الرياض/ متابعات: أكد الكتاب والمثقفون السعوديون المشاركون في لقاء:« الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي السعودي» ضرورة إعادة النظر في مفهوم:« الخصوصية» وتفاوتت آراء المشاركين والمشاركات في اللقاء بين مؤيد ومعارض لهذا المفهوم الذي طالب البعض بتحديده أولا حتى يتسنى فهم آلياته وعناصره، فيما طالب البعض الآخر بإلغاء هذا المفهوم إذا تحول إلى وصف المجتمع بأنه«ملائكي» أو أنه مختلف عن بقية المجتمعا ت الأخرى. وقد افتتح اللقاء الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مساء الثلاثاء الأول من يونيو بمشاركة أكثر من (70) من النخب الفكرية والثقافية والأكاديمية بكلمة ضافية لرئيس اللقاء الوطني الشيخ صالح الحصين الذي أكد ضرورة استلهام القيم الدينية والثقافية في هذا الخطاب، فيما ركز الأمين العام للمركز فيصل بن عبدالرحمن بن معمر على التحلي بقيم الحوار وآدابه في مناقشة هذا الموضوع المهم الذي يناقش أربعة محاور هي: الخصوصية، والمواطنة، والهوية والعولمة، ومستقبل الخطاب الثقافي. وقد أدار الجلسة الأولى التي ركزت على مناقشة مفهوم «الخصوصية» الدكتور راشد الراجح عضو اللجنة الرئاسية بالمركز، وقد حدد آلية اللقاء في مداخلات وآراء للمشاركين والمشاركات بحيث لا تتجاوز المداخلة ثلاث دقائق، وهي آلية لها وجاهتها بحيث يكثف المداخل أو المداخلة الرأي بشكل قصير وموجز، دون توزيع محاور اللقاء على عدد محدد من المشاركين والمشاركات، وقد يشكل هذا الوقت الموجز إشكالية ربما تفضي إلى الالتباس وعدم إيصال الفكرة بشكل جلي. وبدا أن الأمر التبس قليلا أو كثيرا على المشاركين والمشاركات في اللقاء، حيث توجهوا رأسا إلى الكلام عن الخصوصية» كمفهوم وآلية، دون ربطها بالموضوع الأصلي للقاء وهو:« الخطاب الثقافي» مما حدا بالأمين العام للمركز فيصل بن معمر للإشارة إلى ذلك في الجلسة الثانية من اللقاء. جاءت المداخلات لتؤكد على أن هناك خصوصية للمجتمع السعودي، حيث أكد البعض أن وجود الحرمين الشريفين والمنهج الفقهي الذي تسير عليه البلاد يعطي المجتمع خصوصية مختلفة، واشار البعض الآخر إلى أن السعودية هي البلد الأوحد الذي لا توجد فيه أماكن تمارس فيها المحرمات، فيما أوضح مالك الأحمد أن « لدينا أشياء مشتركة مع العالم العربي والإسلامي، لكن السعودية هي البلد الوحيد الذي يسود فيه الخطاب الديني الإسلامي» وذكرت وفاء العمر أن كل مجتمعات الدنيا لها خصوصية، اليابان لها خصوصية، وفرنسا لها خصوصية، وخصوصيتنا فرضها الواقع وهي خصوصية التميز شاء من شاء وأبى من أبى، وقال الشيخ فيصل العوامي: الحفاظ على الهوية يشكل أمرا مهما لكل مجتمع، وكل مجتمع له شعاراته الخاصة، وهناك تخوف من الحديث عن الخصوصية ربما يرتبط بالانغلاق، فنحن لا نملك حضارة خاصة وليس لنا موروث خاص، واقترح التقليل من الحديث عن:«الخصوصية» وتقديم ثقافة تعلمنا الانفتاح على العالم الإنساني، فالمبالغة في هذا الموضوع تجعلنا مجتمعا منغلقا، كما أن المجتمع السعودي مايزال بحاجة إلى التطوير والتلاقي مع الآخر. وأوضحت فاطمة إلياس القاسم أن الخصوصية تنهل من خطاب مؤدلج متشدد يركز على المرأة التي جعلتها العادات والتقاليد تتخذ ركنا قصيا، وليس من المعقول أن تكون المرأة قربانا لهذا التشدد، ومن مظاهره منع الاختلاط، ومنع قيادة السيارة، وغيرها من الحقوق. وشاركتها الرأي نورة القحطاني التي ذكرت: نريد أن نؤسس للحرية، ومن ينادي بانغلاق المجتمع السعودي بسبب الخصوصية فهو فكر انهزامي، نريد ذاتا قوية تقف ندا للآخر، علينا أن نخرج من متاهة الخصوصية إلى خصوصة تحافظ على القيم الثقافية والدينية، فالخصوصية عطلت مشاريع تنموية كثيرة لدينا.
عزيزة المانع
و دارت الآراء سجالا بين المداخلات المؤيدة والرافضة، ففيما أكد عبدالله المشوح أن هناك ظاهرة تمرد ضد الخصوصية، جاءت آراء منيرة القاسم، وعبدالله العويسي وجواهرآل الشيخ، وعبدالله الوشمي، ونورة عبدالله لتترى في السياق نفسه الذي يسعى لتحديد المفهوم الذي يتم تداوله منذ أكثر من ثلاثين عاما ولم يتضح مفهومه حتى الآن، وطالب زكي الميلاد بالبحث عن الذات الجامعة وبناء الهوية لطرح سؤال الخصوصية، ورأت عفاف حسن مختار أن هذه البلاد هي البلاد الوحيدة التي تنطبق عليها الآية الكريمة: «كنتم خير أمة أخرجت للناس... الآية». ويجب ألا نعتد بمن يحاولون هدم الخصوصية بالحديث عن المجتمع الملائكي أو حقوق الإنسان، أو حقوق المرأة فكلامهم يخالف لسان الحال والمقام، ورأت أميمة الخميس أن الخصوصية كلمة فضفاضة، وهي مجرد منتج بشري يؤخذ منه ويرد، ويحولنا إلى شعب الله المختار وهذا من أبرز ملامح الفكر العنصري والفاشي الذي عانت منه شعوب الأرض عبر التاريخ. ورأت عزيزة المانع أن « الخصوصية» كادت تصير دينا آخر إلى جانب الدين الإسلامي. وتساءلت زينب غاصب عمن اخترع« الخصوصية» ورأت أن الخصوصية في الثقافة وليست في الحياة الاجتماعية، وأن وجود الحرمين الشريفين بالسعودية لا يشكل خصوصية بل هو تشريف من الله، والخصوصية جاءت من العادات والتقاليد، ونحن لسنا شعب الله المختار بل يجب أن نعود إلى أصول الدين، ولكن ليس لنشكل خصوصية نضرب بها ما نشاء، لذا أطالب بحذف هذه الكلمة، حيث أكرمنا الله بالإنسانية. وقالت فوزية البكر إن الحديث عن الخصوصية يحملني عبئا كبيرا، والمجتمعات العربية والإسلامية لديها نفس الدين ولا تتحدث عن خصوصية، فيما رفض علي الخشيبان هذا المصطلح ورأى أنه يعطى لمن يعاني من نقص، وهو فكرة اجتماعية وليست دينية، وهي فكرة انعزالية عن العالم. ولم تختلف الآراء كثيرا في الجلسة الثانية التي أدارها فيصل المعمر والتي خصصت لمناقشة مفهوم المواطنة، حيث دعا المشاركون إلى تأكيد هذا المفهوم والإعلاء من قيم الانتماء، وتعليم النشء هذه القيم، وإبراز هذا المفهوم في الخطاب الثقافي.