الصحافة الإلكترونية والمدونات
القاهرة /14اكتوبر/ نجلاء الجعفري: أكد خبراء إعلاميون ومهتمون بالعمل الإعلامي أن المدونات كانت سبباً في تزييف وعي المترددين عليها، وأن الاتهامات الصارخة التي تطلقها تلك المدونات غير مستندة إلى أدلة حقيقية تؤيد اتهاماتهم.وقالوا إن هناك دراسات بحثية تفيد بأن تونس من أكثر الدول في العالم انتهاكا لحرية الصحافة الإلكترونية ،وأن مصر وتونس من أكبر الدول التي تقيد حرية الصحافة وتقوم بحبس الصحفيين وكتابة المدونات بما يتعارض مع القوانين الدولية، ولفتوا إلى تعرض الصحافة الإلكترونية الفلسطينية للقرصنة الإسرائيلية الأمريكية.جاء ذلك خلال المؤتمر العلمي الدولي الرابع عشر تحت عنوان «الإعلام بين الجدية والمسئولية» والذي عقد بجامعة القاهرة. وأكدت د. فاطمة الزهراء الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن المدونات السياسية المصرية والأمريكية اهتمت بالتجديد المنتظم لمحتواها أكثر من المدونات الأخري كما أثر التخصص على تميز المدونات التكنولوجية بحيث كانت الأفضل في مستوي توافر العناصر التقنية.وقالت: إن ضعف اهتمام المدونات الاجتماعية سببها توفير عناصر القيمة الإنسانية بسبب الاستغراق في التعبير عن الذات بأسلوب مستحب يحتل فيها النص مكانة الأولوية وبسرد شبه أدبي للمضمون هدفه الأساسي إشباع النزعة «التعبيرية - التفريغية» لدي المدون، وعلى عكس المدونات الأخري تفوقت مدونة الوعي المصري عن غيرها من المدونات في مستوي توافر القيمة المضمونية، وتليها مدونة scob إلا أن الفارق الأساسي بين تفوق الأولى والثانية يعود إلى الفارق بين الاستغراق في الهوية والاستغراق في الاحتراف.وقدمت من واقع نتائج دراسة قامت بها تحليلا استنتاجيا للسمات العامة لتخصصات التدوين المختلفة، فحددت بعض السمات التي يتصف بها كل من التدوين السياسي والتدوين الاجتماعي والتكنولوجي، كما أنها حددت الأسباب التي تؤدي إلي الاختلاف بين المدونات الثلاث في توفير عناصر القيمة الاجتماعية الشاملة وكذلك تحديد الفروق بين التدوين المصري والتدوين الأمريكي.وأضافت د. مها عبد المجيد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنها قامت بدراسة تحليلية علي نماذج من المدونات المصرية السياسية حيث شغلت اهتمام الدراسة مشكلة المدونات المصرية بين الحرية والمسئولية.وأوضحت طبقاً للدراسة أن المدونات ظاهرة تعكس تحول أفراد الجمهور من مستخدمين للمعلومات والأخبار إلي منتجين للمحتوي الإعلامي فهم يقومون ليس فقط بالتعليق علي ما تنشره وسائل الإعلام لكنهم يقومون أيضا بنشر أشكال مختلفة من المحتوي الذي ينتجونه بأنفسهم، وفيه يسجلون ما يرونه من أحداث تمس حياتهم اليومية حتي لو تجاهلتها وسائل الإعلام المعروفة، ومن خلال هذا المحتوي أيضا يعبرون عن آرائهم وتصوراتهم إزاء هذا الواقع.وأشارت إلي أن المدونين استغلوا العديد من الإمكانيات علي الإنترنت بل قاموا بتوظيفها كالوسائط المتعددة واستخدامهم لعرض تسجيلاتهم الصوتية والفيديوهات المعبرة عن الواقع لذلك فإن المدونات بوصفها أحد مصادر نشر الأفكار والمعلومات عبر شبكة الإنترنت، إشكالية علي درجة كبيرة من الأهمية، تتخلص في أنها بينما تتيح إمكانية للحصول علي معلومات وأخبار قد لا تقوم وسائل الإعلام المعروفة بتناولها لسبب أو آخر، فهي في الوقت نفسه قد تكون سببا في تزييف وعي المترددين عليها من خلال ماتتضمنه من خلط واضح بين مواد الرأي والأخبار هذا إلي جانب ما تحمله في أحيان كثيرة من رؤية متحيزة وغير موضوعية في عرض الحدث لأن المدون عادة ما يعرض خبرته الشخصية بالحدث أو بالموضوع الذي يناقشه سواء تعرض له بشكل مباشر أو سمع عنه أو قرأ عنه في مصدر آخر إلا أن وجهة نظر المدون لا تعني بالضرورة أنه يثقل الحديث بموضوعية، كما أن استخدامه للأسلوب اللغوي في عرض المواد تكون فصحي أو عامية وهي حالة عفوية اتسمت بها طموحاتهم وتضمنت أساليب تعبيرهم عن الغضب والرفض بالاستفهام والتعجب.وقالت : وصل الأمر ببعض المدونيين لرفع رايات نقد وهجوم مهم علي بعض الإعلاميين وقاموا بتغطيات إعلامية لما يدور حولهم من أحداث تتكامل مع وسائل الإعلام الأخري . وأضافت : برز التدوين كقوي فاعلة إيجابية طالما كانت قادرة علي تنظيم نفسها بتبني عمل ثوري منظم ومستمر وواسع الانتشار ، واستند المدونون فإلي أمثلة تاريخية كما استندوا في تدعيم حججهم إلي مشاهدات من الواقع إلا أن خطابهم يفتقد الكثير من الموضوعية وافتقد في أحيان كثيرة مراعاة الذوق العام واحترام خصوصية الأفراد ، وتشير الاتجاهات في الصحافة الإلكترونية إلي استمرار المواقع الاخبارية في سعيها نحو الاستفادة من الأدوات والتقنيات الجديدة التي توفرها التكنولوجيا الحديثة مثل تقديم خدمات الفيديو والملفات المسموعة وملحقات التدوين وخدمات التغذية الإخبارية المتزامنة وغيرها من الأدوات التكنولوجية التي تنتمي إلي ما يسمي بموجب>الويب2<.[c1] حرية التعبير[/c]وأشار د. رفعت محمد البدري بكلية الآداب جامعة المنوفية في بحثه باستخدام أدوات الويب 2 في مواقع الصحف العربية علي الإنترنت وعلاقتها بحرية التعبير ويعتبر الويب 2 السماح للمستخدمين بالمشاركة في كتابة المقالات، والتعليق علي المقالات المقدمة، وتحديد الموضوعات الأكثر تفضيلا وغيرها ولم تتوقف الويب 2 علي توفير أدوات جديدة بل وقدمت وظائف غير مسبوقة مثل التشجيع علي حرية التعبير وتعزيز الحوار متعدد الاتجاهات مع وبين الجمهور، بالإضافة إلي شخصية المحتوي وفقا لرغبات واحتياجات كل مستخدم،كما ينسب الفضل إلي الويب 2 في تغيير مسار العلاقة الاتصالية لتصبح من بعض لبعض بديلا عن العلاقة التقليدية السائدة في الويب1 من واحد لبعض.وأكد أنه سعي في دراسته إلي التعرف علي موقف الصحف العربية علي الإنترنت من تلك الاتجاهات والأدوات الجديدة المعبرة عن الويب 2، باعتبار أن ممارسة حرية التعبير والرغبة في الحوار مع الآخرين تمثل أهم الدوافع في استخدام غالبية المستخدمين العرب لشبكة الإنترنت.وأوضح أنه اتضح من خلال دراسته أن الصحافة العربية لا تزال مترددة بشأن مشاركة الجمهور لها في المحتوي أو خلق حوار متعدد الاتجاهات مع وبين الجمهور، فالفجوة بين الجمهور والصحافة الإلكترونية مازالت كبيرة وتحتاج إلي تغيير في الاستراتيجيات التقليدية للصحف سواء في التحديد أو الإعلان أو الاقتناع بأهمية الاستفادة من الواقع الإلكتروني.وقال من الأفضل الاعتماد علي شراكة الجمهور المستخدم للموقع بصورة حقيقية وإتاحة المنافذ اللازمة أمامه لتقديم ما ينتجه من محتوي وإتاحة الاطلاع عليه من قبل كل المستخدمين مما يعزز حاجة المستخدمين إلي الحوار متعدد الاتجاهات والتواصل مع الآخرين، ومن المهم أيضا بناء استراتيجية جديدة خاصة بالمواقع علي الويب ومن الارتباط باستراتيجية الصحيفة المطبوعة.وأكد د. عبد الصبور فاضل بجامعة الأزهر الشريف أن حرية التعبير أحد أهم مبادئ حقوق الإنسان وهي إحدي الحريات الأساسية التي يجب علي المجتمع الديمقراطي ضمان وجودها وحمايتها حيث تطرق إلي مجال دراسة حرية الصحافة في الوطن العربي وما تضمنته حرية التعبير من حق الفرد في التعبير عن آرائه وأفكاره الشخصية،وكذلك حقه في الحصول علي المعلومات وتوصيلها للناس من خلال وسائل النشر، مشيراإلي أن العديد من المواثيق الدولية والإعلانات العالمية تشجع ذلك بل واتخذ البرلمان الأوروبي عدة قرارات وتوصيات عام 5002 تؤكد حرية الرأي والتعبير علي الإنترنت وتدين بشدة القيود المفروضة علي محتوي الشبكة من قبل الحكومات مطالبا بمراعاة حاجة مواطني دول العالم الثالث إلي استخدام حر للإنترنت أثناء النظر في برامج الدعم المقدم لهذه الدول.. ويمكن القول إن قضية احترام حرية الصحافة ظلت تمثل قضية محورية في الفكر الغربي باعتبارها أحد أهم أركان الديمقراطية وإحدي وسائل إقامة المجتمع المدني وحماية مصالح المجتمع.وخلص إلي أن الصحافة الإلكترونية في العالم العربي بصفة عامة تخضع للسيطرة الكاملة من قبل الحكومات العربية وقد مثلت دوافع الأمن السياسي والاجتماعي أهم بواعث انتهاكات الصحافة الإلكترونية وأن أكثر هذه الدول انتهاكا لحرية الصحافة الإلكترونية حسب أبحاث حديثة هي تونس التي جاءت في مقدمة الدول العربية من حيث انتهاكها لحرية الصحافة الإلكترونية التونسية وغيرالتونسية تليها سوريا ثم فلسطين وتمثل فلسطين حالة خاصة حيث إنها تدمر وتخرب من قبل المؤسسات الفلسطينية والسلطات الفلسطينية بل عن طريق الهجمات وعمليات القرصنة الأمريكية والإسرائيلية وكذلك عناصر من الفصائل الفلسطينية المتنافرة خاصة بعد الانقلاب السياسي وانتخاب حماس وتأتي بعد فلسطين اليمن، السعودية،ليبيا، والمغرب.وأضاف سوريا وتونس واليمن والسعودية في مقدمة الدول التي تحجب الصحف مشيرا إلي أن هناك أربع دول عربية تشيع فيها عمليات حبس الصحفيين وكتاب المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية بسبب مواقفهم السياسية ونقدهم لحكوماتهم أو حكومات الدول العربية ورموزها وهي تونس ومصرويليهما ليبيا واليمن.[c1]تقريب بين الأجيال [/c]وأكد د. شريف درويش اللبان أن المدونات أتاحت الفرصة للتقريب بين الأجيال كما أضافت مجالا جديدا للبحث المتناول حيث إنها ذات تركيبة جيدة تختلف عن وسائل الإعلام الأخري ويمكن إدراجها نحو الإعلام المتداول أو الإعلام غير الرسمي لذلك يجب إعطاء لصاحب المدونات دورات تدريبية وكذلك توفير الفرصة لهم لإقامة دراسات وأبحاث داخل كلية الإعلام جامعة القاهرة، إلا أن انتماء المدونات للأحزاب السياسية والتيارات الدينية يجردها من المصداقية الشاملة لذلك من الأفضل تكوين اتحاد مصري أو عربي للمدونين داخل نقابة الصحفيين لحل مشاكل هذه المدونات وكذلك للعمل علي تنظيم ما يتم نشره بداخلها الالتزام بقوانين وقواعد وأخلاقيات النشر الصحفي وإبعادها عن تزييف الرأي العام والمترددين عليها.