القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:الغيرة .. الاكتئاب .. ضعف شخصية الزوج والملل المسيطر علي حياة الزوجات كلها أمور تقف مسئولة وراء سيطرة « النكد « علي العلاقة بين الزوجين ، هذا العرض الاجتماعي المرضي الذي سرعان ما يصرع سعادة الأزواج ويتوطن في البيوت لتتحول إلي جحيم لاتطفأ فيه أبداً نار الخلافات الزوجية ، بعد أن كان عش الزوجية يرفرف عليه الحب بنعومته وحلو مذاقه ، فإنه عندما ترتفع الأصوات ويتوقف العروسان قليلاً أمام باب عشهما ، لتلقي التهاني وسماع عباءة «بالرفاء والبنين» يسر كل منهما للحظات ليتخيل تلك الحياة الناعمة الهادئة مع الآخر .يتخيل العروسان في هذه الأوقات الحالمة أنهما لن يشتبكان في مشاجرة عنيفة مثلاً يحتاجان معها لتدخل خارجي .لكن للأسف هذا ما يحدث مع البعض بعد أن تمر الأيام ليتبدل الإستقرار بالفوضي وتتكرر المشاكل ، ويصبح « النكد» ضيفاً دائماً ثقيل الدم علي الأسرة الصغيرة ، وتمتد أصابع الاتهام لتشير نحو الزوجة ، تحملها مسئولية هذا « النكد « دون أن نفكر ولو للحظة واحدة أن الزوجة مثل الزوج تماماً ، تتأثر بالمحيط الاجتماعي وطبيعة العلاقات السائدة وتتأثر أيضاً بأداء الزوج في المنزل ، ودون أن نفكر أن هذا « النكد « مسئولية الرجل قبل المرأة ، والمطالب «دائماً « بإبداء المزيد من التفهم كي تنقشع الغمة ويعود الهدوء للمنزل.يقول د . محمد شعلان أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر : العناد من المركبات الأساسية لنفس المرأة ، لذلك تكثر الخلافات الأسرية بين الزوجين، فالتحدي المتواصل يخلق رد الفعل غاضب لدي الطرف المقابل ، وغالباً ما يدعم تمسك المرأة بعنادها ، توهمها بأن زوجها « ديكتاتور» ، يريد إخضاعها وتسخيرها لتنفيذ أوامره ، وهذا الأمر ناتج عن تأثر الفتاة بقيم المجتمع ، التي فرضت شكلاً ثابتاً لسطوة الرجل ، وخضوع المرأة له بالضرورة فانعكس الأمر علي معتقدات المقبلات علي الزواج ، لذا فهن يبادرن بالهجوم ، قبل أن يقعن فريسة للظلم والتحكم الموهوم ين، فمن الطبيعي أن كل الرجال ليسوا مخلوقات شرسة ، تسعي إلي اضطهاد المرأة لذلك نلاحظ انخفاض معدلات المشاكل الزوجية داخل الأسرة الأوروبية عنها في مثيلتها العربية ، لعدم انتشار هذه الأفكار النمطية ، في المجتمعات الأجنبية فكل من الزوجين يسارع لإسعاد الآخر ، لذلك تستمتع هذه الأسر بالاستقرار وتقل فيها نسب الطلاق .ويؤكد د . شعلان أن أحدث الدراسات أثبتت تزايد المشاجرات الزوجية ، في الفترة التي تعقب عودة الزوج من عمله مباشرة ، لأنه يعود متعكر المزاج بسبب عناء العمل ، وفي حاجة للراحة والهدوء ، ولا يمتلك طاقة ، للنقاش في الأمور الأسرية التي تبادر بها الزوجة فور دخوله المنزل ،وبالتالي يضحي من العسير ، تنظيم التصريفات في إطار من الهدوء ، والتفاهم مما يعقد الموقف ، ويجعل من الزوجة كائناً «منغص للحياة» .[c1]مخزون اللا شعور [/c]ويفسر د . عادل المدني - أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر - ظاهرة ازدواجية تعامل المرأة مع زوجها والآخرين بقوله : تتحول بعض النساء مع أزواجهن إلي شخصيات قاسية ، تفتقر إلي الحنان ، والعذوبة ، وعلي العكس تماماً تكون طبيعتهن مع الأفراد الآخرين غير أزواجهن ، حيث يتحولن إلي كائنات رقيقةكلها بهجة وتسامح ، وتلتمس الأعذار للغير وفي بعض الحالات تقف كراهية الزوجة لزوجها وعدم احترامها له ، وراء سلوكها الناقم تجاهه ، فهي إما تزوجته رغماً عنها ، نتيجة لإلحاح الأهل، أو بسبب تسرعها في قبوله ، والخطأ في الحكم عليه ، فاكتشفت بعد الزواج حقيقته ، ومن ثم تتحول عن شخصيتها المعهودة ، ولا تهتم بمشاعره ، أو تعتني بما يغضبه أو يفرحه ، وعلي العكس تتعامل مع المحيطين بود واضح ، لأنها لا تكره أحداً منهم .ويضيف : وفي أحيان أخري ،يدور صراع نفسي بين الزوجين ، لا يفطن إلي أسبابه أي منهما ، فدوافعه ممخزونة في « اللاشعور « وقد تكون منها رغبة أي من الزوجين في فرض سيطرته علي الآخر ، أو غيرته من النجاح الذي حققه ، سواءكان الأمر يتعلق بالزوج أو الزوجة ، لأن النتيجة واحدة ، وهي كثرة المشاجرات والمعارك الزوجية ، التي يسقط الزوج ضحيتها فيصبح عرضة للأمراض النفسية والعضوية ، ويصاب حينها بالإحباط والاكتئاب ، وضغط الدم وكذلك قرحة المعدة والقولون العصبي ، وذلك بعد أن تنتابه الحيرة في الإزدواجية التي تتعامل بها زوجته معه مقارنة بالآخرين .ويشدد علي أن حالات الزوجات تتدرج في الخطورة ، فبعهضا يتتطور لمرتبة المرض النفسي ، الذي يتطلب علاجه عرضاً فورياً علي الطبيب المختص ، ومتابعة دقيقة لاستجابة المريض ، أما في الحالات البسيطة، فتكفي جلسة مواجهة بين الزوجين ، يصارح فيها الطرفان بعضهما البعض ، بما يؤرق البال، ومايتمني أن يراه في شريك الحياة ، ويتعاهدان علي التغيير ، والبداية بشكل جديد .
ضعف الزوج يفتح المجال لتسلط الزوجة
[c1]فقدان الأمان [/c]ومن جانبها تري د . إنشاد محمود أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية أن ميل المرأة إلي النكد ، يعكس حالة من فقدان الأمان الإجتماعي ، والشعور بالقلق تجاه المستقبل فتلاحظها في حالة توتر دائم ومراقبة للأحداث ، لأنها تخشي أن تفاجئها الأيام ، بما لاطاقة لها به ، فتقف عاجزة عن المواجهة ، لذا فالمرأة تسارع بمحاربةكل ما يقابلها، حتي لا تشعر بالضعف أو العجز .وترجع د . آثار هذا السلوك غير السوي إلي خروج المرأة للعمل ، وبقائها لفترات طويلة خارج المنزل بعيداً عن الأبناء ، فأسهم هذا من ناحية ، في زيادة الضغوط النفسية عليها ، وشعورها بالتشتت بين أعباء الوظيفة ، وهموم الأبناء، ومتطلبات المنزل ، فصبت جام غضبها علي الرجل ، أو الزوج ، الذي اعتبرته سبباً ، لما هي فيه ، فلولا عجزه عن سد احتياجات أسرته ، لما اضطرت هي للخروج إلي العمل ، وإرهاق نفسها .ومن ناحية أخري يؤثر عمل الأم في نزوع أبنائها ، إلي العنف والعصبية ، فيخرج جيل متعطش للحنان والحب ، باعتبار أن الأم هي النبع الأول لهما ، وفي ظل غيابها تضيع هذه المعاني ، ومعها الأمل في إيجاد نفسيات قويمة ، بعيدة عن الخلل العصبي والنفسي .وتضيف د• إنشاد ، هناك عوامل أخري تؤدي للنتيجة ذاتها وهي زيادة عصبية المرأة ، كتلوث الجو، والزحام والضوضاء ، ومعاناة الفئة الغالبة لنساء المجتمع من هذه الظروف ، وفي مقابل إطلاعهن علي مظاهر الترف والرغد، التي يتمتع بها آخرون ، من خلال شاشات التليفزيون ، وتعقد لحظتها المقارنة بين ما هومتاح لهن ، وما ينعم به ويرفل فيه الآخرون ، فتزداد معاناة هؤلاء النسوة ، وتسوءردود أفعالهن، ويصبحن في حالة تحفز دائم لمهاجمة الآخرين . ويري عدد من المتخصصين في الطب النفسي أنه أحياناً يكون المرض النفسي هو العامل الأساسي لميل الزوجة إلي الإنفعال الدائم ،فالسلوك الطبيعي تتعدد محطاته ، مابين انفعال وانبساط حزن وسعادة ، قلق وهدوء وكل منها ترتبط بدوافع نفسية تحرك هذه الأحاسيس ، التي تزول فور انتهاء أسبابها ، أما الشخص الذي يعاني من سيطرة العصبية علي معظم سلوكه بصفة مستمرة ، فهو مصاب إما بالاكتئاب أو الوسواس ،أو النرضين مجتمعين. وقالوا أن الفرد الاكتئابي ،تحكم علاقاته الإنسانية» نزعة النرجسية « ، والأنانية ، فدائماً ما ينتظر الحب والعطف المحيطين ، دون أن يسعي لتبادله ، أو منحه للآخرين ، لأن الأهم عنده هو أن يتلقاه ، فهم في نظره مصدر للإشباع النفسي ، ولن يتهاون معهم ، إذا قصروا في واجبهم تجاه هذا الشخص المريض ، حتي إن كان تصرفهم مدعماً بحجج منطقية ، أو لأسباب قدرية ، وهنا يبدأ في التمرد ، واصطياد الأخطاء للطرف الآخر ، والتهويل من قدرها .وأشاروا إلي أن إصابة المرأة بالاكتئاب ترجع لثلاثة أسباب ، أولها العامل الوراثي ، حيث توجد مجموعة من الأمراض النفسية التي تنتقل عبر الأجيال الأسرية بالوراثة كالبارانويا والاكتئاب ، ولا يرتبط ظهورالمرض بعمر معين وإنما يصبح الإنسان عرضة للإصابة به في أي وقت. وقالوا أن المرأة « الموسوسة « أو الشخصية « الوسواسية» دائماً تطمح إلي الكمال والمثالية في كل شئ ،وتتمني، بل وتفرض علي المحيطين ، دقة تنظيم الأمور ، لذلك فهي كائن مرهق ، وتؤمن بصوابها القاطع وتوقع الآخرين في الفوضي ، وتتحول إلي آلة لإفراز « النكد « «وتتزايد المشاكل داخل المنزل فهي تراه مقصراً لايراعي ما يسعدها ويحزنها ، وهو يتخيلها خلقت خصيصاً لإتعاسه وتقييد حريته .[c1]براكين ثائرة[/c] وتتهم د . سامية الجندي أستاذ علم الإجتماع بجامعة القاهرة الزوج بأنه سبباً رئيسياً في تلك المشكلة قائلة : ضعف الزوج يفتح المجال لتسلط الزوجة ، التي ترفض استسلامه وخضوعه ، وطالما اقترنت أحلام المرأة بالفارس الذي يستطيع حمايتها ، ويجبرها علي احترامه ، والثقة في قوة شخصيته ثم تفاجأ بأنه زوج ضعيف فيزيد من جبروته بهدوئه ، ورضاه عن أفعالها ، وبعكس ما يتصوره البعض من استمتاع المرأة بمزاولة هذه التصرفات ، فداخلها يمتلئ بالبراكين الثائرة علي هذا الرجل ، ليس بغرض الإيذاء أو التعذيب وإنما لرغبتها أن يتمرد ، ويثور ويفعل مثل باقي الرجال ، وأحياناً يستغرب الزوج أمر زوجته ، أيكون هذا جزاء معاملته بالحسني ؟ كيف لايتوافق رد فعلها مع سلوكه المحب ؟وللأسف لا يدرك أن الفرق شاسع بين المعاملة الطيبة وإظهار مشاعر الحب ، وبين الذل والضعف اللذين تكرهما المرأة في الرجل بصفة عامة ، فما الحال إذن مع زوجها الذي تتمناه دون رجال الأرض ؟وتؤكد أن المجتمع العربي في حاجة إلي وجود عيادات أكثر للاستشارات الأسرية والزوجية ، كما هو الحال في دول أوروبا ، تعكف علي استقبال الأزواج الذين يجدون العائلية ما يدعو للقلق والمشاكل ، فتقوم هذه المراكز من خلال الإخصائيين بمناقشة الأزمة مع الزوجين والتوصل إلي حلول ترضيهما ، عن طريق الاستعانة بأحدث المناهج النفسية والإجتماعية ، التي ظهرت مؤخراً ، وأثبتت نجاحها ، بعد تجربتها علي قطاع كبير من عينات البحث علي أن تكون خدمة هذه العيادات ، في متناول الجميع ، ولاتقتصر علي أصحاب المال والصيت ، والفكرة في ذاتها تكبيرلدور الإخصائي النفس أو الاجتماعي في المدارس ،ولكن باستخدام منهج أكثر تنظيماً للمتغيرات ، وبدلاً من اقتصار خدماته علي طلاب المدرسة ، تمتد لحي بأكمله مثلاً ، وهكذا ..[c1]خطأ مشترك[/c] وتقول د . هدي زكريا أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق: تتحول الحياة داخل المنزل إلي جحيم لا يطاق ، عندما تزيد غيرة الزوجة علي القدر المعقول ، الذي يركز مشاعر الحب ويحافظ عليها من الانطفاء ، وأما إذ اتخطت الغيرة حدود العقل ، وأصبحت مرادفاً للشكوك وعدم الثقة ، فإنها تنذر باقتراب النهاية ، وتصاعد الصدمات الزوجية ، خاصة إذا حجمت المرأة من إنطلاق زوجها ، واستباحت كل خصوصياته ، فهو يكره أن يكون محاصراً ، وفي نفس الوقت لا يرضي عن عدم ثقة زوجته فيه ، ومعاملته كأنه مذنب ،ومجرم تتحين هي الفرصة لتثبت شكوكها فيه .وتشير إلي أن الغيرة تتحول إلي وسيلة تملأ بها الزوجة مساحات الفراغ في حياتها ، فليس أمامها سوي الزوج ، الذي تجعله شغلها الشاغل ، تدقق في أبسط تصرفاته ، وتفسرها وتفتش في حاجياته ، وتتبع أخباره عن بعد ، وهذه المرأة غالباً ماتكون سيدة منزل ، سريعاً ما تنتهي من واجباتها الأسرية ، ولاتجد بعد ذلك ما تفعله ، وعلي العكس تكون المرأة العاملة ، التي تخرج إلي المجتمع وتكون علاقات عديدة، فتقسم حياتها بنسب محسوبة علي مسئولياتها ، كما أن احتكاكها بالحياة والبشر المختلفين ، يساعدها في تفهم علاقات زوجها في إطارها الصحيح ، بعيداً عن التأويل الخاطئ ، والشك الزائف .وتوضح أن أكثر النساء عرضة للغيرة هن زوجات المشاهير ورجال الأعمال ، لتعامله مع قطاع كبير من السيدات ، ونظراً لتأثر الزوجة بالشائعات التي تثار دائماً حول زوجها ، فتتخيل أنه يخفي عنها ، ما تكشفه الشائعة، إضافة لشعورها بالقلق تجاه هجر الزوج لها ، وتأثره بالشهرة والمجتمع الجديد لذي يفتح له ذراعيه مما ينعكس علي سلوكها معه ، واتهامه بالخيانة دون مبرر مقنع.أما د . سوسن عثمان أستاذ علم الاجتماع بمعهد الخدمة الإجتماعية بالقاهرة : فتري أن المرأة بطبيعتها تشعر بالملل بسرعة وتفقد لذة الأشياء بنفس السرعة ، ولا تحب أن تستمر الحياة الزوجية وفقاً لوتيرة واحدة ، يساعد ظهور الجفاء الزوجي داخل الأسرة ، فيدب اليأس في الزوجين ، ويتوقفان عن السعي في إسعاد الشريك الآخر ، والاهتمام به ، بل وتنشب مشاجرات تدل علي احتياج لمسة تجديد ، تغير من روتي الحياة.وتشدد علي أنه بما أن المرأة ضعيفة ولا تستطيع التحكم في أعصابها ،والسيطرة علي انفعالاتها ، فإنها تترجم شعورها بالملل لزوجها ، الذي يشعر بالمشكلة ذاتها ، ولكن دون تهويل من حجمها كما تفعل هي ، ويحملها مسئولية هذا الخلل الذي تتهمه بإحداثه ، لأن الزوجة من وجهة نظره ، هي ربان سفينة الزوجية والمتحكمة في دفتها.وتخلص د. سوسن إلي أن تسرب الفتور إلي الزوجين، خطأ مشترك بينهما ، لايعقل أن يتحمل مسئوليته أحدهما دون الآخر ،والحل في الإهتمام بالتفاصيل التي يعتبرها الزوجان ، شيئاً من الرفاهية ، و كماليات المعيشة ، ولكنها في الحقيقة روح الأسرة السعيدة ، ومفتاح التجدد ، كالاحتفال بأعياد الميلاد ، علي شرط لم شمل الأسرة ، أو التنزه الأسبوعي أثناء العطلات .