نيويورك / متابعات:قالت صحيفة " نيويورك تايمز" الأميركية ان العراق اصبح على مشارف حرب أهليّة ، مشيرة الى إن الخوف من اندلاع حرب أهليّة في العراق كبح جماح الرئيس جورج بوش الأب، وذلك عندما أعاد الجيوش الأمريكية تاركا الرئيس العراقي السابق صدّام حسين في السلطة بعد اخراج الجيش العراقي من الكويت عام 1991م.جاء ذلك في المقال الافتتاحي للعدد الاسبوعي الذي تصدره صحيفة (( نيويورك تايمز )) كل يوم احد ، حيث أكدت الصحيفة ان هذا الخوف ولّد الكثير من المعارضة لغزو الرئيس الحالي بوش الابن في عام 2003 ، حتى أنّ الكثير من نقّاد الغزو، بمن فيهم كاتب هذا المقال الافتتاحي ، اعتقدوا أن مخاطر الحرب الأهليّة كانت مخيفة جدا إلى درجة أن الجيوش الأمريكية، التي دخلت العراق، كانت مجبرة على البقاء طالما أن هناك أملاً ممكناً لتحقيق سلام عادل.واعربت الصحيفة عن اعتقادها بإن البديل للحرب الأهليّة هوـ كما كان دائما ـ قيام حكومة وحدة وطنيّة مؤلّفة من الشيعة و العرب السنة والأكراد ، وحذرت من انه ما لم تقم هذه الجماعات التي تشك ببعضها البعض بالعمل يدا واحدة فإن الولايات المتحدة ستُواجَه بمهمّة مستحيلة في محاولة خلق ديمقراطيّة مستقرّة رفض العراقيون أن يخلقوها لأنفسهم. ولم تخف الصحيفة تشاؤمها من إن فُرص قيام مثل هذه الحكومة تضاءلت إلى درجة كبيرة مع تفجير أهم ضريح شيعي في أكبر مدينة سُنيّة (( سامرّاء)) الأسبوع الماضي ، مشيرة الى ان هذا الهجوم كشف النقاب عن الحقد المتقد بين طائفتين دينيتين أساسيتين في العراق ، حيث أنّ الكراهية و عدم الثقة قد أُثيرت إلى درجة عالية من الغليان من قِبل أصحاب العضلات المفتولة و العقول الصغيرة الذين يناورون من أجل تشكيل حكومة جديدة.وحمّـلت الصحيفة من أسمتهم (( ملايين الشيعة الغاضبين وكلّ العرب السنّة )) المسؤولية عن ما حدث ويحدث في العراق منذ تفجير ضريح احد ائمة الشيعة الاثنى عشرية في سامراء اواخر شهر فبراير الماضي، وقالت ان هذه الأطراف تصرفت وكأنها متورطة بتفجيرات سامرّاء ، (( حيث أنّ الشيعة بعد أن رأوا أنّ قوّات الأمن العراقية الضعيفة الإرادة والقليلة التنظيم قد فشلت تماما في حماية المسجد و الضريح المُوَقرين، لجأوا إلى البديل المتمثل في المليشيات الطائفيّة الوحشيّة والشريرة التي تُقاد من قِبل الأحزاب السياسيّة الشيعيّة، حيث قام الشيعة من دون إبطاء بوابل من التفجيرات و أعمال القتل الموّجه ضد المساجد السنيّة و الأئمة بالإضافة إلى المدنيين المرعوبين )). واوضحت الصحيفة ان هذه العمليات الانتقاميّة قتلت خلال هذه الفترة المئات من الناس ، حيث أنها (( أكدت مخاوف السنّة من الحكومة التي يقودها الشيعة والتي لم و لن تبذل أيّ جهد لحماية حياتهم و عائلاتهم وأملاكهم و مساجدهم من سلطة ارهابية تقوم بمعاقبتهم عبر ميليشيات متحالفة مع الأحزاب التي تقود الحكومة )) . وحذرت الصحيفة في افتتاحية عددها الأسبوعي من إن الوضع الخطير و الباعث على اليأس الذي يسود العراق اليوم لا يمكن أن يكون قد خُلِقَ من قِبل من وصفتهم بالإرهابيين السنّة ، ولا من عدم وضوح الرؤية للقادة السياسيين السنّة (( الذين اتضح انهم غير قادرين على أن يقرروا من يوم لآخر فيما إذا هم مستعدون على أن ينخرطوا في السياسة البرلمانيّة القائمة على المناقشة. ولكن الكثير من اللوم يجب أن يوجّه أيضا إلى القادة السياسيين الشيعة الطموحين و المتسلحين بعقليّة الانتقام. أولئك القادة الذين قاموا خلال العام الماضي بإحباط تسويات دستوريّة و أعطوا عناصر من ميليشياتهم الحزبيّة مناصب في قوّات الأمن الحكوميّة و السجون التابعة لوزارة الداخليّة. و الذين مازالوا إلى اليوم يقاومون تشكيل حكومة وحدة وطنيّة تشمل كافة ألوان الطيف العراقي )) .ووصفت (( نيويورك تايمز )) رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري الذي رُشِحَ لولاية أخرى بأنه (( واحد من أسوأ المذنبين في هذا المضمار ، بالاضافة الى حليفه الأساسي مقتدى الصدر، قائد ميليشيا و سياسي ، و رجل دين معادي بتطرف شديد للوجود الأمريكي في العراق، و عبد العزيز الحكيم، الذي يقود أقوى حزب شيعي في العراق المسمّى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق على غرار النموذج الايراني )) بحسب الصحيفة .وأضافت الصحيفة : (( إذا كان من الممكن إنقاذ العراق من هذه الكراهيّات التي تستنزف قواه ، فانّه على الأقل يجب أن يرتقي بعض هؤلاء القادة الشيعة إلى دقة و خطورة هذه المرحلة ويقوموا بتغيير سياساتهم على الفور. أما بالنسبة للقادة الأكراد فيمكنهم أن يساعدوا بالتعهد بسحب دعمهم لاعادة ترشيح السيد الجعفري ما لم يوافق هذا الأخير على حكومة وحدة وطنيّة تٌُمثل كافة شرائح الشعب العراقي. كما ان على القادة السنّة أن يشاركوا في مثل هذه الحكومة ، وان يتقبلوا حقيقة أنّهم أقلّية في عدد السكان و عليهم أن يعتادوا لعب دور ثانوي، لا يجوز التقليل من اهميته .و كررت الصحيفة تحذيرها من انه إذا اندلعت حرب أهلية في العراق (( فانّ أول ضحاياها سيكونون الأبرياء الشيعة و المدنيين السنّة ، ولكن ارتداداتها يمكن أن تمتد إلى ما بعد الحدود العراقية. فالجنوب العراقي يمكن أن ينخرط أكثر في المحور السياسي الإيراني، و الأكراد في الشمال يمكن أن يطالبوا باستقلال أراضيهم ، والتي على الأرجح تمتد داخل الأراضي التركية. أما المناطق السنيّة الغربية و الوسطى الخالية من النفط فمن الممكن أن تُترك فقيرة و محرومة ، و التي من الممكن أن تكون أرضا خصبة و مقرا أساسيا لانطلاق عمليّات الإرهابيين حول العالم بأسره )) .واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتعبير عن املها فيان يتمكن القادة العراقيون المنتخبون من انقاذ بلدهم ، لكنها طالبتهم بتقديم (( ما يثبت أنّهم يريدون ذلك مشيرة الى ان الوقت يَنفذ و بسرعة كبيرة )) .
العراق على حافة الهاوية !
أخبار متعلقة