د. زينب حزام:يختزن العقل الشعبي للفأر موقفاً تاريخياً.. فعندما رست سفينة نوح عليه السلام بعد الطوفان الشهير على قمة جبل أرارات بالأناضول، قفزت كل المخلوقات التي كانت على السفينة إلى البر عدا الفئران، فقد كانت قد حفرت في متون السفينة وأضلاعها وهيكلها وهو ما لم تقم به كل الحيوانات الأخرى، غير أن أعداء الفئران، لاحظوا أن الفئران نفسها مازالت في السفينة، وقد كانت تقفز إلى الماء كلما هبت الأعاصير وأحست بالخطر، وتعود إلى السفينة عندما ينتهي الخطر. ويعتبر القط أعدى أعداء الفأر، ونلاحظ ذلك في جميع أفلام الكرتون مثل فيلم «توم آند جيري». والفأر يعم أرجاء المعمورة قديمها وحديثها، حقولها ومصانعها ومخازنها وبيوتها، وهناك يمكنها تسلق الأشجار، وهنا في بلادنا للفأر قصة مشهورة في قضية تخريب سد مأرب وهو يحمل رمز الإهمال والكسل الذي أصيب به السكان في ترميم السد ما جعله ينهار ويسبب كوارث اقتصادية وصحية. ويعرف الفأر بقدراته المدهشة على إدراك الخطر، ولا يقع في المأزق فجأة. غير أن أصحاب الكتب في المكتبات العامة يجاهدون كثيراً في سبيل المحافظة على القوارض.الفأر في كتب الأدباء وقصصهموكتب الأدباء عن الفئران قصصاً وأفلام نالت إعجاب الأطفال والكبار. وقد أنشأ (شتا ينبك) الروائي الأمريكي عملاً خالداً عن الفأر - حيث صوره بأنه يتميز بقوة العقل واصطراعها مع قوة الجسد، كما أن عبقري رسومات الكرتون (والت ديزني) استعار الفأر في معظم رسوماته.ونجد الفأر في أشعار طاغور الهندي وعثمان جلال المصري. ونجد صورة الفأر أيضاً في أعمال الكاتب الفرنسي (ولا لبير) حيث يقوم الفأر من دون أن نراه بنشر الطاعون، ويطلق السياسيون على أنواع المباحثات غير الرسمية وغير المعلنة : مباحثات الفئران ويقوم العلماء في المختبرات العلمية بالتجارب على الفئران المخبرية.
الفأر في أفلام الكرتون (توم وجيري)يعشق الأطفال أفلام الكرتون توم وجيري في كل الأعمار. وعند مشاهدته يحس الطفل بالراحة والسرور كما يساعد الطفل على التفكير الإبداعي وهو يساعده على التخيل والإبداع، وأن ساعات الضحك التي يقضيها الطفل في مشاهد الكرتون للبطل توم وجيري تجعله يفجر الطاقة التي كانت كامنة فيه ويساعده على الحركة والنشاط كما تساعده على التعامل مع الآخرين والانخراط في التعامل مع الناس. وهو فيلم يناسب كل الأعمار.مسلسل (توم وجيري) ينمي المواهب عند الأطفالكثيراً ما يواجه المربون والآباء والمعلمون أطفال تبدو عليهم ملامح بعض المواهب التي تجعلهم متميزين عن غيرهم من الأطفال في نفس العمر، فكيف يمكن للمربين اكتشاف هذه الحالات، وكيف يتعاملون معها بشكل يساعد على نموها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه.الطفل الذي يتابع أفلام الكرتون خصوصاً الفيلم الشيق «توم وجيري» الذي يحبه الأطفال في كل الأعمار، نجده :يستطيع أن يستغل المشاهد المثيرة في الفيلم الكرتوني في تنمية إمكانياته العقلية بعيداً عن الكسل لكونه يوجد بين أطفال في مستواه.يستطيع الاستفادة من خبرات بطل الفيلم الكرتوني توم وجيري في المواقف الحرجة.يحفزه الفيلم على المنافسة الشريفة.بوجود طفل مع أطفال في نفس العمر من مستواه توفر له إمكانية تكوين صورة حقيقية عن ذاته.الطفل والبيئة الأسرية المثاليةإن وجود طفلا موهوبا في الأسرة يتطلب الاهتمام به الطفل ومراقبته عند مشاهدة الأفلام الكرتونية ومساعدته على شرح مواقف أبطالها حتى يستفيد منها الطفل في الواقع المعيشي، خاصة الطفل الموهوب، فالأسرة غالباً ما تحاول إبراز القدرات المتميزة لأبنها وتفتخر بها، وتشجع الطفل نفسه على إظهارها.واعتزاز الوالدين بتفوق أبنهما قد يكون مبعثه أن الوالدين يشعر أن بأنهما يحققان - من خلال تفوق الابن ما كانا يطمحان إلى تحقيقه أو ما فشلا في تحقيقه في الماضي. وحرص الوالدين الشديد على تفوق أبنهما يجعلهما يبديان قلقاً شديداً إزاء أي تعثر قد ينتاب الابن في دراسته، الأمر الذي ينعكس على الابن ذاته فيعاني هو أيضاً قلقاً شديداً، خاصة عندما يشعر أن والديه لا يحبانه إلا لنجاحه، ويخشى الطفل في هذه الحالة أن يفقد حب وعطف والديه، وقد يكون هذا الخوف سبباً في تعثره رغم ما يملكه من قدرات عقلية متميزة، وفي تأخير نضجه العاطفي، وعلى الوالدين أن يدركا أن النضج العاطفي للطفل لا يقل أهميته على النضج العقلي له، وعليهما أن يوفر له فرصة النضج العقلي، وإن كان النضج العقلي لديه يبدو متفوقاً على النضج العاطفي وبالنظر إلى التفوق العقلي للطفل الموهوب إلا أننا يجب أن نتوقع أن يكون نموه العاطفي متخلفاً عن نموه العقلي، لذا على الوالدين، في هذه الحالة ألا يحثا الطفل على أن يكون نموه العاطفي مماثلاً لنموه العقلي، لأن من شأن ذلك ألا يساعد على نموه العاطفي.
ومن المشاكل التوافقية التي يواجهها الطفل الموهوب أنه قد لا يرى في العمل الدراسي مايثير اهتمامه وفضوله، خاصة أن المعلم يهتم بالفصل الدراسي ككل أي بغالبية التلاميذ ويحاول أن يساير المستوى العقلي لهذه الغالبية ما يجعل الطفل الموهوب يرى أن الدروس مملة ولا تيستحق الاهتمام، بل يصل الأمر إلى درجة أن الطفل الموهوب يهمل دروسه ويفشل في الامتحانات المدرسية وبينت اختبارات الذكاء أن بعض الأطفال الموهوبين لم يكونوا متفوقين في نتائجهم المدرسية ما يجعل المتخصصين في هذا المجال يميزون بين نسبة الذكاء ونسبة التحصيل.وبالإضافة إلى ذلك فإن الطفل الموهوب قد يوضع في فصل دراسي أعلى بالنظر إلى تفوقه، حيث يكون التلاميذ في الغالب أكبر سناً، وهذا الوضع يثير لدى الطفل مشكلة التكيف مع هؤلاء التلاميذ الأكبر منه سناً.والذين لا يرتاحون، إليه لأنه يكشف تهاونهم وعدم جديتهم خاصة إذا كان المعلم يقارنهم بالطفل الموهوب الذي يعتبره نموذجاً لهم.الطفل ورعاية مواهبهأن حماية الطفل الموهوب وتوفير الرعاية الكاملة له من خلال رعاية الأسرة والمجتمع، وتوفير متطلبات من أدوات ثقافية وإعلامية وصحية وتربوية، يعتبر جزءاً من حقوقه الإنسانية، وإن انتشار الاعتراف بحقوق الطفل على المستوى الدولي خصوصاً حقوق الإنسان في التعليم والصحة، تعتبر ضرورة إجبارية على الدولة، خاصة التعليم حتى أكمال مرحلة التعليم الأساسي، بالإضافة إلى التحسين في الثقافة والإعلام والسكن الصحي .. وتنمية المواهب عند الأطفال والشباب .. كل ذلك ضاعف من احتمالات ظهور المواهب عند الأطفال.وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القدرات العقلية لأي جماعة بشرية تتوزع بكيفية متماثلة، بحيث نجد دائماً نسبة قليلة من الأغبياء، ونسبة قليلة من الأذكياء جداً وغالبية تتوسط الذكاء، وإذا سلمنا بأن اكتشاف الموهوبين مرهون بالظروف الاقتصادية والثقافية فلا بد من أن نتوقع ارتفاعاً متزايداً في أعداد الموهوبين والمتفوقين في المجتمع. وعلى المستوى الثقافي والإعلامي علينا تزويد الأطفال بأحدث البرامج الثقافية والإعلامية مثل تقديم البرامج التلفزيونية التعليمية من خلال عرض الحيوانات الناطقة التي تلفت أنظار الأطفال مثل الفأر والقط والأرنب وغيرها من الحيوانات التي يحبها الأطفال، وكذلك القصص المصورة، وتشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية.. التي تنظمها المدرسة إلى غير ذلك من التدابير التي يمكن للمعلم أن يلجأ إليها قصد تنمية قدرات وميول التلاميذ الموهوبين.