تفاعلا مع رؤية الشخصية السياسية المعروفة محمد صالح هدران
تناولت صحيفة 14 أكتوبر يوم الثلاثاء الماضي 8 أبريل العدد 14077 والخميس الماضي 10 ابريل العدد14079 رؤية مقدمة من الشخصية السياسية المعروفة محمد صالح هدران وكيل محافظة أبين حول الحكم المحلي كامل الصلاحيات وكذا إيضاحات ومقترحات لسبل تنفيذها وبالرغم من اقتصارها على مرتكزات وأفكار أساسية مهمة تضمنت جوانب محددة في المحافظة (الإقليم) وترك بقية الجوانب للمركز دون التطرق إليها إلا أنها تناولت جوانب ايجابية لا يجب إغفالها.ولما تشهده بلادنا هذه الأيام من تطورات متسارعة في الحياة السياسية فإن النظر إلى ما احتوته الرؤية وما تهدف إليه لا تجعل قراءتها عابرة بل جعلت الكثيرين يتوقفون أمامها لتحليلها رغم تواضعها. وللوقوف أمام ايجابياتها كونها تميزت بمميزات عديدة وتختلف عن أي رؤية كونها اولاً: مقدمة بصورة شخصية من صاحبها وليست رؤية حزب بذاته، وثانياً: تمثل أداة آمنة تضمن الحفاظ على الوحدة اليمنية وطريقاً وخياراً مناسباً يحصنها مستقبلاً من أي خطر وسلاحا يضع حداً لتلك التطاولات التي تسيء إليها وترجع أسباب تردي الأوضاع إليها وتشويهها كما إنها شخصت المشكلة ووضعت الحل والمعالجة الصائبة لوقف زحف الخطر الذي يهددها، أما الميزة الثالثة فهي صادرة من شخصية وطنية سياسية كان لها الدور والإسهام الفعال في الدفاع عن الوحدة اليمنية عام 94م وبالتالي فان رؤية تصدر من شخصية لها ذلك الدور لابد من تحليلها وإثرائها لتميزها بالانفتاح وفتح النقاش وهنا أردت من خلال هذه السطور أن أسلط الضوء على الجانب الايجابي التي تهدف إليه للحفاظ على الوحدة اليمنية وهذا لا يعني بالضرورة خلوها من النواقص أو الجوانب السلبية..معروف للجميع أن الدول التي توحدت وكانت دويلات في السابق وأصبحت في دول مركزية تتسبب مركزيتها الحادة وشموليتها في تفككها وانهيارها لبروز الصراعات المناطقية فيها والتناحر بني تكويناتها الاجتماعية ولا نذهب بعيداً فمثلاً التناحر والصراع الذي حدث في الشطر الجنوبي سابقاً منذ الاستقلال 67م إلى عام 90م كان بسبب دمج كيانات (دول) لها طابعها الثقافي ويتمتع أبناؤها بمكانة اجتماعية وسياسية في دويلاتهم وعند الانتقال إلى الدولة الموحدة الجديدة ذات الطابع الاندماجي، وفقدوا فيها تلك المصالح السياسية والاقتصادية وبالتالي كان سببا رئيسياً في الصراعات والاقتتال فيما بينهم لذا فان الهدف الذي حرصت عليه الرؤية هو جعلها طريقاً أو سلاحاً للحفاظ على المنجز الوطني بتحقق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م كما إنها تعد وجهة نظر لمشروع وطني كبير يؤمن بناء دولة يمنية موحدة ومستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وثقافياً من خلال ما تمنحه إذا ما أثريت بالآراء والأخذ بها للوحدة الإدارية المحافظة(الإقليم) على حد وصف كاتب الرؤية من تفويض لممارسة هيئة المحافظة أو المديرية الصلاحيات الكاملة لمعالجة كافة الاختلالات التي تنشا بين الحين والآخر في تكوينات الوحدة الإدارية والتعارض مع المركز وإنهاء ذلك التعارض والإشكالية التي أدت سابقاً إلى خلق مناخ خصب لتفشي الفساد ومصادرة حقوق الأفراد والجماعات وتحليل البعض بأن السبب الذي أدى إلى بروز تلك الممارسات كان نتيجة إقصاء سياسي الأمر الذي جعل توظيفها سياسياً أمراً سهلا فالتفويض للمحافظات لا شك انه سيوفر عنصراً مهماً لإرساء قاعدة انطلاق المعالجات الصائبة لتلك الظواهر. فالرؤية تركت الباب مفتوحاً أمام الجميع لإثرائها بالنقاشات وهذا يعكس الحرص الوطني الشديد لصاحبها على ألا تكون موضع الاحتكار والإغلاق وانما فتحها أمام الجميع لتلامس نبض المواطن وتشمل تطلعاته وآماله في بناء الدولة العصرية الحديثة من خلال إشراكه في الرأي وعدم استثنائه وهذه خطوة جريئة تحسب في ميزان الاستاذ الوكيل/ هدران لقطع الطريق أمام أؤلئك الذين يحاولون استغلال مطالب المواطنين للحصول على حقوقهم الفردية والمجتمعية والاقتصادية والتنموية والثقافية وتحويلها إلى مطالب سياسية يراد تحويلها إلى وسيلة وأداة لإطلاق مشاريع سياسية وجهوية تضر بالوحدة اليمنية وتنهش في جسدها وتؤثر على النسيج الاجتماعي للمجتمع وتعيق النشاط الاقتصادي الفردي والجماعي والمؤسسي بل و الأسوأ من ذلك تسييسها و نقلها إلى مربع خطير( مسيرات وأعمال شغب كما حصل في الأيام الماضية في بعض المديريات في بعض المحافظات) أي عدم تدارك استغلال المطالب الحقوقيةالحياتية(الخطر السياسي والاجتماعي المتصاعد) ومحاصرته وتشخيص أسبابه تشخيصاً واقعياً ومنطقياً ومعالجة الخلل معالجة صحيحة وحقيقية ووضع بالاعتبار المدى القصير والبعيد لديمومة واستمرارية المعالجات والابتعاد عن اللامبالاة لتضمن تلك المعالجات والحلول التأثير الممكن على شعور المواطن وحياته ليستعيد ثقته بالدولة وتعزيز هيبتها لصون حقوق الأفراد وتحقيق العدل الاجتماعي والمساواة بين أفراد المجتمع، أي أن الضرورة تستوجب أن تكون تلك المعالجات ذات طابع تأثيري ملموس يعالج حالة الغبن والتذمر التي تفرزها نفسية المواطن في التعامل العفوي اللامنظم ويعني بذلك أن كافة الحلول ينبغي أن تكون نابعة من الحس الوطني والشعور بالمسئولية وهو ما حرصت عليه الأفكار الأساسية التي تضمنتها تلك الرؤية وايضاحتها ومقترحاتها وتطرقها للجوانب المهمة في حياة المواطن في المركز أو المحافظة (الإقليم) والتي جاءت كتعبير حقيقي عن واقعية التشخيص الذي يبين بان جذور المشكلة هي جوانب حياتية وحقوقية التي وضحت بان معالجتها هي منح هيئة المحافظة(الإقليم) المحلية ومديرياتها(مقاطعاتها) الصلاحيات الكاملة لإدارة شؤونها المحلية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية بنفسها.كما تناولت إبقاء الجانب السياسي الحزبي والتعددي، وهو أساس الحكم في دولة الوحدة، في إطار ونهج وطني عام من اختصاص المركز حتى لا تصبح الأحزاب السياسية محصورة في نهجها السياسي متأثرة بالمناطقية او القبلية وما إلى ذلك( تنقية الأحزاب من مرض المناطقية القبلية) وقطع الطريق أمامها كي لا تتحول إلى أداة لإثارة الفوضى السياسية وتعكير الاستقرار السياسي بل على العكس أشارت الى أن تتولى مهام الإشراف عليها وعلى نشاطها وإصدار التراخيص وحضرها الدولة المركزية وهذا سيجعلها تعيد واقع خصوصيتها ونهجها السياسي الوطني في التوجه السياسي العام للدولة لممارسة نشاطها السياسي بحرية يكفلها الدستور وفق قوانين رادعة تحرم عليها إثارة البلبلة للحصول على مصالح حزبية على حساب بناء المجتمع ومؤسساته أي فتح المجال أمامها لتصبح احزاباً وطنية فاعلة لها نظرة سياسية ثاقبة متجددة ومواكبة لمعطيات ومتطلبات بناء الدولة الحديثة والارتقاء ببرامجها وأنظمتها الداخلية إلى مستوى عالٍ من الحس الوطني المستوعب لأهمية ان تكون الأحزاب السياسية الوطنية الوجه الأخر للحكم والتي تقع عليها مسئولية التوعية السياسية لأعضائها بالقبول بالآخر وتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة وأن تتبنى أنشطة وبرامج سياسية واضحة تهدف إلى بناء المجتمع لتطوير نشاطها وعملها السياسي الحزبي الوطني الملتزم بقواعد الديمقراطية والعمل الديمقراطي المتعارف عليه، وان تكون فاعلة في العملية السياسية وتعمل على بث روح الأخوة والتسامح والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع وتعزز من حرية الفكر الثقافي لتحصين الوحدة الوطنية بثقافة وحدوية متناغمة مع أسس بناء الدولة والانتقال من حالة الركود التي سادت أنشطتها في السنوات الماضية إلى وضع البناء الوطني والتخلي عن التطرف السياسي والإيديولوجي الهدام الذي جعل مصلحة الأحزاب فوق المصالح العليا للمجتمع-أي ضرورة تحولها المنهجي لتصبح احزاباً قادرة على التعاطي والتفاعل مع تطلعات المواطن لتأسيس الدولة اليمنية الحديثة(دولة المؤسسات والنظام والقانون) وقادرة على المشاركة السياسية الفاعلة على طريق وضع اللبنات الأولى لتأسيس وإيجاد الحكم الرشيد من جانب، ومن جانب آخر بان تكون مؤهلة وترتقي إلى مستوى المعارضة المفيدة المطلوبة.. أي المعارضة الحية البناءة المستوعبة للعمل الديمقراطي في ممارسة عملها وسلوكها الحزبي فكرياً واعلامياً وسياسياً واخلاقياً بصورة عقلانية مثلى تجعلها مبتعدة عن المناورات السياسية واختلاق الأزمات التي تؤكد إفلاسها السياسي.كما أن الجانب الايجابي في الرؤية هو الفصل بين جهة إصدار تراخيص منظمات المجتمع المدني الحقوقية والنقابية والمهنية.. الخ وبين جهة إصدار تراخيص الجمعيات الأهلية التنموية، الخيرية، والتعاونية والتي حددت بان تكون جهة الشؤون الاجتماعية في المحافظة من اختصاصها منح تراخيص الجمعيات الأهلية والتنموية والخيرية فقط والإشراف عليها ومراقبة عملها حتى لا تتحول إلى أدوات أو منابر للمزايدة ومظلة يراد بها تزييف الحقائق لأعضائها لممارسة أنشطة خارج نشاطها وأهدافها وهذا بحد ذاته يعني سد ثغرة منبع الخطر والتنبؤ المبكر بالقادم وقطع الطريق أمامه، وجعل الجانب الشعبي المحلي في المحافظة هو الرقيب على تلك الانشطة، كما أن تناولها لجانب الأمن المحلي وإعداد رجل الأمن المحلي التي لاتتعارض مهامه مع مهام الأمن العام السيادي، يبرهن قطعا أن الاستقرار الأمني هو من ابرز مهام المحافظة والوحدات الإدارية لتكون الأجهزة الأمنية رديفاً اساسياً للتنمية والعدالة ونشرها من خلال مجلس القضاء المحلي المستقل وعدم خضوعه لأي جهة في المحافظة،وكان تركيزها على الجانب الرقابي بتشكيل هيئة رقابية منتخبة من المجلس المحلي للمحافظة لا تتعارض مع مهام جهاز الرقابة والمحاسبة هو استشعارللضرورة التي تتطلب تفعيل هذا الجانب المهم لجعل القانون وتنفيذه ركيزة أساسية في كافة نواحي الحياة في المحافظة وتقف أمامه المؤسسات والمسؤلون والأفراد والجماعات بصورة متساوية والتخلص من المحاباة وإعادة هذا النشاط الرقابي بقوة الالتفاف الشعبي حوله لإصلاح الجهاز الإداري والمالي في الوحدات الإدارية.أما التخطيط فقد كان جانباً اساسياً في مرتكزات الرؤية حيث تناوله الكاتب بشفافية ووضوح أكد أهميته كشريان رئيس في البناء المستقبلي للوحدات الإدارية وعدم تكرار الانفراد به من قبل المجلس المحلي أو لجان التخطيط في الهيئات الإدارية في المجالس المحلية أو الجهات الإدارية التي تقع عليها مهام التخطيط في المحافظة(الإقليم) إلى جانب حرصه على التخلص من عادة التخطيط المبالغ فيه ومشددا على أن تتبنى هيئة التخطيط في المحافظة( الإقليم) رسم برامجها وخططها بصورة دقيقة وفق إحصائيات دقيقة وإمكانات واضحة للموارد المالية يسهل تنفيذها، وينهي الالتواء والمغالطة والعشوائية والانفراد بالتخطيط أي يسد ثغرة الفساد التي أصبحت مرتعا خصباً للفاسدين.ونستخلص بصورة عامة أن «رؤية الحكم المحلي كامل الصلاحيات» وإيضاحاتها ومقترحاتها التي قدمها وكيل محافظة أبين قد استوعبت في طياتها وأهدافها كثيراً من الجوانب لإرساء قاعدة متينة للانطلاق منها نحو إيجاد حكم محلي كامل الصلاحيات يؤمن استقرار الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمعية لنمو وازدهار وطننا اليمني الحبيب الموحد وطن الـ22 من مايو الذي ناضل من اجل تحقيق وحدته كافة أبناء الوطن وقدم في سبيل ترسيخها قوافل كبيرة من الشهداء الأبرار.