[c1](1)القهوة المزغول [/c]عندما انتهت من الإفطار مباشرة كانت قد أحضرت القهوة الساخنة ببخارها المتصاعد ورائحة الزنجبيل الزكية تفوح ثم وقفت جادة واختفت الابتسامة من على وجهها وبدأت تتكلم في رزانة : - الغسيل المحتشد أمام البيوت . - الأولاد المعفرون بالتراب . - قهوة الزنجبيل في المساءات . وقف بجوارها .. ظل واقفاً يربت على كتفها وعلى وجهه الابتسامة البريئة ، غفلت ثم قامت على صغيره الموسيقى ويده الحنونة ترتب على كتفها . إنها امرأة يمتد الحنان من عيونها كأنها الضوء وتطل من بشرتها كل شذى الأزهار الذي لا يمل أبداً من إخفاء العطر ومنح الرحيق . قالت مهمومة : - أراك عجوزاً تعاني من شيخوخة مبكرة .. لماذا ؟ أنها المرأة ذات هالة النور والكهرباء ، ملامح الجيل الذي عرف الكدح الصعب والقدرة على التحمل والعطاء . قالت تداعبني وهي ترتشف – القهوة – أنك لست معي هنا ولكنك لم تبتعد كثيراً عني.قلت فجأة بإمكانك أن تحيلي حياتي إلى حب ولحظات عشق فائقة . بعذوبة أجابت : نعم قلت وأنا أضمها إلى صدري : - عدنا إلى الندب .. كنا نشتمك فبدأنا نشتم أنفسنا . إنها الحبيبة فتقرب منها وتقترب منك تعشقك فتعشقها . تفرك عينيها وتقول :- الحب يقصم ظهري وعظمي لترتشف قهوتك الزنجبيلية . ثم تخرج إلى المشرفة وتتمنى أن يكون النهار أفضل من الليل الذي سبقه . [c1](2)وضحك المكان [/c]جلست على كرسي مكسور في ركن منعزل من الغرفة .. أشم رائحة الملفات والدفاتر القديمة ، والعرق المنبعث من زوايا الأجساد ؟! هكذا كتب علي بقرار صغير – أن أنضم إلى قائمة الموتى في هذا المكان .. الأرض قاحلة مجدبة ، والأسقف تتهالك على الرؤوس ، والحوائط تنفض على الأركان ؟!- قهوة بالزنجبيل ؟ .. ينبعث السؤال من ركن غارق في الفوضى . - شكراً .. أرد باقتضاب .- شاي ! - لا - قهوة بالزنجبيل . هي كلمة واحدة تصدر من هذا الركن فتخزق حاجز الصمت ، وتزيل الأتربة المكدسة ، وتمحو خيوط العنكبوت من الأركان ! ضحكت .. - أيوه يا شيخ كده اضحك ! انفجر الجميع بالضحك ، فرقص المكان ، وضحكت كما لم اضحك عمري .
|
ثقافة
قصتان
أخبار متعلقة