التطورات الاقتصادية السائدة في عالمنا اليوم لم تستطع إحراز نتائج مبشرة على الصعيد الاجتماعي من ناحية التنمية البشرية على الرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته العديد من الدول النامية من بينها اليمن من خلال استغلال الثروات التي تتمتع بها لدعم اقتصاد البلاد والسبب الرئيسي يرجع إلى اهتمام هذه الدول المباشر بإحراز تقدم في مجال الصحة والتعليم والتغذية بينما تتراجع نسبة الحصول على خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب إلى الخلف. ونجد اليوم أكثر من نصف السكان في فلسطين ومصر واليمن لا يزالون محرومين من خدمات الصرف الصحي المحسنة وبينما نسبة أخرى من مجموع السكان في الريف ونصف السكان الآخرين في اليمن لا يحظون بهذه الخدمات الضرورية وعلى الرغم من أن العديد من هذه البلدان النامية تحاول الاجتهاد بطرق وآليات عشوائية سببت العجز الرئيسي في التنمية البشرية وزيادة الحرمان البشري بسبب التحديات التي تواجهها المنطقة على صعيد التنمية وانعكاساتها على المستقبل. فهناك عجز واضح في ثلاثة مجالات رئيسية وهي الحرية وتمكين المرأة وقدرات الإنسان ومعارفه بسبب ارتفاع معدلات الأمية وتدهور نوعية التعليم وبطء البحث العلمي والتطوير التقني وضعف القاعدة الإنتاجية والقدرة التنافسية واتساع رقعة الفقر وارتفاع معدلات البطالة ويأتي ضعف شرائح واسعة من السكان في عدد من الدول النامية منها اليمن في ظل استمرار التمسك بمبدأ أن النمو الاقتصادي هو المحرك الرئيسي للأمن الاجتماعي والازدهار والذي سيعطي مؤشرات واضحة لتحسين مستويات المعيشة والحد من الاضطرابات الاجتماعية وترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي العام ولكن الواقع الذي تعيشه بلدان عديدة أكدت أن النمو الاقتصادي وحده لم يحقق منافع اجتماعية واضحة ومنهجية. لذا أصبحت اليوم دور السياسيات الاجتماعية في غياب مستمر ما أدى إلى إعاقة التنمية الاقتصادية فقد ركزت معظم السياسيات الاجتماعية على التخفيف من حدة الفقر من خلال برامج اجتماعية بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية التي تولد الفقر فمعالجة أمراض الفقر لا تحقق الإمكانات المتاحة للفقر ولتحقيق الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الكامل من خلال معالجة الهياكل والظروف الاجتماعية التي تعيق الفرد في الحصول على الحق الأساسي في المشاركة كمواطنين متساويين في المجتمع لتلبية احتياجات الفقراء والضعفاء تضمن حصول الجميع على الخدمات الاجتماعية التي تعزز صحتهم ورفاههم بقدراتهم على العمل والمساهمة في المجتمع وذلك يأتي من خلال إعطاء فرص متاحة ومتكافئة للجميع والأهم والأجدر لتحقيق ذلك تفعيل الأنظمة والآليات المؤسسية الضرورية لإزالة أي حواجز تعيق تحقيق الاحتواء والمشاركة وهنا تستطيع القول أن ذلك سيتحقق عندما تتحدث السياسة الاجتماعية بلغة الإنصاف وحقوق الإنسان ضمن العناصر اللازمة لتحقيق حد أدنى من العيش اللائق. فلماذا لا تقوم الدولة بإصدار قوانين جديدة لفتح معاهد للنجارة والحدادة والسمكرة والسباكة والكهرباء لاحتواء شرائح المجتمع ومنهم الشباب وتمويلهم من خلال فتح محلات لهم وإدماج المستثمرين لمساعدة هؤلاء الشباب الذين بحاجة لدعم لانتشالهم من الشوارع من خلال الشراكة والاستفادة الفعلية والحد من البطالة والأمية والظلام ومن ضمن البرامج تفعيل دور التوعية لرفع الوعي الفكري والوطني لشبابنا والقضاء على الفساد واستئصاله من الجذور.
التطورات الاقتصادية .. و التكافؤ الاجتماعي
أخبار متعلقة