قلوبهم رقيقة ومفعمة بالرحمة ظاهرياً على الأبرياء. ستجدهم من على المنابر الإعلامية، وفي الشوارع، وفي كل الأوساط، يصرخون وينوحون. ستجدهم أئمة القيم والإنسانية. وبالمقابل، يغيب كل هذا التنظير والاجتهاد الحسي المبطن أمام معاناة الآلاف بل الملايين من أبناء المحافظات الجنوبية المحررة.
في عدن وأبين ولحج وشبوة وحضرموت وصلت درجات الحرارة إلى ما دون 45 درجة مئوية، حتى تداولت بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي صورا لأطفال ونساء وأرامل وشيوخ ومرضى تظهر وجع القلب. صور لما يعانونه في ظل الحر الشديد ولهيب الصيف القاتل. يموت الناس كل يوم بكومات ازمية من جلطات الدم والأزمات القلبية طالت الأطفال قبل الكبار، ورغم ذلك وصلت ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 20 ساعة ليلاً ونهاراً، ناهيك عن تدهور سعر العملة وارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية اليومية، كل ذلك بسبب أنسنة المشكلة في مناطق سيطرة الحوثيين وتجاهلها في المحافظات المحررة.
ورغم أن البنك المركزي في عدن اتخذ خطوات جيدة في إخضاع كافة التحويلات الخارجية للرقابة من خلال نقل مراكز مراقبة السويفت لدى البنوك المحلية إلى العاصمة عدن، ورغم أنها جاءت متأخرة إلا أننا وجدنا مخرجات او طوقاً من دوائر الهذيان، والحث، وتقديم المبررات، والمبالغة في المشكلات بنتائج اتخاذ القرار حتى إبطاله. وجدنا في عدن حارساً ودافعا منيعا للأهالي في مناطق سيطرة الحوثيين، متجاهلاً معاناة أبناء المحافظات المحررة الذين يعيشون بينهم منذ أكثر من عشر سنوات.
صحيح أن ضرب محطة الكهرباء وخزانات النفط في الحديدة، التي جاءت من دول خارجية والتي يبدو عداؤها الأبدي لنا ولاجيالنا واضحا، هو تدمير للبنية التحتية وعواقبه وخيمة، إلا أن هذا التدمير يأتي بشكل غير مباشر في عدن، حيث وعلى مدى الثلاثين عامًا الماضية، تم تدمير ميناء ومحطات كهرباء ومصافٍ بها عشرات الخزانات للمشتقات النفطية المرتبطة بشبكة خطوط أنابيب حديثة تحت الأرض تسهل نقل المشتقات بين جميع هذه الخزانات، فقد كانت مصدر دخل للدولة في الفترات السابقة.
واليوم أصبحت أطلالا مع ذلك لم نجد من يصرخ عليها أو يستنكر او يقول كلمة حق .
وكأنهم يقول: ليعش الناس في صنعاء وليموتوا في عدن.