قصة قصيرة
إنطلق صوته " المنبه" فيبه ما فيبه .. أببوا أبو السمبرة جرم يجيبه .. فيبه ما فيبه.. كيتي كولا يجيبه .. كان أببو يتخذ موقعاً على حافة اللسان الممتد من شارع المنارة في مدينة كريتر وبالتحديد بجانب مبنى البريد الرئيسي كانت السمبرة في تلك الايام أكلة زهيدة محتقرة يسد بها الفقراء جوعهم ولم يكن مثل أيامنا هذه فالسمبرة تعرض وتباع للزبائن على انغام الديسكو بإيقاعاتها السريعة مع رياح التغيير صار أببو نجماً وذلك من خلال عبارته المشهورة وصار أشهر داعية للسمبرة جرم .لم تكن السعادة يوماً هدفاً من أهداف حياته إنه مثل "اينشتين" ليس سعيداً ولا يريد أن يكون سعيداً تضايق أببو كثيراً من هذا اللقب " أبو السمبرة جرم" ولكنه لا يستطيع أن يبدي احتجاجاً حتى صار يمتنع من ترديد عبارته الداعية المشهورة " فيبة ما فيبه" كيتي كولا يجيبه" بل وصل به الامر في أن يفضل الانزواء في بيته ولا يخرج إلاّ لحاجة ضرورته ولكنه يجد نفسه أمام الامر الواقع.. إنها لقمة العيش ومصدر الرزق .. فمن أين ..؟! أخيراً وصل الى قرار نهائي ولا رجعة فيه بعد أن ضاق درعاً بهذا اللقب ولن ينفعه اختبائه وعزلته فقصد مدير البلدية حيث كانت البلدية حينها على مقربة من موقع عربته ذات العجلتين المصحوبة والمشحونة بأواني السمبرة والبطاطس وتوابعها كان مديرها قوياً ومدعوماً " كلمته كلمة وبس ".فقال أببو : ياحضرة المدير فسارع المدير مقاطعاً : هاه إيش في معك يا أبو السمبرة الجرم فانقبض أببو وقال : في الحقيقة أنا جئت إليك ياحضرة المدير شاكياً راجياً مساعدتك .. هذا اللقب أبو السمبرة جرم الذي نلته يضايقني كثيراً وأرجوك ثم أرجوك أن تعمل لي حل في أن تأمر في أن تكف الناس عن مناداتي به .. تصور ياحضرة المدير أن زوجتي نفسها صارت تناديني بأبو السمبرة جرم ورق قلب مدير البلدية لهذا المسكين فنشر قراراً بلدياً رسمياً ممهوراً بختمه وتوقيعه .. أن من يناديه " بأبو السمبرة جرم" سوف يدفع مبلغ خمسون شلنا غرامة وسر أببو كثيراً وانبسطت أساريره عندما راح يتجول بعربته في شوارع مدينة كريتر مبتدئاً من السوق الطويل ثم ميدان الزعفران مثل " العونطي " دون أن يجرؤ أحداً على ذكر " أبو السمبرة جرم" وعجب على تلك القدرة العجيبة التي ربطت الألسنة وكمت الأفواه .ولكنه .. أي اببو.. كان يرى في العيون ما لا يطمئن القلب ولا يرضى العين فيغض الطرف .. وبعد مدة استدعى مدير البلدية " أببو" وسأله إن كان أحداً قد ترجأ على ذكر " أبو السمبرة جرم" على مسامعه.فقال أببو : ياحضرة المدير .. لقد امتنعوا عن مناداتي بأبو المسبرة جرم لقد انتقل الى لقاء ربه منذ زمن طويل ولكن الذين عانى منهم ومن نظراتهم ما زالوا يفرخون ويتوالدون ويتوارثون الألسنة والنظرات والافكار والخبث من جيل الى جيل .عدن في نوفمبر 1991مالهامش :السمبرة : حب العتر . وهي كلمة هندية جرم : ساخن . وهي كلمة هنديةالعونطي : حركة استعراض " الفتوة"فيبه : أي فيه . في داخلهيجيبه : يأتي به الجاري : كلمة هندية وتعني عربة العتر