حينما يكون الوطن في مواجهة خطر حقيقي وواضح عنوانه (تنظيم القاعدة) الذي يضعنا جميعا في سلة العمالة والكفر واللاشرعية، علينا أن ننسى أحزابنا ومكوناتنا السياسية ليغدو الوطن كله حزبنا الوحيد.
لا مجال للحوار مع طرف لا يعترف بهذه القيمة الحضارية، مشروعه الوحيد هم السيارة المفخخة والقنابل المتفجرة والرصاص الحي، طرف يعتقد أنه فقط من يمتلك الحق المطلق، فيما الآخرون عبارة عن (أدوات للصليب الغازي والأمريكان الكفرة).
لا توجد أرضية مشتركة كي نتحاور عليها، ومشروع القتل الذي يمارسه ضد الجنود والمواطنين في الطرقات والنقاط والثكنات، يجب على قواتنا المسلحة أن تضع له حدا، يجب أولا تجريده من آلة القتل كي يكون الحوار بعد ذلك منطقيا.
الأكيد عندي أن قواتنا المسلحة ستنتصر كما انتصرت من قبل، فيما الإرهاب سيبقى مطاردا متخفيا في الأقاصي والجبال، ولن ينتهي بالجملة كسنة كونية أن الشر والباطل باقيان في صراع دائم مع قوى الخير والحق حتى تقوم الساعة.
لكن يبقى علينا ونحن نؤازر جيشنا في هذه الحرب المقدسة أن نوقن أن اجتثاث القاعدة يبدأ بجبهات المعركة العسكرية ويجب أن يمتد إلى اجتثاث أسبابه والبيئة الحاضنة له.
لا معنى للحرب على القاعدة فيما مساحات شاسعة من الوطن ومحافظات بكاملها، مرهونة للفراغ الأمني وخارج سيطرة الدولة حيث يجد الإرهابيون مناخا ملائما للحركة والتحشيد والتدريب ورسم الخطط وتخزين السلاح.
لا معنى للحرب على القاعدة في ظل واقع إعلامي منفلت يشجع على العنف ويقلل من خطر القاعدة بل ويشكك في تضحيات الجيش وكأنها حرب نفوذ ومصالح ضيقة، قنوات وصحف تعمل ليل نهار على هز هيبة الدولة وتقدم خدمات مجانية للإرهابيين بتضخيم ضحايا الجيش ونشر صور القتلى من الجنود فقط متجاوزة بهذا كل الأعراف الصحفية المتفق عليها.
صحيفة محلية يومية تبرعت قبل أيام وعلى صدر صفحتها الأولى بكشف أسماء وصور القادة العسكريين الذين يخوضون الحرب في شبوة وأبين، وكأنها تقدم إفادة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
جماعة أخرى نظمت خلال الأيام الماضية وفي ظل معارك الجيش ضد القاعدة معرضا للصور في صنعاء عرضت فيه سلاحها الثقيل، وتتحدث عن اليمن الذي قالت أنه بات واقعا تحت الهيمنة الأمريكية، وعن جنود المارينز المتواجدين في صنعاء-حد زعمها.
لا أرى فرقا بين من يقتل جنودنا ويستهدف رجال الأمن تحت لافتة عملاء الصليبون الكفرة في المحافظات الجنوبية والشرقية، وآخر يمارس نفس المهمة في محافظات شمالية، يصرخ بالموت لأمريكا واسرائيل فيما الضحايا يمنيون، وإعلام ثالث يصفهم بالغزاة المحتلين .
الهزيمة الكبرى للقاعدة وقوى الشر مجتمعة بتجفيف منابعها ومحاضنها وأسبابها، وتنمية المجتمع وتحصين شبابنا من التطرف والغلو وتوفير فرص العيش الكريم، وتحقيق التنمية الشاملة وتعزيز وجود الدولة في كل شبر من أرضنا الحبيبة.
يموت فكر القاعدة، بالانتصار لقيم الحياة، بخلق ثقافة صناعة الحياة وليس صناعة الموت، وقد قيل أنه من السهل ان تموت في سبيل الله , ولكن من الصعب ان تعيش في سبيله.