إذ أن رواج وتوسع سلطة الفساد وتنمره يمنع ويعيق أي محاولة للتصحيح. كما أنه ومن خلال فرض وجوده كأمر واقع حصين ومتماسك يستطيع مواصلة استقطاب أية بدائل شخصية كانت أو جماعية تأتي على أنقاض أشخاص أو جماعات حزبية كانت أو جهوية او حليفة او أسرية سفحت ماء وجهها وكشفت عن كل أوراقها إلى الحد الذي لم تعد قادرة على الاستمرار في التربع على قيادة موجة الفساد.. مفسحة المجال لشخوص أو جماعات أخرى تحل محلها، متخذة من فساد وعجز من سبقهم ذريعة لإحياء أمل الشارع، الذي اعتاد مع الأسف على قبول تكرار سيناريو توارث سلطة الفساد، من خلال التغاضي عن استمرار مسلسل عفا الله عما سلف أو مقولة (تصفير العداد) الذي يمنح السارق ما سرقه ويعمل على حمايته من اي مساءلة، كشرط من شروط الانتقال السلمي للفساد والمفسدين الجدد ممن يبدؤون مشوارهم في تقديم الوعود للمواطن على أنهم انما جاؤوا من أجل إنقاذ الأوضاع المتردية وإصلاحها.
ودون أن يلمس المواطن فترة استقرار أو لنقل استراحة مؤقتة من أوجاع وآلام الفساد.. في غير الخطب والتصريحات تكون مسيرة الفساد والمفسدين التي لم تتضرر أو تمس من قريب أو بعيد، قد أخذت تعاود نشاطها بصورة انكى وأبشع من ذي قبل.. جوع وفقر وانهيار عملة وتعليم وتربية وسطو ونهب... إلخ..
ليكون كل شيء مهيأ لإعادة نفس المشاهد والنتائج والآثار ذاتها دائماً بوجوه جديدة تقف في طابور الاستعداد لإحياء الفساد وإعلاء مراتبه.