في ذكرى رحيل موسيقار اليمن
سعيد صالح بامكريد:الكتابة عن الفنان والموسيقار العبقري الراحل أحمد بن أحمد قاسم أشبه بالسباحة في المحيط،أي إنها ليست من السهولة بمكان،لأن الراحل من الفنانين اليمنيين القلائل الذين يدمجون،الكلمة اندماجاً كلياً،بل تكاد الكلمة تمتلك عليه كل حواسه ومشاعره ووقته فيعيشها ويتنفسها فتحرج إبداعاً جميلاً صاعداً من أعماق قلبه ووشائج وجدانه.يعترف الكثير من المفكرين والفنانين والموسيقيين بأن الموسيقار الراحل أحمد قاسم عبقرية فذة وفلتة فنية ومهنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى،لقد ترك لهذا الفنان عدداً هائلاً من الأعمال الفنية التي صاغها بعصارة فنه وذوب عواطفه ورحيق إبداعه الفني الأصيل بهدف نشر الفرح ورسم البهجة في قلوب ومشاعر الناس..وما يؤكد صحة ما نقوله هو بقاء لهذه الأغاني وخلودها وترديد الناس لها بأستمرار،بل ومجئ جيل جديد من الفنانين الشباب يعيد تقديم لهذه الأغنيات مقلدين شيخهم لهذا الفنان العبقري،ويسعون بدأت متابعين الطريق المتميز الذي خطه ورسم معالمه فناننا الراحل.الانجاز الملموس والرائع للموسيقار الراحل أحمد قاسم على مستوى الأغنية والذي مثل تميزه الكامل عن أقرانه من فناني عصره هو نجاحه في ربط نبع الأغنية اليمنية بنهر الأغنية العربية الواسع والمتنوع..عرفنا لهذا الموسيقار الكبير مغايراً وجريئاً ومبادراً من خلال هاجس التحديث الذي أمتلكه عبر ثقافته الموسيقية وموهبته الحقيقية اللتان أكملهما بدراسته الأكاديمية المتعلقة لأصول الموسيقى العربية نهاية خمسينيات القرن المنصرم حيث تشكلت بوعي ثاقب وحس مرهف شخصيته الفنية والموسيقية المؤثرة والفاعلة في محيطه الفني ومجتمعه اليمني بشكل عام.لم تأت الستينات من القرن الماضي إلا وأغلب الإذاعات العربية تنقل إلى مستمعيها لهذا القادم الاصيل المتجدد المكتنز قوة واثارة وابداع والذي شهد له عمالقه الطرب العربي أنذاك بالتفوق مثل محمد محمد عبد الوهاب ،فريد الاطرش ،رياض السنباطي واخرين في ذلك الزمان العدني الفني الجميل تأسست الندوة الموسيقية العدنية كمجتمع مهني ابداعي حيث مثل الموسيقار الراحل قطبها الأول والفنان محمد مرشد ناجي قطبها الثاني بدعم واسناد وتبني من الشاعرين الكبيرين الراحلين الكتور محمد عبده غانم ولطفي جعفر امان هذه الندوة كانت بمثابة تأسيس لروح فنية عدنية مستقلة مثّل ذروتها التنافس الرائع بين الثنائي احمد قاسم والمرشدي الذي افضى الى مشهد فني وحياتي وجمالي بديع ساعد كثيراً على انتشار وازدهار الأغنية العدنية يمنياً وعربياً .لهذان العملاقان قاسم والمرشدي نتواضعهما الجم وأخلاقهما الجميلة وتنافسهما النزيه رسخاً ظاهرة الحفلات المفتوحة مع الجمهور خلال ستينات وسبعينات القرن المنصرم بمدينة عدن التي أصبحت معهما ساحة فن جميل وغناء أصيل، وهذا بدوره أيقظ الطموح لدى عشرات الفنانين الأخرين بهدف الوصول أو الإقتراب من القمة التي بلغها العملاقان وأذكر من هؤلاء الفنانين محمد سعد عبدالله والعندليب محمد عبده زيدي ،محمد صالح عزاني ،سالم بامدهف وآخرين لم يكتف الفنان الراحل أحمد قاسم بالنجاح الذي حققه بموهبته الفطلرية ،بل عمل على صقلها بالذهاب الى مصر وموسكو وباريس حيث تلقي المزيد من العلوم الموسيقية التي ساعدته لاحقاً على دحض الرتابة اللحنية عبر جملة رائعة من الاغاني الرقيقة مقرباً المسافات الوجدانية في وطننا العاربي الكبير يعتبر الموسيقر الراحل احمد قاسم هو الوحيد بين كل فناني اليمن الذي قدم عملاً غنائياً موسيقياً يصل الى العامية فهو أقرب الى العمل السيمفوني ان لم يكن فعلاً كذلك ،لهذا العمل هو :(في موكب الثورة) المأخوذة عن شعري للشاعر الكبير الراحل لطفي جعفر أمان وقصيدته الطويلة (مزهري الحزين) وهي قصة شعرية حوارية درامية رائعة عن المستعمر البريطاني الذي أرغمة على الرحيل على مدى سنوات طويلة تزيد عن العشر كنت استمع في الصباح الباكر من اذاعة عدن كل يوم تقريباً في برنامجها الصباحي الى واحدة من أروع الأغاني الرقيقة لأحمد قاسم وهي من كلمات الدكتور سعيد الشيباني ،وحقيفة لم أمل سماعها حيث تقول: حقول البن في خديك موال جميل [c1] *** [/c]تركت المال والنعمة ولك وحدك أميل ولك وحدك سما قلبي [c1] *** [/c]وبك وحدك بدأ حبي سبيلي حبك الصافي [c1] *** [/c]ولاغيرة سبيلبصدق أقول ما تركه احمد قاسم من الاغاني الجميلة الكثيرة تشكل اليوم زاداً للمبدعين الشبان الذين يغترفون منه فناً أصيلاً وطرباً بديعاً ..رحل احمد قاسم لكن فنه المدهش لم يرحل.