نص
لم يدر بخلدي أن ذلكم اللقاء سيكون الأخير بيننا، لأن الأماني لم تفارقنا بان حلم المهندس/عبدالله علي حيدرة العزاني مؤسس ورئيس مركز العزاني للتوثيق والتراث الفني قد بدأ يلوح في الأفق وسيتحول إلى حقيقة واقعة عقب عودته من رحلته العلاجية في الخارج.تبادلنا أطراف الحديث في لقائنا الأخير قبل سفره ببضعة أيام إلى الهند..، وكالعادة كان هم تجهيز المركز هو المسيطر على اهتمامه وتفكيره، وكنت أشاطره الحلم الذي بدأه مع أسرته الكريمة قبل أكثر من عشر سنوات، عانى خلالها من خذلان الوعود وإهمال المسئولين وتجاهل المعنيين بحفظ تراثنا الثقافي والفني من الاندثار والضياع والانتساب.قبل رحيله الأخير حثنا وأسرته وكل محبيه على المصابرة وعدم التخلي عن الحلم والتواصل مع كل المهتمين وعدم فقدان الأمل لإخراج مشروع المركز لحيز الوجود لان مانقوم به جميعا يستحق التضحية بالجهد والمال والاهتمام، باعتباره مشروعا يهم الأمة لأنه يحفظ ذاكرتها وجانب مهم من تاريخها ووجودها..،مؤكداً أن الأجيال القادمة سوف تقدر مايقوم به المركز وأسرة العزاني التي تقف خلف هذا العمل الوطني الكبير.فرحلة هذه الأسرة لحفظ وتوثيق التراث الثقافي والفني بدأت مع الأب المؤسس/علي حيدرة العزاني منذ الأربعينيات من القرن العشرين واستمرت حتى الآن مقاومة كل التقلبات والظروف الصعبة التي مرت بها بلادنا من دون أن تتخلى عن مخزونها التراثي الذي يزيد على مائة ألف أغنية قديمة ومئات القصائد الشعرية والمسرحيات والخطب الدينية والسياسية والاجتماعية جمعتها خلال عقود طويلة من الزمن.هذا الإرث الطويل والحافل لأسرة العزاني أخذ منحى منهاجياً قبل عشر سنوات، وذلك بشروع فقيدنا الكبير المهندس/عبدالله العزاني بتأسيس مركز العزاني للتوثيق والتراث الفني بهدف التوثيق العلمي والتقني الحديث لهذا الكنز الوثائقي المهم الذي يصون هويتنا وذاكرتنا الثقافية والفنية والأدبية لامتنا، وييسر سبل استفادة الباحثين من تراثنا، وكذا لحفظه وتقديمه للأجيال القادمة.ولكن مشيئة الله وقدره وقضاءه الذي لا راد له، حانت لرحيل المؤسس للمركز (المهندس/عبدالله العزاني) عن دنيانا وهو لم يكمل حلمه بعد بتجهيز المركز ليكون مناراً وإشعاعاً فكرياً نستضيء به ويعرف بسماتنا وهويتنا الثقافية والفنية والأدبية.أن رثاءنا للفقيد المهندس/عبدالله العزاني ينبغي أن يتجاوز الكلمات والدموع، لينطلق إلى العمل على تنفيذ حلمه..حلمنا.. ومواصلة رسالته ووصيته لانجاز مشروع المركز التوثيقي الثقافي.أن وصية الفقيد لنا هي التزام أدبي وأخلاقي لكل الجهات المسئولة والمعنية بهذا الأمر..فهل نسارع لتنفيذها؟.ولا يسعني هنا إلا أن نسأل الله الرحمة والغفران والجنة لفقيدنا المهندس/عبدالله علي حيدرة العزاني الشبواني، وان يلهمنا وأهله وكل محبيه الصبر والسلوان، انا لله وانا إليه راجعون .