أضواء
تشهد مدينة الرياض هذه الأيام حدثاً تاريخياً وسياسياً مهماً هو معرض «الفيصل شاهد وشهيد». وينقل المعرض مرحلة حكم الملك فيصل في المسيرة السعودية ودوره في القيام بخطوات جبارة في تطور الدولة تمثلت في استكمال بناء الأنظمة، وتعزيز مكانة التعليم، وتطوير الحضور السياسي للمملكة العربية السعودية عربياً وإقليمياً ودولياً، وتحويل فكرة التضامن الإسلامي إلى مشروع سياسي عالمي مؤثر. ولعل هذا المعرض، ومن قبله معرض حياة الملك سعود، يغير الزهد غير المحمود بالتاريخ الوطني للمملكة.فثمة جيل كامل من السعوديين لا يعرف المحطات المهمة في تاريخ وطنه. وأقصى ما يتاح للأجيال السعودية الجديدة في هذا المجال رؤية أسماء أئمة وملوك الدولة السعودية على لوحات الشوارع. فتاريخ الدولة السعودية، بمراحلها الثلاث، يعاني من الحضور الذي يستحق، ويُدرَّس بطريقة مختصرة وتقليدية لا تليق به، فضلاً عن أن تكريس المعرفة بهذا التاريخ أصبح اليوم مطلباً ملحاً لتنمية الحسّ الوطني بين صفوف الشباب في هذه الظروف التي تعيشها المنطقة.لا شك في أهمية التذكير بمرحلة حكم الملك فيصل التي واجهت مرحلة الشعارات الثورية. فهو كشف أن الدور السعودي في قضايا المنطقة لم يتغير، فصدق مواقف الملك فيصل في دفاعه عن قضايا العرب والمسلمين غيّب في الماضي بسبب ضجيج الشعارات، وسيطرتها على عجلة الإعلام في المنطقة. ومعاودة نشرها من جديد كان ضروريا لتصحيح الصور المغلوطة عن السياسة السعودية في تلك المرحلة التي شكلت أحداث المنطقة، فضلاً عن انه يدعم الدور المعتدل والوطني الذي يقوده الملك عبدالله اليوم، وتمسكت به الرياض منذ تأسيسها.المثير أن تزامن هذا المعرض مع ما يجري في لبنان يؤكد من جديد أن تشويه الدور السعودي جزء من مرحلة الشعارات. فالتاريخ الذي يجري التذكير به اليوم يشير بوضوح إلى أن الرئيسين فؤاد شهاب ومن بعده شارل الحلو ابقيا على مسافة الخلاف مع السعودية حتى لا يتأثر لبنان أمنياً وسياسياً بابتعاده عن المدّ الناصري. ورغم ذلك وقفت الرياض مع لبنان اقتصادياً، ولم تقايض هذه بتلك. وبقيت على مسافة واحدة بين الجميع على الساحة اللبنانية، ولم تتورط في الصراع المسلح، وظلت تسعى الى خدمة السلم الأهلي في لبنان بمبادرات متوالية توِّجت باتفاق الطائف العام 1989، الذي أوقف الحرب، وسرّع الإصلاح السياسي، وأنهى الأزمة مع سورية. لكن المشكلة أن لبنان ما زال يعاني من عدوى الشعارات التي أدمته وشوّهت تاريخنا.* عن/ صحيفة (الحياة) اللندنية