قصه قصيرة
احمد المهندسلم يصدق نفسه ..أصبح في جوف الطائرة العملاقة التي ستقله إلى أرض الذكريات ..سويعات وتطأ قدماه القارة التي قرأ عن تاريخها وسمع عنها وترنم بأجمل أغانيها.كانت متعته في مشاهدة أفلامها لنجومها ..لم يكن يهتم بمقدار الحزن فيها وبكاء العديد من المشاهدين الذين لا يجدون ما يجففون به عيونهم الدامعة سوى أطراف القميص أو الفوطة ولكنه لايرتاح سوى مع إشارة النهاية عندما يجد البطل أمه التي فقدته طفلاً وسط كوم من ملايين الناس والعيال وعرفته بسبب علامة الخال على صدره التي لم يستطع أن يلاحظها رئيس العصابة الخاطفة .وعلى دقات الرمبة الشهيرة كان يهز رجليه ويرقص أمام كرسيه فرحاً بالنهاية السعيدة ويردد على امتداد طريقه لمسكنه المتواضع في الحي الشعبي القريب من السينما القديمة بعض تلك الأغاني والأنغام لينافس اميتاب وراجي كومار وينتهز فرصة خلو الشارع سوى من الكلاب الضالة ليمارس هوايته في الرقص والغناء. سوف يستعرض وسط البلد لغته ويرطن معهم ليأمن شرهم.سوف تساعده هيئته أيضاً فلم تستطع حياته العربية ان تعطيه أكثر من اللغة لازال يحتفظ بسحنته الجذورية لأرض الأجداد والعرق دساس لذلك تعاطف مع عامل البوفية الهندي في مطار صنعاء الدولي ونقده ورقة بمائتي ريال كبقشيش.يعترف أيضاً بأنه لم يستطع أن يستوعب الفن المحلي وأنغامه ..رغم انه يقرا عن الفنانين المحليين ويعرف بعضهم ..ولكنه يفضل الأنغام والأغاني الهندية ويحفظ أفلامها وكل ما يورد فيها عن ظهر قلب.يذكر أن أباه حدثه كيف جاء مع الاستعمار البريطاني أيام الانتداب عاملاً في البريد.. تعلم لغة الضاد وتزوج ورزق بالبنين والبنات .. ولم يغادر موطنه الجديد حتى أحيل إلى المعاش ..ولم يعد يستطيع أن يغادر مساحة مسكنه ولم يفكر أن يسافر أيام الشباب القوة خارج جغرافية الحارة فكيف وقد أصبحت الأمراض المزمنة تزوره بلاتاشيرة وتذاكر ركاب.ويذكر كيف فشل والده في أن يجعل منه موظفاً في الدولة بمشاهرة ثابتة ..ولم يظفر حتى بترابه ..التحق بأعمال مختلفة لم يستطع أن يحقق من خلالها ذاته.وأخيراً استطاع أن يحقق أمنيته وأسرته على امتداد أجيال ..سيحل أخيرا في الأرض التي لطالما كان عربياً منها بالتكوين الإنساني والانتماء والأنغام ..سوف يعبر بالصوت العالي عن إعجابه ..وسوف يسمعه الناس بعكس مشواره للحي القديم.سيرقص وسيستعرض معلوماته وثقافته.. وربما اكتشف موهبته المتأخرة احد أرباب بوليود المعروفين .. وقدمه من خلال فيلم جديد لن يعدم ضياعه فيه.. والحدوثة الشهيرة الكفيلة بإيرادات ستحوله إلى تاجر حرب من أيام الكنب والحواجات.وصلت الطائرة إلى مطار بومباي الدولي ..تمنى أن يركب فيلاً في تنقلاته في العاصمة ..ليكتمل عنقود الأماني ومظهر الفرح بالمناسبة.يضحك للفكرة في داخله ..تبرز أسنانه لتعبر عن مافي أعماقه من أحلام ضاحكة تذكر وهو يضبط قيافته بعد أن حيته المضيفة الحسناء بالساري ببسمة ناصعة البياض بأنه سيحرص على زيارة المعالم السياحية والمطاعم ..وسيجرب أن يأكل برياني بالخضار ودجاج تكا ونان وحتى يريح معدته من أكلات المخبازة على ضفاف صيرة ..وفتة الموز والفحسة التي ألفها.يلقي بجسمه المثقل بالتعب من جراء المسافة الطويلة والرحلة المرثونية في جوف سيارة تاكسي من صنع محلي من الستينات.يرتاح عندما يجد السائق يتكلم العربية ومن أصول أصيلة من حيدراباد .. عرف ذلك من الوهلة الأولى من خلال صوت المسجل الذي كان يصدع بأغنية مألوفة لمسمعه ،يتبادلان أطراف الحديث ..بداية بالسلام التقليدي وانتهاء بالإنصات إلى صوت المغني “البريك” يردد بصوته الهبة مقاطع من رائعة الراحل المقيم الشاعر حسين المحضار .. وكأنه مقصود بالكلمات والأغنية ..يعيد الكوبليه بصوته الجهوري الذي يزداد حلاوة في الزولي (الحمام) أعزكم الله ولا يستطيع إسكاته إعجاباً أو إزعاجاً لأحد![c1]حسك تغركنيودلهي وتلهيالهند فيها الهناالهند فيها المناوالجو في الهند غائم تحسب انه ربيع* أديب وقاص وناقد سعودي عضو هيئة الصحفيين السعوديين[/c]