بلغت أسعار برميل النفط رقماً قياسياً لم تكن قد وصلته من قبل حتى في أثناء الأزمات والظروف التي تؤدي إلى رفع أسعاره.. هذا الارتفاع في الأسعار مرده من وجهة نظر الاقتصاديين زيادة الطلب أعني الاستهلاك العالمي للنفط الذي لا توجد في طريقه مؤشرات ببدائل ممكنة للطاقة على المدى القريب رغم تخصيص الإدارة الأمريكية مبالغ مالية طائلة في سبيل التعجيل بالبدائل التي تحررهم من النفط باعتباره يهدد الأمن القومي الأمريكي حسب قول الرئيس الأمريكي بوش..إلا أن مثل هذا الاتجاه أو الرغبة أو هو الهدف الأمريكي بالتحرر من النفط لا يبدو ممكناً على الأقل في العقد الراهن أو ربما لعقود قادمة لارتباط الآلة الصناعية الحديثة بالنفط وحدود استخداماته الواسعة وتوفر كمياته رغم المحاذير المنذرة بتقلّص مخزونه واشتداد الصراعات النفطية للاستحواذ على هذا المخزون الأحفوري الساحر.والثابت إن الدول الخليجية الشقيقة أمام طفرة نفطية ثانية هذه المرة نظراً لارتفاع حجم مداخيل النفط وقدرة هذه البلدان على تسخيرها للتنمية حتى لا تظل معتمدة على هذا العائد الأحادي رغم وفرته فالضرورة الاقتصادية تستدعي تنويع الموارد التنموية وتسخير عائدات النفط للتنمية والاستفادة القصوى من ثغرات ما في الطفرة النفطية الأولى التي صاحبها نمط استهلاكي مخيف وربما قلل من الاستفادة من العائدات في تنمية الاقتصادات الخليجية على النحو الذي كان ينبغي الوصول إليه.ولكن تظل أجندة اختيار الأولويات هي الأهم لدى الأشقاء في الخليج فالثابت في عصرنا الراهن إن الاعتماد على القاعدة التعليمية وتطويرها هو السبيل الممكن والوحيد لخلق تبدل تنموي يستوعب كافة التطورات ويمكن البقاء عليه.ووجود تجمع خليجي في هيئة دول المجلس يسهم دون شك في جعل هذا الاتجاه هدفاً لدول المجلس من خلال ضخ إمكانيات مالية لتطويره وتحديثه مع الاستفادة من تجارب البلدان التي سبقت إلى ذلك خصوصاً وقد مرت بلدان الخليج مجتمعة بالطفرة النفطية الأولى بكل ما تركة تجربتها من سلبيات اقتصادية وفرص لم يتم استغلالها بالصورة الكافية، الأمر الذي يدعو اليوم للاستفادة القصوى من الطفرة النفطية الثانية خصوصاً وهي تأتي في ظل متغيرات عالمية عاصفة على الصعيد الاقتصادي الذي تأثر دون شك بطبيعة الثورة المعلوماتية التي بدورها بدلت مفاهيم الغنى والفقر وجعلت من غير الممكن الاعتماد على عوائد أحادية كما هو حال النفط بقدر ما يستدعي الأمر تنويع الموارد وتوجيه الاهتمامات صوب عائدات ومجالات أخرى أكثر أهمية. إلا أن بوابة التعليم تظل تحتل صدارة تلك الاهتمامات لارتباطها الوثيق بثورة العصر ومفاهيم الغنى والفقر والتحولات السياسية والاجتماعية ونحوها ثم إن أمر التنسيق الخليجي اليوم في مختلف الاصعدة يقتضي الخروج من رتابة الروتين وتخطي الأمور الثانوية إلى ما هو أهم وأبلغ أعني التنسيق والتكامل الخليجي المتوافق مع تطورات العصر ومستجداته على مختلف الجوانب الحياتية.. وتظل جبهة التعليم بمختلف مراحله هي المدخل لتكوين نسيج اجتماعي تكاملي وفاعل.
الطفرة النفطية الثانية
أخبار متعلقة