإستثناء الممكن من الشرط لغاية مرجوة لا تقديرا وإجلالا لإبداعك وإنما كإستثناء يبنى على أن الغاية تبرر الوسيلة.لذا نجد أن فنان مبدع بحجم هاشم علي وكثير من المبدعين الآخرين ممن هم على شاكلته لا يحق لهم أن ينالوا التكريم لعدم إنطباق هذه الشروط عليهم وإنما حسبهم من التكريم قول الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي:كفى بك داءا أن ترى الموت شافياوحسب المنايا أن يكن أمانيا[c1]السيرة الذاتية للفنان التشكيلي هاشم علي: [/c]- هاشم علي عبدالله مولي الدويلة - الميلاد:1945م - متزوج وله ثمانية أبناء - في حضرموت تلقى مراحل تعليمه الأولى - درس الفن دراسة ذاتية واحترافه في عقد الستينيات من القرن الماضي - تتلمذ على يده عديدون هم الآن من ابرز الفنانين التشكيليين اليمنيين. - فتح مرسمه لتدريس الفن التشكيلي عام 1970م. - اشتغل لفترة بعدد من أعمال البناء والتجارة. - تحدث الانكليزية بطلاقة مما ساعده على الاطلاع على أمهات الكتب الانجليزية الفنية. - له أكثر من 45 مشاركة في معارض جماعية في اليمن وخارجه كما له 17 معرضا داخليا شخصيا أقام أولها في عام 1967م. - حصل عام 1971م على منحه تفرغ كفنان من دولة الجمهورية العربية اليمنية سابقا في العام 1986م. - ساهم في تأسيس جمعية الفنانين التشكيليين اليمنيين وانتخب رئيسا لها - عضو مؤسس نقابة التشكيليين اليمنيين عام 1997م. - حاز وسام صنعاء الذهبي من الدرجة الأولى كما حاز وسام الدولة للآداب والفنون من الدرجة الأولى عام 1989م، وحاز عام 2001م على الدرع التكريمي لمؤسسة السعيد للثقافة والعلوم.
أخبار متعلقة