عمالة الأطفال ظاهرة اجتماعية خطيرة لها انعكاسات سلبية على الأسرة والمجتمع
صنعاء / بشير الحزمي :تختتم اليوم بالعاصمة صنعاء أعمال المؤتمر الإقليمي الثاني لحماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة والإهمال والذي ينظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالتنسيق والتعاون مع العديد من المؤسسات والجمعيات الحكومية والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بهذا الجانب خلال الفترة من 18-20 يونيو الجاري تحت شعار لنعمل معاً لحماية الأطفال في الدول العربية) وذلك بمشاركة نحو 450 مشارك من اليمن وعدد من الدول الشقيقة والصديقة ويناقش المشاركون فيه على مدى ثلاثة أيام في سبعة محاور رئيسية نحو (70) ورقة عمل مقدمة من قبل العديد من الخبراء والمتخصصين في مجال الطفولة من اليمن ومن مختلف الدول الشقيقة والصديقة.صفحة ( السكان والتنمية) وبمناسبة انعقاد هذا المؤتمر في رحاب العاصمة صنعاء تستعرض فيما يلي أهم ما تناولته إحدى الأدبيات لمشروع التعليم والخدمات الاجتماعية لمكافحة عمل الأطفال (أكسس مينا – اليمن) الذي يهدف إلى المساعدة في الجهود الحكومية والمنظمات الدولية والجهات ذات العلاقة في المساهمة في التقليل من أسوأ أشكال عمل الأطفال في اليمن – والتي تتركز حول موضوع عمالة الأطفال وأسبابها والمعالجات والتدابير الإجرائية لمواجهة هذه الظاهرة بما في ذلك التدابير التشريعية القانونية اللازمة والجهود الرسمية والشعبية المحلية والإقليمية والدولية المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة والسيطرة عليها والحد من آثارها..فقد ذكر المشروع في احدي أدبياته المشار إليها أن ظاهرة عمالة الأطفال هي من الظواهر التي تعاني منها كثير من الدول وخاصة دول العالم الثالث، والجمهورية اليمنية من ضمن هذه الدول التي تواجهها كثير من التحديات الناجمة عن الاختلالات الاجتماعية ولاقتصادية وظروف التحول الاقتصادي وما نتج عنه من اتساع دائرة الفقر حيث بدأت ظاهرة عمالة الأطفال في الانتشار منذ بداية التسعينات التي رافقها كثير من التغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة، واعترافا بأهمية مواجهة هذه التحديات التي تعوق برامج التنمية في بلادنا فقد صادقت على العديد من الاتفاقات الدولية ومنها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1991م التي تنص المادة رقم (32) منها بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطراً ويمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحته أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي وتدعو المادة الدول الأطراف إلى اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة وبوجه خاص إلى ما يلي:-1. تحديد عمر ادنى أو أعمار دنيا للالتحاق بالعمل.2. وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه 3. فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية. كما ينص قانون العمل اليمني رقم (5) لعام 1995م في المادة (48) علي أن ساعات العمل للأحداث يجب ألا تتجاوز 7 ساعات في اليوم و 42 ساعة في الأسبوع وان على أرباب العمل إعطاء استراحة ساعة واحدة من ساعات العمل وان لا يجبر الأطفال على العمل لأكثر من 4 ساعات متتالية وتحظر المادة كذلك تشغيل الأحداث بعد الوقت المحدد، أو خلال العطل الرسمية أو العمل في الليل ما لم تسمح بذلك وزارة العمل.وفي المادة (49) تحظر تشغيل الأطفال دون موافقة والديهم وأولياء أمورهم والديهم وأولياء أمورهم ويجب عند استلام الموافقة أن يسجل الأطفال لدى مكتب العمل حتى يتم مراقبة ظروف عملهم وتحظر أيضا تشغيل الأطفال في المناطق البعيدة وتلزم رب العمل بان يوفر بيئة صحية و آمنة للعمل طبقاً للشروط المنصوص عليها من قبل وزارة العملأما المادة (51) من القانون فقد نصت على التزام رب العمل بأن يفتح سجلا لكل حدث في خدمته يحتوي على المعلومات الأساسية المطلوبة من قبل وزارة العمل أو مكتب العمل المحلي إضافة إلى القيام بفحص طبي أولي لكل حدث موظف وفحوصات دورية بعد ذلك كما يؤكد قانون العمل على إبراز الأنظمة المتعلقة بعمل الأطفال وحقوق العاملين في كل مواقع العمل وتعليقها في كل مكان بارز طبقا لقانون العمل التنفيذية الصادرة من وزارة العمل كما تفرض المادة (145) على أرباب العمل دفع غرامة تتراوح بين 1000-10.000 ريال يمني عند خرقهم للأحكام المتعلقة بالأطفال العاملين.[c1]تحديد ظاهرة عمالة الأطفال[/c]وأشير في تلك الأدبيات إلى أن عمالة الأطفال أصبحت تحظى باهتمام واسع من المجتمع العربي والدولي لخطورتها وانعكاساتها السلبية على الأسر والمجتمع فقد ورد في تقدير منظمة اليونيسيف لعام 97م حول عمالة الأطفال بأن أكثر من 250 مليون طفل في العام يتعرضون لمخاطر ناجمة عند تشغيلهم في أعمال خطرة وأصبحت بذلك حياتهم معرضة للخطر كما تشير الإحصائيات اليمنية الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء بناء على نتائج التعداد العام في 1994م بان هناك أكثر من 231.655 طفل عامل، ينتمون للفئة العمرية من 10 إلى 14 نسبة حيث تبلغ نسبة الذكور (51.7%) بينما تصل نسبة الإناث إلى (48.3%) وتشير مسوحات التشغيل لعام 1991م والتعداد العام لعام 1994م إلى أن ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن تنتشر وتتضاعف وان تدفق الأطفال إلى سوق العمل قد تزايد بمعدل نمو قدره (3%) خلال نفس الفترة ومن المحتمل أن يكون هذا العدد قد تضاعف عما كان عليه فالأرقام التي ذكرت تقل بدون شك عن الإعداد الكلية للأطفال العاملين، كما أن المهن التي يزاولها الأطفال متنوعة غير أن قطاع الزراعة والصيد يأخذ الغالبية العظمى والتي تمثل حوالي (92%) وهم من المناطق الريفية في الأساس بنسبة (96%) أما المهن الأكثر رواجا في الحضر فهي مهن البيع والخدمات والمهن البسيطة والحرفية بنسبة (29.6% ، 17.6%) على التوالي من إجمالي الأطفال العاملين في الحضر، كما تشير دراسة أن أكثر من مليوني طفل ممن هم سن الدراسة غير ملتحقين بالمدارس.ويعتبر القطاع الخاص هو أكثر القطاعات المستوعبة للأطفال العاملين بنسبة (98.3%) حسب نتائج تعداد عام 1994م و(1.1%) من الأطفال في سن الخامسة عشر يعملون في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام وهو يخالف ما نصت عليه تشريعات الخدمة المدينة التي حددت الحد الأدنى لسن العمل 18 سنة واستثنت 16 سنة لخريجي مراكز التدريب.وإذا قمنا بتصنيف للأطفال العاملين حسب العملية لوجدنا أن هناك أطفال يعملون لدى الأسرة تقدر نسبتهم (82.9%) من الأطفال العاملين خارج إطار الأسرة وتشكل هذه الفئة حوالي (17.1) وهؤلاء هم من يتعرضون لمخاطر كثيرة باعتبارهم خارج نطاق الرقابة العائلية.وذكرت بأنه وعند القيام بالاستعراض للدراسة الميدانية التي أعدها عدد من المختصين عن عمالة الأطفال بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الطفولة على عينة عشوائية تقدر بـ 1000 طفل عامل من سن 7-15 سنة أكدت الدراسة أن أماكن عمل الأطفال تنطوي على عدة أخطار وأن أعمالهم غالباً ما تكون مضنية وقد سجلت هذه الدراسة ارتفاعاً عالياً لمعدل الإصابات بين الأطفال فنجد أن (22%) منهم يعانون من إصابات عمل مستديمة ومنها الإصابة بالتسمم وهو الأكثر شيوعاً إذ يعاني منه حوالي (18%) وتأتي بعده الإصابة بالنار (13.6%) ثم الصدمات الكهربائية (7.2%) وعانى (25%) من الأمراض بسبب تعرضهم للبرد وأصيب (7%) بأمراض معدية خطيرة وحدد المسح بعض الأخطار المعينة في أماكن عمل محددة للأطفال العاملين وهي :- مواقع البناء: رفع الأحمال الثقيلة التي قد تسبب كسور عظيمة أو إعاقة في النمو.- ورش إصلاح فرامل السيارات: التعرض للاسبستوس ( الحرير الصخري) وهو مسبب معروف للسرطان الآدمي.- محطات البترول: التعرض للبنزين وهو مسبب آخر للسرطان.- لورش ومراب السيارات والمواقع الصناعية : الأمراض النفسية الناجمة عن الهواء الملوث بالغبار والدخان والأبخرة الخطرة والمشكلات العضلية الناجمة عن إبقاء الجسم في أوضاع غير مناسبة لأوقات طوال,- الشارع : العنف الجسدي وأشكال العنف الأخرى والتعرض للبرود والأمراض المعدية مثل حوادث السيارات والتعرض لعوادمها.ووجد المسح أيضاً أن كثير من أولئك الأطفال أجبروا على أداء أعمال شاقة للغاية وسجل أن النصف منهم تقريباً قد أنهكوا إما من صعوبة العمل (11%) أو طول ساعاته (33%) أو قلة / عدم الاستراحة (6%).[c1]أسباب ظاهرة عمالة الأطفال[/c]وعن أسباب ظاهرة عمالة الأطفال تشير هذه الأدبيات إلى أنه وقبل التطرق للحلول والمعالجات لابد أن تبرز الظاهرة بشكل واقعي ونحاول أن نجمع كل ما ورد عنها في الدراسات والمسوحات الحالية رغم محدوديتها وعدم كفايتها ، لتشخيص هذه الظاهرة فهي بحاجة إلى دراسة ميدانية تشمل جميع الأطفال العاملين في محافظات الجمهورية اليمنية وهناك العديد من الأسباب والعوامل المتداخلة والمعقدة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية التي تسهم في تنامي هذه الظاهرة ولعل من أهمها ما يلي:- تدني معدلات النمو الاقتصادي ومستويات الدخول والتشغيل والاستثمار بما فيه الموجه للتعليم والصحة ورعاية الطفولة واختلال توزيع الدخول بين الفئات الاجتماعية المختلفة .- ارتفاع معدلات التحاق الأطفال بالتعليم والتي لا يتجاوز (45% من جملة السكان في الفئة العمرية (6- سنة ) بسبب الفقر من خدمات التعليم وارتفاع تسرب الأطفال من التعليم لعوامل اقتصادية واجتماعية وتربوية.- قصور وتناقض التشريعات ذات الصلة وعدم تطبيق ما أقرتها بشأن وضع الطفل وظروف عمل الأطفال.- يعد الفقر دافعاً رئيسياً لوجود الطفل في العمل خاصة إذا ما عرفنا أن الواقعين من السكان تحت خط الفقر بلغ حوالي (33%) حسب ما ورد في الإحصائيات الرسمية .[c1]المعالجات والتدابير الإجرائية للظاهرة[/c]وعن المعالجات والتدابير الإجرائية لظاهرة عمالة الأطفال تؤكد هذه الأدبيات على أنه ما من شك بأن التصدي لمخاطر هذه الظاهرة والحد من آثارها هو عبء لا يمكن للجهد الرسمي تحمله ولن تتمكن الحكومة بمفردها من معالجة هذه الظاهرة إلا في إطار الجهد التنموي المتكامل والمنظم وإشراك منظمات المجتمع المدني للتخفيف منها ومواجهتها بالعديد من التدابير والتي نلخصها في التالي:· إعداد دراسات متعمقة حول ظاهرة عمالة الأطفال وأسبابها ووضع برامج ومشروعات واستراتيجيات وسياسات بديلة لعمالة الأطفال.· توفير الرعاية والحماية للأطفال العاملين على أن يكون التعليم والتدريب أحد المحاور الهامة لجهود الرعاية.· إعداد اللوائح والقرارات المكملة والمنفذة لأحكام قانون العمل في مجال تنظيم عمل الأطفال ومراقبة المنشآت والأماكن التي تستخدم الأطفال خارج إطار القوانين واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخالفين.· العمل على توفير بيئة صحية وآمنة للأطفال العاملين والحد من استغلالهم في المهن الشاقة والضارة بصحتهم.· تفعيل برامج شبكة الأمان الاجتماعي واستهداف الفئات الفقيرة الأكثر تضرراً من برنامج الإصلاح الاقتصادي.· التوعية المجتمعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، بمخاطر عمالة الأطفال على صحتهم ونموهم النفسي والجسدي وتحصيلهم العلمي.· تشكيل تحالفات عريضة تضم الحكومة ومنظمات أصحاب العمل والعمال لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة لمعالجة هذه الظاهرة.[c1]خلاصة القول[/c]وتذكر تلك الأدبيات في خلاصة القول أن الدولة اليمنية تبذل جهود كبيرة للسيطرة والحد من هذه الظاهرة سواء على المستوى التشريعي أو التوعوي فقد تم إقرار الإستراتيجية وخطة العمل الوطنية للحد من عمالة الأطفال للفترة من 2001-2003م وأصبحت الآن جاهزةـ للعمل بها كمان فذت وزارة العمل والتدريب المهني العديد من الندوات وورش العمل لتسليط الضوء على هذه الظاهرة وحددت واقع المشكلة والخطوات التي يجب القيام بها للحد منها ووقعت أيضاً مذكرة تفاهم حول تنفيذ برنامج وطني لمواجهة ظاهرة عمالة الأطفال والحد منها وبهذا أصبحت اليمن عضو ضمن البرنامج الدولي لمكافحة هذه الظاهرة ( الآيبك ).