أضواء
كم هو مخجل أن تسمع كلاماً يعزز المفهوم المذهبي لا الوطني بلغة لا تخلو من الاستعلاء على باقي الأطياف السياسية التي تشكل مختلف القوى في البحرين... وهي لغة لا تعزز الحس والعمل الوطنيين بل تسهم في مزيد من الفرقة والتراشق فيما بين صفوف المعارضة متناسين أن ما جمع مطالب البحرينيين إبان حقبة هيئة الاتحاد الوطني هو الإنسان البحريني لا المسلم السني ولا المسلم الشيعي ولا غيرهما.فقد كانوا يتحدثون بلغة واحدة وبأهداف مشتركة لم تقم على أسس طائفية أو عرقية أو مذهبية، ينادون إلى وحدة وطن اسمه (البحرين) لقهر الظلم الاستعماري.إن الوحدة الوطنية هي التي تبتعد عن معتقدات الشخص؛ لأن هناك ضوابط. غير أن ما يخرج مثلاً من تصريحات بعض المنتمين إلى بعض التيارات الدينية يكرس للأسف نشر مفهوم خاطئ عن «العمل الوطني الديمقراطي». بمعنى آخر، يذهب في وضع مفاهيم تقسم المجتمع تخدم مصالح الطائفة في تناقض صارخ مع المبادئ الوطنية التي ينادون اليها ويطرحونها، فهناك ازدواجية في الممارسة على أرض الواقع ولاسيما مع قرب موعد الانتخابات.البحرين في القرن الماضي شهدت الكثير من الحركات والتنظيمات الوطنية من اليساريين والقوميين والبعثيين وهي تيارات عكست مراحل التحولات السياسية والاجتماعية التي عايشتها كجزء من تطور حراكها السياسي والاجتماعي مثلها مثل الدول العربية الأخرى. وهي تنظيمات عملت بروح وطنية واحدة ضمت الجميع دون النظر إلى المعتقدات أو العرق أو الإثنية. ولنطّلع على التنظيم اليساري لجبهة التحرير الوطني البحريني وتاريخه في وحدة الصف، فهناك من ضحّى ورحل وهناك من لايزال باقياً ينادي بالمبادئ نفسها حتى وقتنا الحالي رغم تفشي النعرات الطائفية.من هنا نلاحظ أن بعض التنظيمات الدينية التي جاءت فيما بعد سعت_ ولاتزال تسعى_ إلى فرض مفاهيم وتعاليم بعينها بالقوة على الآخرين؛ وهي هنا لا تتعلم أو حتى تستفيد من أسلوب المرجع الديني الكبير السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) في توحيد الشعوب والأمم في منطقتنا العربية.ما أراه ويراه كثيرون غيري أن الساحة السياسية اليوم في البحرين بحاجة ماسة إلى تحالف وطني - أي التيار الديمقراطي مع التيار الديني - والابتعاد عما يفرق وحدة الصف، والاتفاق على الخطوط الوحدوية بمختلف تلاوينها.لذا من الضروري أن ننظر إلى العناصر التي توحدنا وعدم التمسك بنظرية الاستعلاء وتجاهل الماضي البعيد أو القريب، فلا يمكن لتنظيم واحد أن يقود الساحة؛ لأننا نعيش في زمن التعددية، بينما رياح التغيير التي عصفت بالعالم وحتى ببعض دول الجوار لن تكون في منأى عن مناخنا السياسي. إن الوصول إلى البرلمان بقوى وطنية ضاغطة أفضل بكثير من قوة واحدة تعمل بحس الجماعة الواحدة.* [c1]عن صحيفة ( الوسط ) البحرينية [/c]