غداً ندلف إلى العام الجديد 2009م .. بروح تملؤها السعادة والأمل بأن يكون عام سلام وأمان على الأمتين العربية والإسلامية مر العام 2008م كاملاً باستثناء 28 يوماً وأنا خلف القضبان دلف العام 2008م من شباك زنزانتي وكلنا أمل بأن الفرج قريب جميعنا ندعوا الله أن يفرجها والحمد لله ها أنا اليوم أدخل العام الجديد بعيداً عن الأسوار الحديدية.مر العام 2008 وفيه من العبر الكثير التي استفدت منها ورغم صعوبة الموقف وأزمة المرض فقد كان الله رؤوفاً بنا رحيماً وتمكنت من تجاوز هذه الأزمة التي ستظل درساً أمام ناظري ولعلها حياة جديدة دخلتها وصحوت من غفلة كنت فيها حتى أرى كل شيء أمامي مجرداً من المظاهر الكاذبة!!في السجن تمر الأيام مرور الكرام نصحو اليوم لننتظر الغد لا جديد سوى مواعيد الزيارة أو الذهاب للمحاكم .السجن يعلمك الصبر والعزيمة قد تكون البداية صعبة وتحتاج وقتاً للتأقلم مع الوضع الجديد والبداية الجديدة وتنشغل بعد ذلك بمشاكل الآخرين وهمومهم وقضاياهم ( فمن يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته) .السجن مجتمع بحد ذاته وأناس من مختلف الأجناس يجب أن تتكيف على ذلك والحمد لله وخلال فترة وجيزة تمكنت من ذلك .أتذكر العم (علي ) وبعد مرور شهر من فترة حبسي قال لي ( يا ابني شكلك (استجنت ) من قبل لِأن الذي تعرفهم في السجن أكثر من الذي أعرفهم . كيف عرفتهم بهذه السرعة ؟ بالطبع العم علي كان بجانبي في عنبر (4) قسم (ب) وكلمة السر بيننا ( أول حب وآخر حب ) !!لا أطيل الحديث عليكم عن عام 2008م ، وكيف كان ، ولكن لعلي سأظل أتذكرهذا العام طيلة حياتي وقد مر خلال هذا العام الكثير من المواقف الجميلة والحزينة.ولعل رحيل العديد من الأعزاء وفراقهم في هذا العام كان مؤلماً وسوف أظل أتذكرهم في كل عام.لقد بدأ عام 2008 برحيل الوالد الكبير الشيخ عمر قاسم العيسائي ( رحمه الله ) فقد حزنت لرحيله وصعقت عند سماع الخبر ولم أملك شيئاً سوى دعاء الله له بالرحمة والمغفرة وتلاوة الفاتحة على روحه الطاهرة فقد كان رحمة الله عليه خير الناس وإنساناً ذا مكارم أخلاق وداعاً أبا محمد !وفجعت برحيل زملائي الأعزاء واحد بعد الآخر القاضي ونجيبة قعطبي وعمر السبع دون أن أودعهم ( إنا لله وإنا إليه راجعون) تعلمت في السجن معنى الصبر ومعنى الحرية ومعنى الحفاظ على أنفسنا وطاعة ربنا والعمل لليوم الآخر وعدم الاستهتار بالحياة .. لأن الإنسان ضعيف ولا يساوي شيئاً .مر 2008م وأنا خلف القضبان انتظر الفرح حتى جاءني الفرج والحمد لله..بالمناسبة أتذكر أحد أصدقائي ( العرندس) كان يقول لي : ألفين والآن وليس 2008م أي نحن في اليوم نفسه !! كانت فلسفته هكذا ! لعل ترحيب أحبائي بعودتي كان كفيلاً بأن يزيح الحزن عن قلبي ويذيب جليد الفراق.وكما ذكرت في مقالي السابق أني ندمت على أخطاء كثيرة ارتكبتها في حياتي واقترفت الكثير من الأخطاء وتسببت بالعديد من المشاكل لكثير من الناس أولهم أسرتي الذين ظلوا إلى جانبي في محنتي .. كنت بحاجة لمراجعة أوراقي وإعادة حساباتي .وشاءت الأقدار أن ابتلى بالسجن لأتعلم الصبر ومعنى الحرية وتلك الحرية التي تزرع الزهور والورود في طريق الآخرين.. يجب أن نتعلم أن نحب للآخرين ما نحب لأنفسنا ..والآن لنستقبل العام الجديد 2009 بكل تفاؤل وكل حب وصدق.أرفعوا أيديكم وادعوا معي : رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين .
أخبار متعلقة