الكويت
الكويت / كوناقال بنك كريدي سويس انه بالرغم من الثروات الضخمة التي هطلت على الكويت خلال عام 2007، الا ان هذا العام كان عام التحديات بالنسبة للاقتصاد الكويتي.وتوقع البنك ان يسارع الانفاق الحكومي من وتيرة النمو الاقتصادي الكلي خلال العام الحالي ،مشيرا الى ان الكويت تخطط لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر خلال فترة ذروة الطلب على الطاقة.وقد جاء ذلك في التقرير ربع السنوي الذي اصدره البنك عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية في الكويت عن الفترة حتى نهاية مارس الماضي، وقال البنك ان نسبة التضخم ارتفعت الى %7.3 عن العام السابق كما في اكتوبر الماضي، وان عرض النقد يسجل ارتفاعا حادا في عام 2008.وقال ان بنك الكويت المركزي خفض اسعار الفائدة بعد تخفيض مفاجئ لاسعار الفائدة الرئيسية قام به مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي في 22 يناير الماضي، الا ان بنك الكويت المركزي لم يحدث اية ردة فعل على تخفيض الفيدرالي لسعر الفائدة في 18 مارس الماضي.واضاف البنك ان الكويت تبنت سياسة محافظة للغاية فيما يتعلق بتقدير الايرادات الحكومية للعام المالي 2009/2008 على نحو يتوافق والسياسة العامة التي تنتهجها، كما تنبأ بان تحقق فائضا ماليا قياسيا خلال السنة المالية الحالية، مبينا حسب راي البنك، ان الحسابات الكويتية مع الخارج ستمضي في تسجيل فوائض قياسية على المدى المنظور.واشار التقرير الى القرار الذي صدر بتخفيض الضرائب المفروضة على الشركات الاجنبية العاملة في الكويت قائلا انه كان خطوة ضرورية طال انتظارها.[c1]النمو الاقتصادي[/c]وقال كريدي سويس انه بالرغم من تدفق الثروات النفطية الضخمة، فقد شهد الاقتصاد الكويتي جملة من التحديات في عام 2007. ففي اعقاب نمو بلغ في المتوسط %11 خلال السنوات الاربع الماضية، وجد الاقتصاد الكويتي نفسه غير قادر على المحافظة على هذه الوتيرة من النمو السريع، وذلك في ظل مواجهته حالات نقص حادة في العمالة الماهرة والسلع الراسمالية، فضلا عن الضغوط التضخمية المتنامية.غير ان البنك مع ذلك توقع ان يكون الاقتصاد الكويتي قد ودع عام 2007 محققا معدل نمو مرموقا يبلغ %5.5. وقال انه لولا التقيد بحصة انتاج النفط المقررة من قبل اوبك، لكان نمو الاقتصاد الكويتي ـ في راي البنك ـ قد تجاوز بسهولة معدل %6على الاقل. ولما كان من المتوقع ان يرتفع انتاج النفط بصورة متواضعة على الاقل خلال العام المقبل وفقا لقرار اوبك اواخر العام الماضي بزيادة حصص انتاج الدول الاعضاء، فان من الضروري ان يسجل القطاع النفطي مساهمة ايجابية في تعزيز النمو الاقتصادي خلال عام 2008. وعلاوة على ذلك، فانه في ظل الارتفاع الحتمي والمتواصل في اسعار النفط العالمية، فان الايرادات النفطية ستعزز مسيرة النمو في القطاعات غير النفطية، والتي تشهد نموا سريعا، وعلى الاخص قطاعي الخدمات والعقار. مصدر التمويل الاولوتوقع كريدي سويس ان يستمر قطاع النفط على المدى القصير في المساهمة بنسبة كبيرة (%40 او اكثر) من الاقتصاد. وقال ان هذا القطاع سيبقى مصدر التمويل الاول للانفاق الحكومي. وانه مع توقعات بقاء اسعار النفط مرتفعة طيلة عام 2008، فان الحسابات الخارجية والداخلية في الكويت ستبقى متمتعة بفوائض عالية. وبالمقابل فان المصروفات الحكومية ستتواصل في تعزيز التوسع الاقتصادي نظرا لان طلب القطاع الخاص يعتبر الى حد كبير معتمدا على مصروفات القطاع العام. وسيبقى الميزان المالي الكويتي في حالة فائض كبير من وجهة نظرنا حتى لو تراجعت اسعار النفط، بما يعني قدرة الحكومة على مواصلة وتيرة الانفاق الحالية بارتياح خلال المستقبل المنظور.ومن الضروري ان يبقى الطلب المحلي والانفاق على الاستثمارات في نمو قوي على الاقل لمدة سنة اخرى، وبالفعل، فان قرارات قد اتخذت لزيادة مبالغ الدعم الحكومي ورفع رواتب موظفي القطاع العام وتعظيم الانفاق على مشاريع البنى التحتية، ما يعني ان المصروفات الحكومية ستوفر دعما ضخما للنمو الاقتصادي في عام 2008.ونتيجة لذلك نتوقع ان يحقق النمو الاقتصادي انتعاشا قويا يصل الى %7.5 في عام 2008 مقارنة مع %5.5 في العام الذي سبقه. ومن اهم القطاعات التي سيطالها هذا النمو، العقار والخدمات وعلى الاخص النقل والتمويل والانشاءات. ومع ذلك فان مزيدا من التوسع في الانتاج النفطي تعترضه اليوم عوائق متزايدة تتعلق بالطاقة الانتاجية.[c1]النمط الاستهلاكي[/c]وبرغم كونها واحدة من اكبر مصدري النفط في العالم، الا ان الكويت لم تكن محصنة ضد مشاكل نقص الطاقة، اذ ان الدعم الحكومي الكبير لمشتقات الطاقة ساعد على ترويج انماط استهلاكية مفرطة وحض على نمو سريع في معدلات الاستهلاك، الامر الذي ادى بدوره الى نقص في امدادات الغاز. ونرى من وجهة نظرنا ان الكويت اصبحت اليوم في حاجة ماسة الى تامين امدادات اضافية من الغاز لمواجهة متطلبات الطاقة لديها واللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه. وبالفعل فقد ادى نقص الغاز الى حالات من انقطاع التيار الكهربائي المبرمج على نطاق واسع في مختلف انحاء الكويت خلال مواسم الصيف الماضية. وقد اضطرت الحكومة، ازاء نقص مدخلات الغاز المحلي الى السعي خارج الحدود بحثا عن مصادر غاز خارجية.[c1]التضخم والسياسة النقدية[/c]سجل مؤشر اسعار المستهلك في الكويت معدلا قياسيا بلغ %7.3 في اكتوبر الماضي، مرتفعا عن %6.2 في الشهر الذي سبقه. وقد تراجع المؤشر في شهر نوفمبر الى %6.7 كنتيجة جزئية للعطلات الدينية والاسلامية. اما في شهر ديسبمر، فقد تولى قيادة ارتفاع مؤشر اسعار المستهلك، النمو القوي في تكلفة الاسكان والتي بلغت نسبتها %12.6 سنويا، والزيادة القوية في اسعار المواد الغذائية بوقع %4.4. وبرغم تنامي الضغوط التضخمية خلال الاشهر القليلة الماضية، الا ان مشكلة التضخم في الكويت لا تعتبر حادة على نحو ما هي عليه في قطر والامارات.وقد خرجت الكويت عن اجماع دول مجلس التعاون الخليجي عندما فكت ارتباط عملتها بالدولار الامريكي في مايو من عام 2007 في مساع تهدف الى كبح جماح التضخم. ومنذ ذلك الوقت اكتسب الدينار اكثر من %6 في سعر صرفه، على ان النمو السريع والمتواصل في اسعار المستهلك منذ اغسطس 2007 يوحي بان تعزيز قوة الدينار لم يكن يتم على نحو كاف لاستيعاب ضغوط التضخم المتنامية.[c1]غير كافية[/c]ومن اجل تخفيف اثار التضخم المتصاعد على الجمهور، تبنت السلطات في الاونة الاخيرة خططا لزيادة الدعم للافراد على السلع الغذائية ومواد البناء، وستبادر الحكومة الى دعم تكاليف مواد البناء بما فيها الحديد والاسمنت والكونكريت، كما ستقدم دعما اضافيا لمن يدينون بقروض عقارية بهدف تعزيز عرض البيوت وتوفير تداولها للمواطنين.كما اقرت الحكومة زيادة في رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص لمواجهة اثار التضخم، ووافقت على زيادة رواتب العاملين الشهرية بنسب تتراوح بين %14 و%17 ورفع قيمة الضمان الاجتماعي للمتقاعدين.وقد قوبلت هذه الاجراءات بمعارضة مجلس الامة، الذي اعتبرها غير كافية لمواجهة الارتفاع الكبير في اسعار السلع الاستهلاكية. وبالفعل فقبيل حله في التاسع عشر من مارس، اخذ المجلس على نفسه عهدا باصدار قانون يتضمن زيادات اضافية، وذهب بعض الاعضاء الى حد المطالبة بزيادات تصل الى %70 تاسيسا على ادعاءات بان بعض اسعار السلع قد تضاعفت في غضون بضعة اسابيع فقط.ونقدر ان معدل التضخم السنوي قد ارتفع من %3.1 في عام 2006 الى %5.4 في عام 2007، كما انه ارتفع الى %7 في ديسمبر 2007مقارنة مع %3.6 في نفس الشهر من عام 2006. وتوقع الان ان يواصل معدل التضخم نموه الى %8.6 بحلول ديسمبر 2008 نتيجة للضغوط الشعبية الرامية الى تخفيف اثار ارتفاع الاسعار على المستهلك.وفي ضوء المركز المالي القوي الذي تتمتع به الدولة، فان مثل ذلك الدعم يمكن زيادته مرات قادمة لتحاشي الاستياء الشعبي.[c1]عرض النقد[/c]اما عرض النقد فقد سجل نموا في اتجاه تصاعدي قوي، كما تعزز الاقراض المقدم الى قطاعات الاقتصاد المختلفة على نحو كبير.وارتفع الاقراض المحلي بنسبة %62.9 خلال عام 2007، كما ارتفع بنسبة اضافية قدرها %3.9 خلال الشهرين الاول والثاني من عام 2008.واذا ما استمر مجلس الاحتياط الفيدرالي في سياسة تخفيض اسعار الفائدة خلال الاشهر المقبلة، فربما تجد الكويت نفسها مدفوعة الى تخفيض سعر اعادة الشراء و/ او سعر الخصم، الامر الذي قد يزيد من حمى نمو الاقراض المحلي.وبالفعل ففي ضوء السياسة المالية الحكومية التوسعية، فان السياسة النقدية ستبقى مضاعفة ـ تستهدف سرعة اتاحة الائتمان من خلال زيادة عرض النقود. ونتيجة لذلك فاننا نتوقع نموا سريعا وحادا في معدل عرض النقد بمفهوميه الضيق والواسع خلال عام 2008 ليصل الى %22 و%27 على التوالي بحلول شهر ديسمبر.[c1]السياسة المالية[/c]من المرجح ان تكون الكويت قد حققت فائضا قياسيا في ميزانيتها للسنة المالية المنتهية في مارس 2008، وذلك في اعقاب فوائض ضخمة تم تكديسها خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد اعلنت وزارة المالية مؤخرا ان ايرادات الكويت بلغت 17 مليار دينار كويتي ـ أي ما يوازي %60 من الناتج المحلي الاجمالي خلال الاشهر الاحد عشر الاولى من السنة المالية 2008/2007، وبزيادة نسبتها %18.2 عما كانت عليه في السنة المالية السابقة.وقد استمد النمو القوي للايرادات العامة زخمه من الايرادات النفطية المتعاظمة والذي بلغ %17.6 لتصل الى 16 مليار دينار. وقد سجلت الايرادات النفطية خلال الاحد عشر شهرا الاولى من السنة المالي 2008/2007 نموا تجاوز ضعف التقديرات الواردة في الميزانية الحكومية للسنة المالية بكاملها.وتجدر الاشارة الى ان الكويت تضع ميزانيتها السنوية مستخدمة سياسة بالغة التحفظ في سعر برميل النفط الذي تقدره بواقع 36 دولارا في حين يقارب السعر الحالي 100 دولار للبرميل. وفي الوقت ذاته بلغت المصروفات الحكومية للسنة المالية حتى نهاية يناير 6.6 مليارات دينار او %24 من الناتج المحلي الاجمالي، والذي يقارب نصف التقديرات في الميزانية للسنة المالية بكاملها. ونتيجة لذلك، فقد رحلت الكويت فائضا ماليا ضخما بلغ 10.5 مليارات دينار او %37 من الناتج المحلي الاجمالي خلال الاشهر الاحد عشر الاولى من السنة المالية 2008/2007. واذا اخذنا اسعار النفط المرتفعة في الاعتبار، فاننا نقدر ان الايرادات قد ارتفعت بنسبة %23 اما نمو المصروفات فربما يكون اكثر اعتدالا اذ بلغ %4 لينتج عن ذلك فائض قياسي يقدر بنحو 8.4 مليارات دينار او حوالي %27 من الناتج المحلي الاجمالي تم ترحيله للسنة المالية 2008/2007.[c1]تقديرات محافظة جدا[/c]وعلى غرار الممارسة الاعتيادية في مثل هذه الحالات، فقد تبنت الكويت سياسة مفرطة في التحفظ فيما يتعلق بتقدير ايرادات الميزانية، التي تغطي السنة المالية من ابريل 2008 الى نهاية مارس 2009، وتظهر عجزا قدره 6.4 ملايين دينار كويتي او ما يعادل %18 من الناتج المحلي الاجمالي. وعلى جانب الايرادات، فان السلطات تقدر الايرادات النفطية للسنة المالية 2009/2008 بما يوازي 12مليار دينار او %33 من الناتج المحلي الاجمالي مفترضة سعر برميل النفط بواقع 53 دولارا، وعلى اساس ان الانتاج اليومي من النفط 2.2 مليون برميل، وكلا الرقمين متحفظان للغاية من وجهة نظرنا.اما المصروفات فقدرت بمبلغ 18مليار دولار او %51 من الناتج المحلي الاجمالي في حين تم تخصيص مبلغ 1.3 مليار دولار لصندوق احتياطي الاجيال المقبلة التابع للدولة.واذا ما استمرت الاتجاهات التي سادت في الاونة الاخيرة على حالها، فان الايرادات الفعلية ستتجاوز بسهولة المبالغ المقدرة وستتراجع المصروفات الفعلية الى ما دون المصروفات الحكومية المقدرة في الميزانية. وتجدر الاشارة الى ان العجز في ميزانية السنة المالية 2008/2007 كان مقدرا بمبلغ 3.8 مليارات دولار لان السلطات المعنية قدرت سعر برميل النفط بواقع 36 دولارا فقط.ونقدر في الوقت الحاضر ان المصروفات الحكومية سترتفع بواقع %20 خلال الاشهر الاثني عشر المقبلة، ومع ذلك فان مجموعة من العوامل من اهمها انتاج النفط بمستويات اعلى، وفقا للزيادة التي اقرتها منظمة اوبك على حصص الانتاج اواخر العام الماضي، وتصاعد اسعار النفط العالمية الي معدلات قياسية، ستؤكد على ان ايرادات الميزانية الكويتية ستتجاوز مرة اخرى الارقام المقدرة بفارق كبير جدا. ونتوقع ان يبلغ الفائض الناجم عن ذلك %22 من الناتج المحلي الاجمالي للسنة المالية 2009/2008.