


14 أكتوبر / خاص :
حـاورها/ مسعود عمشوش:
تعد الأخت أنيسة طربوش، التي تحمل دبلوم إدارة المشاريع الصغيرة، واحدة من أبرز المثقفات العدنيات الجنوبيات. وقد بدأت مسار أنشطتها منذ سبعينيات القرن الماضي، حينما كانت عاملة في مصنع الغزل والنسيج في عدن منذ تأسيسه. ولم تقتصر خبراتها على المجال الإداري والصناعي، بل امتدت إلى تشجيع الحرفيين؛ فهي شغلت منصب مديرة معمل الخياطة، ومديرة إدارة المعاشات والتقاعد. وأخيرًا أسست جمعية الخياطة والتنمية الحرفية التي تهدف إلى الحفاظ على التراث العدني الجنوبي وتعزيز الهوية الوطنية الثقافية لدى الأجيال القادمة. وفي إطار اهتمامنا بمراكز حفظ التراث الشعبي في بلادنا قمنا بإجراء هذا اللقاء مع الأخت أنيسة طربوش لنسهم في التعريف بنشاطها في مجال التراث والموروث الشعبي:
أستاذة أنيسة، كيف يمكن أن تقدمي نفسك للقراء؟
- أولا شكرا جزيلا لك، دكتور مسعود عمشوش، على هذه اللفتة الكريمة وإتاحتكم الفرصة لي للحديث عن التراث. والاسم: انيسة طربوش محمد. وأشغل حاليا منصب رئيسة جمعية الخياطة والخدمات التنموية الحرفية التراثية المجتمعية في خور كسر عدن، وكذلك رئيسة الاتحاد الحرفي الإنتاجي والتراث الجنوبي للجمعيات والمؤسسات للمشاريع الصغيرة والأصغر.
ما الأهداف والدوافع التي حفزتك على تأسيس جمعية مكرسة للتراث الثقافي في عدن؟
- من أهم الأهداف التي كنت أسعى إلى تحقيقها من تأسيس هذه الجمعية أو المركز: الحفاظ على الموروث الشعبي والحرف اليدوية القديمة التي بدأت تختفي في عدن، بعد أن ظهرت منسوجات وأدوات مصنوعة في الخارج، وتجعلنا للأسف ننسى موروثنا وتراثنا الذي تركته لنا جداتنا وأمهاتنا. واليوم يتم تهميش الحرفيين ومصنوعاتهم، وتقلص الاهتمام بهم. لهذا نحن نسعى لجمع الحرفيين وأصحاب المصنوعات الحرفية والتراثية وتحسين حياتهم والاهتمام بهم من خلال جمع ما تبقى من المصنوعات القديمة وتقديمها للجيل الحالي والسياح.
ومن الدوافع التي حفزتني على الإقدام على هذه الخطوة كوني أنتمي لبيت مسكون بالثقافة، وقد غرس فيّ زوجي الفقيد الشاعر والأديب والكاتب الصحفي فريد بركات حب التراث والمصنوعات الحرفية القديمة مثل الملابس والاشغال اليدوية والفخار وأعمال العزف بأنواعها التي كانت تستخدم في المنازل العدنية، وعرضها للجيل الحالي بطريقة سليمة وصحيحة. كما شجعني كثير من الأصدقاء والزملاء على جمع المصنوعات الحرفية وعرضها للناس.
ومن المعلوم أن المصنوعات الحرفية جزء من حياتنا وتاريخنا العريق وتدخل في مجال السياحة، التي تعدّ عاملا مهما للتنمية الاقتصادية المستدامة. والدليل على ذلك تكريس الحكومات متاحف للمصنوعات التراثية والعادات والتقاليد إلى جانب متاحف الآثار. لكن يبدو أن الجهات الحكومية في بلادنا لم يعد لديها اليوم القدرة على الاهتمام بهذه المتاحف وغيرها من المراكز الثقافية في بلادنا.
وشعورا مني بهذا النقص وإيمانا بضرورة تعريف أطفالنا وشبابنا بموروثنا وتراثنا الثقافي، قمت بإنشاء جمعية الخياطة والخدمات التنموية الحرفية التراثية المجتمعية في خور مكسر عدن.
وما هي أبرز الأقسام التي يضمها المركز؟
- يضم المركز حاليا عدة أقسام، منها قسم المنسوجات والملابس التراثية، وكذا الصناعات الحرفية، مثل العزف والفخار، وهناك أجهزة تراثية شعبية وآنية منزلية قديمة وغيرها. وهناك قسم للمعدات التي كانت تستخدم في طباخة بعض الوجبات العدنية الشعبية أو أداء الفنون الشعبية في عدن كرقصة الليوة والشرح الشعبي.
ولماذا الجمع بين المصنوعات الحرفية الشعبية التراثية وجمعية الخياطة؟
- طبعا اهتمامي ينصب على المصنوعات الحرفية التراثية بشكل عام. لكني أشعر أن عليّ أن أتفاعل مع البيئة التي حولي في عدن وتحديدا البيئة الخاصة بالمرأة. ورأيت أن المنسوجات وأعمال الخياطة تعدّ من أهم ركائز المصنوعات الحرفية في عدن مثلها مثل صناعة البخور العدني والعشار.
هل هناك إقبال على زيارة المركز؟
- الإقبال على الجمعية متوسط من قبل المدارس وعدد من الأسر المناصرة للجمعية والمتدربات على الخياطة. وهناك عدد محدود جدا من ممثلي المنظمات الأجنبية الذين يأتون أحيانا لمشاهدة ما نعرض.
ونعوّض ضعف الإقبال على المركز بنقل بعض ما لدينا من قطع وعرضها في المدارس؛ فمؤخرا شاركنا في المعرض الأول الذي نظمته مدرسة الجودة القريبة من مقر الجمعية. وقد نالت مشاركتنا في المعرض التي أضفت عليه طابعًا أصيلًا عزز من قيمته الثقافية والتراثية، ترحيب الجمهور ورضاه.
أما السياحة فهي متوقفة في عدن منذ بدايات الازمة السياسية على الرغم مما تزخر به عدن من معالم أثرية كالصهاريج وقلعة صيرة والشواطئ والجبال والمساجد القديمة. وهناك بعض المتاحف الحكومية في عدن لكنها مغلقة بعد أن أصابها كثير من التدمير في حرب 1994 و2015.
وما هي أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه الجمعية؟
- الصعوبات كثيرة، أولا: لا توجد في عدن قرية تراثية ثابتة وعامة، لهذا لا يوجد سوق تراثي يمكن عرض المصنوعات الحرفية وتسويقها فيه على غرار ما يحدث في بعض دول الجوار.
ومن الصعوبات التي تواجهنا غياب كل أنواع الدعم، الداخلي والخارجي. واليوم نعتمد كليا على أنفسنا. كما أن الحرفيين لم يعثروا حتى اليوم على مقر لاتحادهم.
ونتمنى أن تتبنى الجهات المعنية في الحكومة لاسيما في مكتب الثقافة عدن ووزارة الثقافة والسياحة والمكونات السياسية والمؤسسات الاستثمارية والخيرية دعم جمعيتنا وجميع المراكز المتخصصة في جمع وحفظ التراث. ونتمنى أن تقوم السلطة المحلية في عدن بتخصيص قطعة أرض لبناء قرية تراثية في عدن تؤوي جميع المراكز الخاصة المتخصصة في جمع وحفظ تراث عدن، وينظم فيها سوق تراثي دائم ومهرجان سنوي للتراث الشعبي، كما يحدث اليوم في سيئون وعتق والمكلا ودول الخليج، وكذلك توظيف بعض الحرفيين وأصحاب الخبرات من خريجي معهد جميل غانم.

