صباح الخير
قبل بضعة أشهر كنت قد كتبت في زاوية صباح الخير مقالاً بعنوان (غياب الرجل من الخطاب الديني) تطرقت فيه إلى أن كثيراً من الخطابات الدينية التي يروج لها بعض رجال الدين أو من يدعون ذلك بمختلف اتجاهاتهم ومذاهبهم يركزون على المرأة كمادة دسمة وغنية لإعطائها نصائح ومواعظ ترشدها إلى طريق السلامة وتبعدها عن الشرور.ونحن المسلمين اكنا رجالاً أم نساء فإن الحديث عن الأمور الدينية يشكل لدينا عزفاً على وتر حساس فجميعنا أو معظمنا يتمنى الجنة بما فيها من نعم ويخشى النار والعقاب، مادفعني للكتابة عن هذا الشيء مجدداً هو متابعتي لبعض الفتاوى التي تصدر عن شخصيات إسلامية ذائعة الصيت وكأنه لم تعد هناك أية قضية دينية يتمحور الناس حولها وتتباين الآراء فيه سوى المرأة.ومن بين تلك الآراء والتصريحات حول المرأة قضية لبسها للبنطال واسمحوا لي بالقول إنها قضية لأنها فيما يبدو اخذت وقتاً طويلاً من تفكيرهم، ففي وقت ما اعتبر لبس المراة للبنطال على انه تشبه بالرجال عاد بعض رجال الدين للتراجع عن قولهم ذاك مفتين بجواز ارتدائها له مستندين إلى وقائع حدثت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وكذا الحال فيما يتعلق بتولي المرأة للقضاء والرئاسة وحتى إمامتها للرجال في الصلاة وعدم جواز ذلك للمرأة بوصفها ناقصة عقل ودين ليعود البعض منهم ويتراجع عن مثل تلك الفتاوى بإصدار فتاوى أخرى تبيح لها ماحرم عليها قبلاً وهكذا دواليك يستمر الحال ببعض رجال الدين والفقهاء بقول أشياء ومن تم التراجع عنها.بيد أن المشكلة الحقيقية لاتكمن فقط في اصدارالفتاوى والتراجع عنها بل في العواقب التي تنجم عن ذلك والتي تقع على الإنسان العادي الذي ينظر إلى أولئك الفقهاء والأئمة نظرة مليئة بالتطلع والأمل بوصفهم العالمين بأمور الدين أكثر من سواهم والتي على ضوء فتاواهم تلك يبني الإنسان العادي توجهاته في الأمور الدينية، ولكن إن كانت آراؤهم مليئة بالمتناقضات فماذا يكون حالنا نحن العامة ونحن نعاني من التخبط بسببهم؟ ألايدركون أنهم يوقعوننا في حيرة جراء ذلك؟ أما كان الأجدر بهم التمعن ملياً والتروي قبل إصدار أية فتاوى؟