أفكار
اعتقد أن الأمة العربية تقف الآن في مفترق طرق يحتم عليها الإسراع بتحديد دفة مسارها نحو الاتجاه الصحيح بعد ذلك الذي أفرزته أزمة العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد قطاع غزة من تداعيات سلبيه أهمها وأخطرها انزلاق البعض بوعي أو بدون وعي نحو توظيف الدم الفلسطيني لخدمة أهداف ومقاصد مريبة تزيد من حده الانقسام العربي والفلسطيني وتفتح الباب علي مصراعيه لعمليات اختراق مخيفة للنظام العربي.أريد أن أقول بوضوح أن الأمة العربية لم تكن يوما ما بحاجه.. إلى وقفة للمصارحة والمراجعة بمثل ما تحتاجه اليوم لكي تجهض مخططا خبيثا يستهدف تشكيك الأنظمة والشعوب بأهمية استمرار البقاء تحت مظله العروبة وحدها ومحاوله استغلال الراية الإسلامية كغطاء لادوار ومطامع إقليميه لاتخفي علي احد.والحقيقة أن هذا الذي يراد تمريره لاختراق النظام العربي فضلا عن بطلانه ليس مفيدا بالمرة, خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة حيث تتغير وتتبدل الموازين والحسابات.ولست أظن إنني بحاجة إلى القول انه علي الرغم من التداعيات السلبية لمأزق العدوان الإسرائيلي فانه مازال بإمكاننا أن نصل بأهدافنا ومقاصدنا المشروعة إلى حيث نريد بشرط أن نبدأ البداية الصحيحة, وان نعرف نقاط قوتنا وعناصر وحدتنا لكي نعززها, وان نعترف دون خجل بعوامل ضعفنا وأسباب فرقتنا لكي نعالجها ونسد ثغراتها.. ونقطه البداية حسب اعتقادي تنطلق من صحة الإدراك بحاجه الامه إلى صياغة مرجعيه سياسيه واقتصاديه وأمنية جديدة للنظام العربي تتلاءم في مفرداتها ومضامينها مع متغيرات العصر وتحدياته حتي يمكن إغلاق الباب أمام كل محاولات التسلل والاختراق غير المشروع للجسد العربي.بل إنني اعتقد في حدود حق الاجتهاد لمواطن تشغله قضايا أمته أن الدور الأساسي للامه العربية في المرحلة الراهنة ينبغي أن يمضي في اتجاه أعاده بناء النظام العربي علي أسس جديدة حتي لا تتكرر محاولات شق الصف من خلال التوظيف السيئ لشعارات الوحدة والتضامن العربي والإسلامي.ولست هنا املك قدره الزعم بان لدي تصورا محددا حول مواصفات هذا البناء الجديد للنظام العربي, لكنني املك فقط أن أقول أن مثل هذا النظام ينبغي أن ينطلق من أرضية اتفاق وتصور مشترك لمستلزمات الأمن العربي القومي في ضوء ما نشهده من متغيرات دوليه وإقليمية عميقة, وبعيدا عن أي حساسيات طرأت علي العلاقات العربية العربية في هذه البقعة أو تلك!وإذا كانت مصر قد استطاعت بجهد جبار وبتوظيف مثالي لعلاقات الصداقة التي تربط الرئيس مبارك بالعديد من زعماء الدول الفاعلة والموثرة في عالم اليوم وبالذات في أوروبا الغربية من اجل لجم ووقف العدوان الإسرائيلي, فان ذلك أمر قد يصعب الرهان عليه مستقبلا إذا لم تتكاتف الإرادة العربية حول روية واقعية تستخلص كل دروس مأزق العدوان, حتي يمكن تفادي وتجنب أية قرارات غير مدروسة مسبقا أو أية انقسامات بسبب لعبه المزايدات التي تستهدف دغدغه مشاعر الرأي العام فقط![c1]* صحيفة (الأهرام) المصرية[/c]