مدارات
محمد الأميرتبدو المنطقة متجهمة يلفها ضباب قاتم وحراك سياسي عنيف وتكاد السنة اللهب تقدح فيه من التصريحات النارية التي تتبادلها الديبلوماسية الامريكية وتزيد عليها التصريحات الايرانية حدة وتحدٍ .وحين يقول الرئيس الايراني الاسبق / علي أكبر هاشمي رفسنجاني ورئيس لجنة تشخيص مصلحة النظام حالياً بتصريح ادلى به بين زيارتين لسوريا والكويت مؤخراً ." لانستبعد حصول هجوم امريكي وفي الوقت نفسه نشدد على انه في حال وقوع الاعتداء فانه لن يكون في مصلحة امريكا او في مصلحتنا وان الضرر لن يلحق بالجمهورية الايرانية ، بل سيؤثر في المنطقة بأكملها على العالم أن يقبل بأن ايران لن تتخلى عن قوتها النووية ، هذا واقع وعلى العالم ان يتعايش معه"" .فيما يصرح الرئيس الايراني / محمود احمد نجاد : » بأن ايران ستقطع يد اعدائها وتجعلهم يندمون" .واصبحت الحرب الديبلوماسية تؤثر بشكل مبالغ فيه لا على البلدين وما ينعكس فيه على شارعيها السياسيين وحسب بل والمنطقة التي تحيط بهما .وقد تكون الحرب الكلامية أشد وطأة من الحرب الميدانية او انها هي الاساس الذي يقود الى الاخيرة الا ان اصداء التصريحات السياسية هذه بدأت تأثيراتها بشكل قوي على مجمل الاوضاع الاقتصادية في العالم وقد لوحظ ذلك خلال هذه الايام القليلة الماضية وتجاوز اسعار برميل النفط حده الاعلى الذي لم تبلغه قط .مما يجعل الاحتمالات واردة بأن الحرب المباشرة قد تؤدي بتأثيرات اقتصادية كارثية على كل الانحاء .وبعد هذا فان الحرب الديبلوماسية بين البلدين والتي بدأت تصيب دول الخليج العربي بالكثير من حالات التخوف بل والاحباط النفسي لدى العامة الذين يرون ان عدم التعاطي بالسياسة بل وان الكثير من التنازلات السياسية والاقتصادية التي قدمت من قبلهم لقاء ان ينعموا بالامن لم تقيهم شر حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وان يكن الآخرون لا يسعون من خلال هذه الحرب الا لتثبيت اقدامهم في المنطقة أكثر مما ثبتت خلال النصف قرن المنصرم .لذا فان زيارة / رفسنجاني الى منطقة الخليج كانت لا لتطمينات ولا للتحذيرات بل لتضع نقاطاً محددة من وجهة نظرها ، وأكثر تحديداً لتشرح الفوارق السياسية والعسكرية بين حرب امريكا التي شنت على العراق قبلاً ، والحرب المزمعة التي قد تشنها على ايران مستقبلاً .فايران من وجهة نظرها ان أي اضرار بالمنطقة سيصيبها هي بالتالي وان تعمدها الاضرار لا يعود بالنفع مطلقاً لها ، وان أضعف الاحتمالات هي ما قد يصيبها بيئياً وحسب ناهيك عن أي تداعيات اخرى تلحقها الحرب بالاقتصاد ومصادر الثروة .لكنها في ذات الوقت لن تحتمل ان تعقد الصداقات والصفقات ضدها ، ولن تسمح بأن تنطلق قاذفات او صواريخ من دول صديقة لامريكا دون ان ترد الى حيث جاءتها الطلقات وعليه فان حيادية أي طرف ستكون في مصلحته .الا ان الحيادية في الحرب هنا لا تعني الحيادية في السياسية ذلك ان بامكان ايران ان تأمن الجانب الخليجي في الحيادية على احتمالات الحرب .لكنها لن تستطيع ان تقف موقف المتفرج ازاء دول القفقاس (القوقاز) التي عقدت اتفاقيات صداقة جديدة مع امريكا وخصوصاً المعاهدات العسكرية التي سمحت خلالها بقواعد عسكرية امريكية في اراضيها مثل جورجيا .وهكذا نرى ان رقعة الحرب التي قد تتهيأ لها الولايات المتحدة تحرق عمق الخريطة وتتسع دائرتها .وهي التي لم تستطع حتى اللحظة السيطرة على ابعد من محافظة كابول في افغانستان ولا يزال جنودها في العراق بحاجة لجنود عراقيين لحمايتهم اثناء شنهم الهجوم على (المتمردين) ! .