أفكار
هناك من يري أن التعٌرض للحياة الخاصة لمسئول كبير أو لشخصية عامة بالقول الإذاعي، أو النشر المقروء، أو العرض التليفزيوني لا غبار عليه لأن من ‘حق’ الرأي العام كما يؤمن البعض أن يتعرف على مالم يكن يعرفه عن المسئولين الكبار والصغار وعن الشخصيات العامة الشهيرة سواء كانوا محبوبين من الجماهير أو مكروهين منها!وفي المقابل.. فإن هناك خاصة بين المسئولين والشخصيات العامة من يرفض هذا المبدأ ويعتبر أن المساس بالحياة الخاصة للمواطن أيا كان منصبه أو شهرته هو اقتحام وعدوان صريح على خصوصية المواطن خاصة إذا كان من المسئولين أو من الشخصيات العامة الشهيرة بعملها أو إبداعها!رأيان متناقضان.. ولكل منهما وجاهته ومبرراته، من جهة، وعيوبه ومبالغاته من جهة أخري. والطريف أن هذا التناقض ليس مقصورا على آراء الناس وإنما نراه أيضا في القوانين والمواثيق الدولية. فهناك دول ينص قانونها على حرية الإعلام وحقه المطلق في التعرٌض للحياة الخاصة للشخصيات العامة ومسئوليها وحكامها. وهناك في المقابل دول أخري يعاقب قانونها من يتعرٌض للحياة الخاصة كذبا أو حقيقة لإحدى الشخصيات العامة، وعادة ما يحكم القضاء في تلك الدول المحافظة على قدسية الحياة الخاصة لصالح المتضررين من التشهير والسب والقذف ويجعوٌض بعشرات أو مئات الألوف من الدولارات تدفعها الصحيفة أو القناة التليفزيونية أو ناشر الكتب.مناسبة هذا الحديث ما أعلن بالأمس عن سلسلة من القضايا رفعها ورثة الفنان العالمي الراحل ‘بيكاسو’ ضد صحفية فرنسية اسمها: ‘بيبيتا دو بو’ خصصته عن ‘جاكلين’.. آخر زوجات ‘بيكاسو’ تحت عنوان: ‘الحقيقة عن جاكلين وبابلو بيكاسو’!ليس مهما أن تكون الصحفية قد التزمت ب ‘الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة’ .. وإنما المهم فقط أن ورثة الفنان العالمي وآخر زوجاته ‘ جاكلين’ صدموا في هذا الكتاب ووجدوا فيه تشهيرا ب ‘بيكاسو’ الذي مات وشبع موتا وبزوجته ‘جاكلين’ والإساءة بالتالي لكل أفراد العائلة. وقرر الأبناء والأحفاد رفع أربع قضايا ضد الصحفية مؤلفة الكتاب ، وضد ناشره، بتهمة التشهير بالرسام العالمي، وزوجته، والعائلة.. بصفة عامة.القضية الأولي رفعتها حفيدة الراحل العظيم ‘مارينا بيكاسو’ أمام إحدى محاكم باريس وتتهم فيها المؤلفة والناشر بالتشهير ليس فقط بوالدها العظيم، وإنما السب والقذف والتشهير أيضا بأخيها الراحل: ‘بابليتو ‘ الذي كانت له مشاكل صحية، نفسية، لا يجوز الكشف عنها.أما القضايا الثلاث الأخرى فقد رفعتها ‘كاترين’ ابنة ‘جاكلين’ من زواج سابق تطالب فيها المؤلفة والناشر بتعويض يبلغ600ألف يورو عن سلسلة من الاتهامات أبسطها التشهير والسب والقذف وأخطرها التشكيك في ذمة أولاد جاكلين وعدم الالتزام بتنفيذ وصيتها!المؤلفة تستعد لهذه القضايا بدفاع وحيد يتعلق بحرية التعبير، والزعم بأن ماكتبته هو الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة! المجني عليهم يرفضون هذا الدفاع ويسخرون من صاحبته ويؤكدون أن القانون يقف معهم في إدانة من يقتحم الحياة الخاصة لرموز عظام أسعدوا البشرية بإبداعهم وأعمالهم وبدلا من تعظيمهم أشبعوهم نقدا وذما وقذفا وتشهيرا.*عن/ صحيفة الأخبار المصرية