عمر عبدربه السبع :لا يمكن استمرار حياة الكائنات الحية من دون مياه، فالمياه المصدر الأول للحياة، ويُشارك في جميع التفاعلات الحيوية لجسم الإنسان، وتوافره ضرورة ملحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للبشرية. وتـُعاني اليمن بشكل عام من مشكلة المياه النقية نظراً لعدم توافر مياه سطحية وبحيرات وأنهار على أراضيها.. وتسعى القيادة اليمنية من خلال خططها الخمسية وتعاون الدول المانحة بإنجاز العديد من المهام والأنشطة الهادفة إلى توفير مقومات البُنية الأساسية في مجال المياه والصرف الصحي.فمدينة عدن عانت منذ القدم من مشكلة المياه النقية وكانت الحقول التموينية لمدينة عدن كحقل بئر ناصر وحقل بئر أحمد لم يغطيا احتياجات مدينة عدن خلال النصف الثاني من القرن العشرين.لقد كان بئر ناصر، وهو من أهم الحقول التموينية لمدينة عدن وبدأ إنتاج الحقل في 1955م، م يغطِ سوى 40 % من احتياجات المدينة.وبئر أحمد الممول الرئيسي لمدينة الشعب وعدن الصغرى والقرى الساحلية كفقم وعمران، منذ الخمسينيات، قد تمّ إيقافه قنزة من الزمن نظراً لملوحته.ونظراً للكثافة السكانية في مدينة عدن الحضرية ووجود جملة من المصانع في عدن وضواحيها، فقد تطلب الأمر البحث عن حقول جديدة لتمويل مدينة عدن فكان حقل أعالي أبين في محافظة أبين، ومكون من عشرين بئراً قابلة للزيادة إلى سبعة وعشرين بئراً ضمن إطار مشروع مياه عدن الكبرى وبدأ تشغيل الحقول في أكتوبر 1988م.ومن ضمن مشروع مياه عدن الكبرى أيضاً ضخ مياه عشرين بئراً في مارس من العام 1994م من حقول أعالي تبن (شمال الحوطة) لمحافظة عدن، والقدرة الإنتاجية لهذا الحقل تصل ألف متر مكعب في الساعة، وقد انخفض إنتاج حقل دلتا تبن في م / لحج في تموين عدن بالمياه إلى أقل من النصف منذ عام 2005م والسبب أنّ مياه الحقل في نضوب مستمر وليست هناك بادرة أمل لمعالجة هذا النضوب ولهذا لم يعول عليه في المشاريع الجديدة لتمويل مدينة عدن بالمياه النقية.في عام 1997م صدر قرار بدمج الصرف الصحفي في محافظة عدن بالمؤسسة العامة للمياه، وتغيير تسمية فرع عدن إلى المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي.وقد قامت هذه المؤسسة منذ إنشائها بإنجاز العديد من المهام والأنشطة الهادفة إلى توفير مقومات البُنية الأساسية في مجال المياه والصرف الصحي في مدينة عدن وضواحيها الواقعة في إطار نشاطها.فقد قامت إدارة المؤسسة بإحياء حقل بئر أحمد بعد دراسة ميدانية أكدت وجود مياه نقية شمال غرب الحقل، وتمّ حفر ثمانية عشر بئراً وتمّ إدراجها في الخدمة، كما أنّ هنالك عشرة آبار أخرى جاهزة للتشغيل صيف عام 2008م، هذا فضلاً عن حفر بئر استكشافية في حقل بئر أحمد على عمق ألف متر، لمعرفة الطبقات الحاملة لهذه المياه في المنطقة بصدد تكوُّن نظرة مستقبلية للمياه الجوفية في البئر، وتمّ أيضاً حفر بئرين استكشافيين في حقل بئر ناصر ومنطقة تبن، الهدف منهما إعداد خطط وبرامج مستقبلية لتوسعة شبكة المياه في مدينة عدن ومواكبة التوسع العمراني الأفقي واستيعاب مخططات الجمعية السكنية.واللافت للنظر أنّ محافظة عدن تشهد حراكاً متنامياً في التوسع العمراني وفي مجال الاستثمار والاقتصاد وهناك نمو متزايد في عدد السكان وأنّ المؤسسة العامة للمياه تواكب هذه التطورات الاقتصادية والاجتماعية وتولي أهمية كبيرة لتطوير حقول آبار المياه التي تغذي مدينة عدن وتعمل على زيادة إنتاجها من خلال الدراسات الاستكشافية وتعميق بعض الآبار وحفر حقول جديدة لمواجهة الطلبات المتزايدة على المياه النقية في محافظة عدن، فخبراء المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في محافظة عدن يتوقعون زيادة الإنتاج خلال العام 2008م الجاري ليصل إلى قرابة ستة وثلاثين مليون لتر مكعب (تحديد 35,879,163 لتراً مكعباً)، من حقول آبار أبين وبئر ناصر في لحج وبئر أحمد في مدينة عدن أي بزيادة مقدارها مليون وستمائة وتسعة وأربعين ألفاً ومائة واثنين وأربعين لتراً مكعباً مقارنةً للعام 2007م المنصرم.إنّ المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي لمحافظة عدن لا تفتأ تقوم بأنشطة هادفة لتوفير مقومات البُنية الأساسية في مجال المياه والصرف الصحي وتسعى لاستكمال العديد من مشاريعها، وتعمل بشكل دؤوب ومنقطع النظير باستبدال المواسير المهترئة وإصلاح معدات الضخ الكهروميكانيكية.وتتخذ الإجراءات اللازمة والصارمة لتنظيم وترشيد استغلال الثروة المائية لحماية ووقاية مصادر المياه الجوفية والسطحية من التلوث، لتوفير مياه شرب نقية لجميع سكان محافظة عدن، والتأكد باستمرار من صلاحية مياه الشرب من المنبع وفي الخزانات لكي يحصل المواطنون على مياه نقية وبسعر مناسب، وكذا رفد المشاريع الصناعية بالمياه اللازمة.إنّ الإجراءات المتخذة من قيادة المؤسسة وتوجيهات القيادة السياسية تؤكد بأنّ تموين المياه سيكون مستقراً في محافظة عدن لمدة قد تطول استناداً إلى الخطط العامة لمشاريع مياه عدن الكبرى، غير أنّ السؤال يظل ملحاً إلى متى يمكن استهلاك المياه من الآبار الجوفية، وهل هناك حلول أخرى في الأفق؟!