في أربعينية رائد الحركة التشكيلية
د. يحيى عبد الله الدويلة:اختطفت المنية منا أعز إنسان عرفناه منذ أن كنا أطفالا هو الفنان التشكيلي الكبير هاشم علي وما يزيدني فخرا واعتزازا أن معرفتي وصداقتي به قبل صلة الدم والنسب التي تربطني به ستتيح لي فرصة التغلغل في التبحر في سيرته الذاتية وحياته الشخصية وفهم أعماله من خلال صانعه.وقد أفاد التصاقي به وجلساتي الكثيرة معه خصوصا أيام الخميس في التوصل إلى بعض خيوط هذه الشخصية من خلال معايشة أعماله ليس فقط في فترة ما بعد الوحدة بل وما قبلها، فأجد نفسي أمام تأريخ عظيم يمتد منذ الستينات حينما كنت طفلا وكان هو شابا حيث بدأ يمارس أعماله في فن التشكيل في منزلنا في منطقة الدرين بمحافظة عدن وإلى يومنا هذا ما أتاح لي فرصة رؤيته في خط متصاعد لا يكاد ينقطع من التواصل، رحلة طويلة من العمل والاجتهاد والكد والتعب والمعاناة لكنها أيضا لا تخلو من والفرح والفكاهة والمتعة.لا تخلو جلساتي مع عمي المرحوم هاشم علي من التذكر واجترار ما فيه من صور لا تزال محفوظة في ذاكرته والتي تقاوم النسيان وتلح عليه بين الحين والحين، خصوصا عندما يستعيد صوره التعبيرية لمراحله الأولى مسقط رأسه مدركا أن السنوات الأولى من حياة الإنسان هي التي تسهم في تشكيل شخصيته بعد ذلك، فكثيرا ما يصف لي البيئة التي ترعرع فيها، فأزهارها لا مثيل لها وفواكهها لم يجد لها طعما مثيلا هنا وأنهارها لن تجد ما يضاهي نقاوتها في أي مكان في العالم وأشياء كثيرة، إنها الجنة المفقودة في مخيلته. غير أن هذا الجمال ما كان له أن يستمر بل كان عليه أن يطرد من الجنة فلم يرق لأهلةهتمرد ولدهم على بعض القيم والعادات الموروثة ولم يستطع خاله أن يحميه فقد كان القرار صعبا وقد أتخذ ولا رجعة فيه وما على الصبي إلا أن ينفذه وكان السفر إلى اليمن مثواه الأخير وعليه أن يجد القدر الكافي من تعليم العلوم الدينية وكانت محطته الأولى حضرموت والتحق بمدرسة الرباط وأنظم بعدها إلى أخيه والدي الفقيد عبد الله الدويلة في أبين.يصف عمي هاشم علي هذه المرحلة التي قضاها في أبين بأنها كانت مرحلة الخواء الفكري حيث لم يتلق فيها أي نوع من التحصيل العلمي أو الثقافي، وهو يقول عن هذه المرحلة أن المصدر الوحيد للتثقيف الذاتي هو بعض الصحف القومية أو اليسارية مثل مجلة الحرية، الصياد المصور وفي رأيه أن هذه الصحف لم تكن تقدم غذاء معرفيا نوعيا ولكنها كانت ذات أهمية لبعض قيادات الجبهة القومية، غير أنه يعتبر هذه المرحلة ذات نكهة خاصة وذكريات جميلة ولها فضل عليه في تعلم فنون النجارة حيث عمل مساعد نجارا لفترة طويلة.وأنتقل بعدها إلى عدن أثناء الكفاح المسلح، وكانت عدن آنذاك مركزا مزدهرا للثقافة الموروثة من الانجليز بقدر ما كانت ميناءا تجاريا مهما ومزارا للسياح الانجليز والأوروبيين وهنا بدأ أول ممارسة له في فن التشكيل حيث ألتحق بمرسم الأخوان آل عقيلي وبدأ احتراف الفن التشكيلي وبدأ يبيع لوحاته على السياح الأجانب وكانت في الغالب مشاهد لشواطئ وموانئ عدن التي كانت مرغوبة لدى السياح.وحين بدأت الحرب الأهلية بين جبهة التحرير والجبهة القومية وربما قبل ذلك أنتقل إلى مدينة تعز ثم إلى الحديدة ثم عاد إلى مدينة تعز الحالمة مرة أخرى وأستقر فيها ووفرت له هذه المدينة ملاذا آمنا من العمل والحب والسعادة إلى أن داهمته أمراض السكر والضغط والقلب والذي ظل يتعايش معها في نهاية حياته، إلى أن توفي يوم السبت 7 نوفمبر 2009 تاركا وراءه مجموعة من اللوحات والرسوم ذات تنوع يستحيل حصره تبدأ بالصور الشخصية مرورا بالأعمال الحبرية (الأبيض والأسود) إلى الثورة اللونية والتي مثلت قمة عطائه.كان عمي المرحوم هاشم علي شديد الإعجاب بالحضارة العربية الإسلامية والفلسفات الشرقية واليونانية القديمة وتأثر بها تأثرا عميقا، والواقع إن هناك ثلاثة عوامل رئيسة شكلت موقف الفنان هاشم علي الإيجابي من هذه الحضارات وانفتاحه عليها من منظور عقلاني:الأول هو تربيته حيث لم يخضع للتربية التقليدية النمطية السائدة حينذاك بل كان متمردا ولم يكن منضبطا للمدارس الدينية حيث كانت ميوله بعيدة كل البعد عن هذه المؤثرات، وهذا يفسر ثقافته ذات الطابع العقلاني حيث التهم تقريبا معظم مؤلفات الإغريق والأساطير البابلية والسومرية والفلسفات الشرقية القديمة والديانات التوحيدية ليس قراءة فحسب بل حفظها نصا وهو دائما ما يرددها بفهم عميق أنا شخصيا أجد متعة شديدة في الاستماع إلى كل هذا التراث الضخم وهو يقدمه بكل بساطه وسلاسة، كل هذه المؤثرات الثقافية ساعدت على تفتح عقله الفضولي على عوالم وأفكار بعيدة كل البعد عن فكر المدارس الثقافية التقليدية السائدة.ثانيا ما ورثه المرحوم هاشم علي عن أجداده من مآثر حضارية إذ كان لكل هولاء فضل الحفاظ على حضارة العرب في إندنيسيا وهو موطنة أو مسقط رأسه حيث ظل العرب المقيمين في أكثر الجاليات تحضرا وظلت لهم السيادة المعنوية والمرجعية بالإضافة إلى الأصول السلالية للفنان مكنته من امتلاك مخزونا ضخما من العلاقات الطيبة مع السكان الأصليين والجاليات الأخرى.وثالثا إن تجربة المرحوم هاشم علي وعلاقته الحميمية مع الأندونسيين والجاليات الأخرى خصوصا الصينية شكلت موقفه الإيجابي مع الحضارات القديمة لهذه الشعوب فأقام المرحوم هاشم علي علاقات طيبة مع أقرانه الأندنوسيين والصينيين (الشرق) وبذلك ظلت صور الطفولة وانطباعاتها شكلت اتجاهات الفكر والعقل لدى المرحوم هاشم علي. فنجده يظهر مثلا اهتماما بما يقوم به الأستاذ الدكتور عبدالوهاب المقالح من أعمال ترجمة لبعض الأساطير الشرقية مثل المها بهارت وغيرها.ويهمنا من هذا كله التأكيد على حقيقة هامة وهي استيعاب المرحوم هاشم علي للثقافات القديمة من منظور عقلاني وقد تأثر بها كثيرا وكانت ملهمة وحاضرة في أعماله الفنية. هذا الاستيعاب العقلاني للتيارات الفكرية المختلفة لم تخلق لديه نزعة عدائية تجاه الحضارات الأخرى بل منحته بعض المرونة الفكرية فعمي المرحوم هاشم علي حينما يتحدث إليك عن الزيدية تعتقد أنه زيدي وإذا تحدث عن أخوان الصفا تتصور أنه صفوي وإذا تحدث عن الصوفية تجد في زهده معنى لتبني الصوفية وإذا تحدث عن الماركسية تشك في أنه يساريا وإذا تحدث عن الرأسمالية يذهلك بعظمة وإنجاز المسار الإمبريالي الذي يتحكم بمفاصل الاقتصاد العالمي، إنه ليس توفيقيا في مواقفه الفكرية بل هو انتقائيا بهذا القدر أو ذاك.من يستعرض الإنتاج الغزير لعمي المرحوم هاشم علي لا يمكن أن يخرج إلا بانطباع واحد، وهو أن هذا الفنان لم يكن يتوقف عن الرسم إلا حين يخلد للنوم، لعله كان يبحث عن شيء قابع في مخيلته يستحث ذاكرته عله يستطيع تحويلها إلى لوحة تختزل فيها فكرة غير عابئ بأي كسب مادي أو ما يشغله من متاعب الحياة وهذا هو سر إستمراريته.إنه عمل متنوع ونشاط دائم في نشر الوعي الفني ممارسة وتدريبا لعدد كبير من تلاميذه فضلا عن مشاركاته الواسعة في المعارض الفنية ودعوته المستمرة إلى إدخال مادة التربية الفنية في المدارس الابتدائية في وقت كان فيه ممارسة الفن التشكيلي عمل منقوص. فأصبح بعدئذ لا يقام معرضا أو اكتمل إلا بمشاركة الفنان هاشم علي.إن أول مشاركة خارجية له كانت في دولة الكويت عام 1973 والتي اشتملت لوحاته على صور زيتية وكان هذا المعرض بمثابة البوابة نحو العالمية وأذكر أن بهذه المشاركة كانت للوحاته صدى عربي وتناولت العديد من الصحف أعماله وأجرت معه حوارات صحفية وأذكر أيضا تعليقه على بعض المجلات اليسارية التي أعطت عنوانا لأعماله «فنان من الشمال بريشة يسارية» بأن ذلك تحريض للسلطات آنذاك بمضايقتة لكن ذلك لم يحدث حيث حصل بعدها على تفرغ مفتوح من الدولة.لقد كان المرحوم هاشم علي يراعي في أعماله البساطة والسهولة ولكنه السهل الممتنع، وقد كانت الوسيلة الوحيدة للتلاقي مع الناس بالإضافة إلى المعارض الفنية هو نشر أعماله في بعض الصحف والمجلات وأهمها مجلة اليمن الجديد والتي كانت تنشر أعماله على أغلفتها وبذلك ساهمت في نشر الوعي الفني جماهيريا حيث كانت هذه الأعمال تتسلل باستحياء لتأخذ مكانها داخل الصحيفة لدرجة أن المرحوم هاشم علي لم يكن يتقاضى عليها أجرا ماديا بالرغم من أنها ترفع قيمة إعلانات هذه الصحف والمجلات.لقد أثبت المرحوم هاشم علي أن الفن التشكيلي ليس للنخبة بل هو ضرورة اجتماعية ,وإنه عملية ممكنة تحت ظروف اجتماعية مثل بلادنا حيث أن حركة التشكيل في اليمن وإن بدت وكأنها معزولة عن المواطن العادي الذي لم ير طوال حياته لوحة بما في ذلك النخبة المثقفة بات الأمر ممكنا منذ وقت مبكر من قيام الثورة اليمنية بعرضها في قاعات خاصة يمكن لهذا المواطن ارتيادها للمشاهدة ليس هذا وحسب بل أيضا اقتناؤها وبدأ بذلك الاحتراف في فن التشكيل يأخذ مكانه في هذا البلد وارتبطت بصلة وثيقة بالحياة اليومية والجماهير.تعكس لوحات عمي المرحوم هاشم علي موقفه من الحياة ونظرته للواقع الاجتماعي المفعمة بالإنسانية من خلال التماهي مع المشاهد التي ينتقيها لموضوعاته عن البيئة والطبيعة والإنسان حتى بدت مألوفة له ومحببة إلى قلبه وظلت تتكرر على مدى أربعين عاما.كان للفنان هاشم علي أسلوبه الخاص من خلال التحامه ببيئته فقد توصل إلى صياغة متكاملة لرؤيته الفنية وتجلت شخصيته الفنية المستقلة بوضوح عندما أسهم في معارضه الداخلية وهذا ما تؤكده عدد من المقالات والدراسات التي تناولت بالنقد والتحليل تجربة الفنان هاشم على، فليس محض صدفة أن يلجأ عمي المرحوم هاشم علي إلى الانطباعية أو التعبيرية أو الواقعية لينتهي به الأمر بالأسلوب الخاص والاستقلالية طالما أن محور اهتمامه هو الإنسان فيجعله محورا أساسيا في تكوين لوحاته فصور لنا شخصيات وحالات إنسانية مختلفة وخاصة الطبيعة اليمنية التي أنشغل بها المرحوم هاشم علي فطبعت عمله ولوحاته. إن قدرته على معالجة وإعادة تكوين موضوع الطبيعة لاسيما الطبيعة اليمنية بمرتفعاتها وهضابها وسهولها بل وسواحلها في مرحلة من المراحل لأمر يعكس تنامي الوعي كمحتوى يمكن إيصاله على مستوى الشكل دون تناقض وبشفافية مطلقة ولعل هذا هو جوهر رؤية هاشم علي وفنه.نحن لا شك أمام فنان تشكيلي مولعا برسم مشاهد وشخوص من الواقع ولكنه يشحنها بمعان رمزية ويجعل منها وسيلة للتعبير عن حالات ومطالب معينة، وأستطاع بذلك أن يميز ويبلور أسلوبا منفردا له مفرداته الخاصة. وبالرغم من أن الوسط الفني التشكيلي في بداياته كان منشغلا بإيجاد ملامح للشخصية اليمنية أو الفن الذي يستطيع الفنان اليمني أن يميز به فإن شخصية هاشم علي كانت قد رست على مثل هذا الطابع من خلال نقل المشهد الراقي المحمل بالمعاني والأفكار وشق بذلك أسلوبه الخاص الحديث الملتزم ولعل أهم ما يميز عمله الالتزام بخلق هوية خاصة للفن تعتمد على سبر أغوار الثقافة المحلية بالإضافة إلى انحياز واضح للطبقات الشعبية والفقيرة وهو أمر واضح وجلي في معظم أعماله.لقد بدأت الحركة التشكيلية اليمينية في الازدهار مع هاشم علي وكانت النشأة الأولى للفن التشكيلي الحديث في اليمن على يد الفنان هاشم علي والتي كانت بعيدة كل البعد عن الأسلوب والمنهج الغربي ولم يتأثر بها بالرغم من زعم البعض بتأثره بأعمال الفنان فان جوخ في بداياته الأولى بل على العكس من ذلك ظل متمسكا بخطه المستقل والخاص.على أنه وبعيدا عن كل هذه التوصيفات فإن عمي المرحوم هاشم علي كان قد أحدث ثورة في عالم اللون وذلك من ناحيتين الأولى حينما أستخدم الحبر الصيني (الأبيض والأسود) في أعماله والتي اتصفت بالتفرد والإنفراد في الأسلوب المستخدم في تنفيذها وقد شكل الإنسان جوهر أعماله وجسد من خلاله نزعته المادية لعنصر القوة والإصرار الذي أتخذ أسلوب المبالغة في إبراز بعض العناصر المكونة للعمل الفني، تأكيدا لعنصر الفكر الجلالي المراد طرحه، مع إكساب اللوحة العنصر الجمالي والشكلي لإعطائها التوازن والحركة والديناميكية للجسم داخل مساحة الورق، ومن أهم لوحاته في هذا الخصوص حامل الجنبية، المزارع والثور، الراعية، أنا والشمس، الأمومة، رقصة الجنبية، الصياد، بقرتي، رقصة العصا، رقصة البرع والمحنجل (راجع كتابه هاشم علي.... حياة في اللون الصادر عن وزارة الثقافة وهو مدعم بصور لأهم لوحاته).أما الأمر الثاني فيتعلق باللوحات الزيتية واستخدامات اللون فيها فقد تميزت كلها بلمسات لونية متداخلة ببعضها وقد أتيحت لي متابعة يومية لرسوماته الخاصة بمباني صنعاء فقد أذهلني ذلك النمو العضوي والمعماري فالتفاصيل المعمارية لدور صنعاء القديمة وأزقتها وأسواقها والخطوط العريضة والبقع اللونية الزاهية وما تحدثه الانعكاسات الضوئية والظل وهذا النسق الجميل، لقد ألبسها الفنان بثوب جميل من الألوان لن تجده حتى في الأعمال الفنية العالمية.وتعكس هذه الألوان في مزيج أو خلطات تكشف عن ابتداع الفنان لألوان لن تجدها في الطبيعة فالأشخاص التي تراهم هم أناس موجودون وهم منتشرون ولكن لا يهم ملامحهم بل يكفي ما تفعله الإضافات اللونية لهم من أيماءآت ودلالات رمزية تمنحهم القدرة في إيصال شكواهم للمشاهد لهذه اللوحات. وكأن الألوان ليست من الطبيعة بل هو نفسه يقوم بخلقها وتطويرها وصناعتها فمن ينظر إلى عمقها وظلالها وضوئها يجدها تؤكد قدرته على ابتكارها وهذا ما يجعل لشخوص الفنان هاشم علي لغة رمزية بأسلوب تتوازن فيه لغة اللون ولغة الخطوط في اختزال شديد.عندما رأيت صور للوحات مدينة صنعاء القديمة في الكتاب الذي أسلفت ذكره (هاشم علي.... حياة في اللون) والتي تبنت وزارة الثقافة طباعته مشكورة لاحظت وجود خلل في اللون ناتج عن طباعة هذه اللوحات فسجلت اعتراضي وأذكر أنني قلت لعمي أن سر إبداعك يكمن في اللون وبالتالي أي شخص يرى الصور سيتصور أنها طبق الأصل للوحاتك الأصلية وهذا قد يسيء إلى فهم أعمالك، فرد قائلا إن طباعة مثل هذا الكتاب في اليمن وعلى نفقة وزارة الثقافة يعتبر إنجازا عظيما لأن طباعة مثل هذه الكتب ليس بالأمر الهين ويحتاج إلى تقنيات متقدمة، وأنا بدوري أتوجه للجهات المختصة بتلافي هذا الأمر عند إعادة طباعة الكتاب باللغة الإنجليزية كما هي خطة وزارة الثقافة المستقبلية.أرجو أن أكون قد وفقت في هذه العجالة في وضع القارئ أمام مشهد متكامل لسيرة حياة الفنان هاشم علي ربما تكون بعض صفحاتها غير معروفة لدى البعض ولكنني بالقدر نفسه آمل أن تكون ذات قيمة في تقييم حياة الرجل المبدع الذي كما يرى البعض بأنه هامة قد لا تتكرر في هذا الزمن الصعب.