منذ نشوء الدولة القمعية ، قبل قرون مضت ، ظلت الشعوب مسلوبة الإرادة، بعد أن حرمت من العلم والثقافة والمعرفة ، وزادها الفقر غبناً وتعسفاً، ومازال ذلك قائماً حتى اليوم، وهكذا فيما يتعلق بالعلاقة بين دول كبيرة وقوية ودول متوسطة التطور ودول ضعيفة. وفي ظل تلك التركيبة الجهنمية ظلت الأقليات المستأثرة بالسلطة والثروة ، تزيف إرادة الشعوب تارة باسم الدين وتارة أخرى باسم الوطنية أو القومية ، وذلك كله خلق جفاء وفجوات بين الشعوب ، أطرت لصراع الحضارات والثقافات الموهوم ، ومن ضمنها صراع الإرادات الزائفة والباهتة التي تغذيها تلك الأقليات.والناس لم تعد تحركهم تلك الأوهام والإرادات الباهتة بقدر ما تحركهم حاجاتهم ومصالحهم الحياتية الملموسة ، فالشعب الجائع لايبدع ولايصنع اقتصاداً متطوراً ، ولم تعد الناس تستجيب للمعارك ( الدونكاشوتية ) المفرغة من المعنى والهدف، مهما كانت أساليب التعبئة والحشد والدعاية والتحريض والإثارة الإعلامية ، أو المغريات بالفتات من النقود والمأكولات، لهذا نقول إن الصراع من أجل التطور يخضع لقوانين موضوعية ، عبر التراكمات الكمية والتحولات النوعية ، وقانون نفي النفي ، وقانون الحرية والضرورة ، والسبب والنتيجة ، والوحدة في ظل الصراع الهادف إلى تغيير الإرادة إلى إرادة شعبية جمعية. إن رفض العبودية والاستغلال ، ورفض الهيمنة والوصاية والإملاء، هو اليوم من أبرز سمات الإنسان المعاصر ، من اجل استعادة إرادته الحرة والكريمة ، وبالتالي رفض السيطرة عليه من قبل أي كان ، ورفض الارتهان والتبعية للآخر ، والإنسان في الأخير حيث يضع نفسه ، لايكفي أن تعرف ماذا نريد ، ولكن الأهم أن نحقق ما تريد بصبر وجلد وإصرار وعزيمة لاتلين، أن نسعى لتحقيق ما نريد نحن، لا ما يريده الآخرون لنا حتى لو كان مغمسا بالعسل، ولم نعد نبحث عن بطل فرد واحد وإنما نبحث عن شعب من الأبطال لاينتهون أبداً ، شعب متحرر من الدونية وعقد النقص المتوارثة. والسياسات ليست ترفاً وبهرجة ولا مغالطات وأكاذيب وتزييف، وإنما السياسة هي إدارة اقتصادية وثقافية وأمنية ودفاعية وتعليمية .. الخ ، ترتقي بإنسانية الإنسان المواطن ، وتختزل الجهد والوقت لتحقيق وتائر تطور أسرع وأكثر جدوى لكل المواطنين ، هنا تصبح الإرادة الشعبية مجسدة على الأرض وثابتة الخطى إلى الأمام ، نحو الرقي والازدهار والقوة الراسخة والدائمة للشعوب ولدول الشعوب الفاعلة والمؤثرة ، وما أحوجنا اليوم إلى فولذة الإرادة الشعبية لخلق نهوض اقتصادي / اجتماعي وثقافي وعلمي ومعرفي يعنون لحضارتنا .. الجديدة المنشودة.
أخبار متعلقة