المرأة العربية من الفئات الفقيرة عالمياً
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: على هامش مؤتمر “حقوق المرأة وقضايا النوع الاجتماعي في الوطن العربي بين الواقع والمأمول”، الذي أقيم مؤخرا بالقاهرة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك، ونظمه مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والمالية بالاشتراك مع منظمة العمل العربية أقيمت ندوة بعنوان “المرأة والمجتمع المدني”، لمناقشة إسهامات المجتمع المدني في الأقطار العربية للنهوض بوضع المرأة والمعاونة على إقرار حقوقها في مختلف مجالات الحياة.أكد د. محمد صفي الدين خربوش رئيس المجلس الأعلي للشباب في مصر أن فاعلية دور مؤسسات المجتمع المدني في النهوض بالمرأة وتقديم حلول وافية لمشاكل هذه الفئة مرهون بقناعة الحكومات بأهمية هذه المؤسسات.وأشار أن مفهوم المجتمع المدني لا يزال الى المفاهيم غير الواضحة المعالم، فالاختلاف هو السائد في هذا السياق، فإلي الآن لا يوجد اتفاق على الصعيد البحثي علي ماهية هذه المؤسسات، فالقبيلة والعشيرة عند بعض المفكرين مؤسسات مدنية في حين يرفض ذلك آخرون.وأكدت سمية عبد القادر الباحثة بالمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بليبيا أن مهمة التنمية البشرية من أهم الأدوار التي تقوم عليها مؤسسات المجتمع المدني، خاصة أن هذا الأمر يزداد أهمية في معظم دول العالم النامي، حيث شكل فيها أكثر الموارد الطبيعية توافرا وأقلها استخداماً، ولا تتحقق التنمية لأية دولة ما لم تستفد بالثروة البشرية الاستفادة المثلي، فهي غير قابلة للشراء أو التخزين، ويمكن استثمار الثروة البشرية في التعليم والتدريب والصحة، موضحة أن ذلك الأمر يستوجب تنمية القدرات والمواهب والمشاركة في الخدمات الحكومية والتطوعية·وقالت: إن دور الإنات الاجتماعي والاقتصادي والثقافي قد تحول تحولا كبيراً في بعض الدول، وأن الملايين منهن أصبحن يسهمن بصورة فعالة في جميع مجالات التنمية، وذلك عن طريق العمل والعلم والإبداع، فإن دور المرأة أساسي في التكوين الاجتماعي للأسرة في المجتمعات البشرية فهي النواة الأولي ولها تأثير علي الفرد في صقل أفكاره وتكوين شخصية وتوثر فيه أو عليه في طباعه وسلوكياته وتصرفاته، فالمرأة دورها يكمن في حالة أخذ الطريقة الصحيحة للتربية السلمية لأبنائها تجعل من أسرة إيجابية، وذلك من خلال زرع القيم والمبادئ الأخلاقية والعادات السليمة وزرع الثقة والحب والتفهم، وفي حالة العكس تؤدي بها إلي أسرة تضعف فيها القيم والترابط والتماسك·وأضافت: للمرأة، أيضا، دور ملموس في التنمية الإنتاجية والاقتصادية إذ تقوم خصوصاً في الريف بأنشطة اقتصادية، وهي في محيط منزلها أو محيط مزرعتها، وهي أنشطة تدر عليها دخلاً مادياً، قد يفوق ذلك الذي تحصل عليه امرأة المدينة، التي تعمل خارج المنزل، وبما أن العمل في المجال الإنتاجي مكون قيمي اجتماعي أخلاقي فهو رغبة من أجل إبراز الأنا والآخر.وأشارت عبد القادر إلي أن المرأة العربية كفرد داخل المجتمع، لها دورها السياسي تقوم به علي مستويات مختلفة، أولاً، من خلال التنشئة السياسة، فالأم هي التي تقوم بتشكيل الإدراك السياسي للطفل، وتقوم بتلقين القيم والعادات والأفكار والثقافة الخاصة بمجتمعها، التي تعيش فيه، وبالتالي تؤثر علي سلوك الطفل السياسي من خلال هذه الأفكار والقيم والمعتقدات، مؤكدة أنه بالرغم من أن المرأة تتقلد العديد من المناصب السياسية، فإن هناك العديد من العراقيل، التي تقف دون تقدمها مثل ارتفاع نسبة الأمية·وعن دور المرأة العربية في التنمية الثقافية، أوضحت أنه على الصعيد الليبي، كانت البداية في عقد السبعينات، الذي يمثل فترة الانطلاق الحقيقة لمشاركة المرأة في مجالات الإبداع الأدبي والثقافي، حيث بدأ وجودها واضحاً في مجالات القصة والشعر والمقالة الأدبية والمسرح والغناء والفنون الشعبية، وبدا واضحاً إقبال المرأة للانضمام للعمل في الإعلام من صحافة وإذاعة ووكالة الأنباء وأعمال الطباعة والنشر، وزاد اهتمامها ومشاركتها في الثمانينات في جميع مجالات الإعلام والإبداع الثقافي.[c1]تأنيث الفقر[/c]ومن جانبها، نبهت د·راندا الزغبي ـ ناشطة حقوقية عربية ـ إلي أن فقر النساء يعد إشكالية ينضم تحتها منظومة من المشكلات الفرعية، التي تشكل أوجهاً متنوعة لها، وتتبادل معها التأثير والتأثر، فالمرأة بصفتها محور الحياة الأسرية والأسرة محورها الحياة الاجتماعية، فإن أي قضية تمسها او تؤثر علي عطائها، سوف تؤثر بالتالي علي حياتها الأسرية وتنشئة أبنائها، وسوف تكلف المجتمع كثيراً الإنفاق علي تبعات تلك الآثار في وقت هو أحوج ما يكون أن ينفقها على مقومات التنمية للبلاد وتطورها.وأوضحت أن المرأة العربية من الفئات الاجتماعية الفقيرة أو المعرضة للفقر، نظرا لهامشيتها وعدم تمكينها، فنسبة مشاركتها في قو ة العمل لا تتجاوز 25 %، وهي أدني نسبة على مستوي العالم، مشيرة إلى أن ظاهرة عدم تمكين المرأة أو فقرها لا تعد عربية فقط، بل هي ظاهرة عالمية، فمثلا يشكل النساء نسبة 70 % من فقراء العالم، ولذلك أصبح موضوع المرأة والفقر محوراً اساسيا علي أجندة المؤتمرات الدولية.واعتبرت د. الزغبي النظام الاقتصادي العالمي يمارس - عن غير قصد - ضغوطا كثيرة علي النساء اللاتي يرأسن أسرهن، وهن ـ أينما وجدن ـ أفقر الفقراء، ومن ثم جاء مصطلح تأنيث الفقر، إشارة إلي أن الأسرة التي ترأسها امرأة أكثر عرضة للفقر، حيث توصلت دراسات عديدة إلي أن 50 % من الأسر الفقيرة ترأسها امرأة، مؤكدة أن الإناث من الفئة الأكثر مشاركة في ظاهرة الفقر، وخاصة المدقع منه.وخلصت إلى أنه إذا كانت الحكومات قد فشلت في تنمية مجتمعاتها، أو رفضت الأخذ بالتوجهات الديمقراطية، فإن القطاع الأهلي يصبح الأمل الذي يتعلق بأستاره الفقراء والراغبون في المشاركة، وإن استبعدتهم قوى استبدادية سوف تستأثر بالثروة وحدها والقرار، حيث تركز المنظمات غير الحكومية علي التخفيف من وطأة الفقر، وتبشر بحقوق الإنسان وترعاها وتؤكد عليها، وتحمي البيئة من التدهور.[c1]قبول الاختلاف[/c]أما د. أم العز الفارسي أستاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد بجامعة قار يونس الليبية فأكدت أن فلسفة المجتمع المدني تحتوي بعدا جوهريا أخلاقيا يتمثل في قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين، وعلى حق الآخرين في أن يشكلوا منظماتهم المستقلة التي تدافع وتحمي وتدعو إلي مصالحهم المادية والمعنوية بعد أن تقوم بتجميعها هذه المنظمات، التي آل من ينتسب لها علي نفسه العمل على مصالح الجماعة القائمة على العدالة والاحترام المتبادل والتسامح والتعاون والتنافس والاختلاف السلمي.وأشارت إلي أن هذه القيم الحاكمة لعمل مؤسسات المجتمع المدني تتشكل من الإرادة الطوعية غير المجبرة، فهي ليست جماعة قرابة كالأسرة والعشيرة والقبيلة، وهي أيضا غير الدولة، التي تفرض جنسيتها أو سيادتها أو قوانينها علي من ولدوا ويعيشون ضمن إقليمها، موضحة أن هذه الاشتراطات تضع نظاماً أساسياً موضوعياً للعمل بناءً علي مبادرات صحيحة لإحياء المجتمع المدني القائم علي أهداف مجتمعية.ونبهت الفارسي إلى أن ما يدور في ليبيا اليوم من حوار بين النخبة المثقفة يوحي بأن هناك رغبة حثيثة للإعلان عن الرغبة في قيام منابر حوارية، وهذا بدوره ما يوحي بأهمية قيام منظمات المجتمع المدني وضرورة اضطلاعها بأدوار مهمة خلال المستقبل القريب، هو هدف ما زالت القوى الوطنية تعمل من اجله، ويتشارك الرجال والنساء في العمل الدؤوب، والذي ابتدأ فعليا بمحاولة إشهار “مركز الديمقراطية” و”جمعية العدالة لحقوق الإنسان”.وانتهت إلى أنه إذا صدقت النوايا، فإن عمل مثل هذه المنابر، برغم ما يكتنف الدعوة إلي إشهارها من اختلال، سوف يتيح فرصة لبداية جديدة لمنظمات المجتمع المدني في ليبيا.