ويكفي دليلاً على ذلك ما يعاني منه حتى الآن ميناء عدن الدولي، ورصيف الحاويات الذي كان يؤمل أن يكون النواة الأساسية لمنطقة عدن الحرة، الجديدة؛ التي يمكن أن ينطلق منها الوطن مجدداً خطوات واسعة صوب المستقبل، وباتجاه حل كثير من مشاكل البطالة المصطنعة، التي بدأت سحبها السوداء الموحشة بمشاريع الخصخصة المشبوهة؛ التي استخدمت أسوأ استخدام لنهب مقدرات الاقتصاد الوطني، وممتلكات الشعب والدولة، وذبح حياة آلاف الأسر من الوريد إلى الوريد، ودون رحمة، ورمي عائليها المساكين إلى قارعات البطالة المظلمة بأقسى، وأشد طرق، ووسائل التعسف المتوحشة؛ التي أحالت كثيرين منهم إلى عيادات، ومصحات الأمراض النفسية .
نقول الآن : إن القافلة قد تحركت على مستوى الوطن كله، وإن بدت المسألة بشيء من البطء، وبنسب هنا وهناك .. لكن بخطى واثقة، وعلى قاعدة صلبة، وفي كل مناحي العملية التنموية، ومجالات التأسيس والبناء لليمن المأمول .. اليمن الاتحادي الديمقراطي الجديد .. يمن العدالة، والحقوق، والمواطنة، المتساوية، وما هي إلا أشهر، وسنكون قد أنجزنا الأساس الأول لكل الآمال والطموحات، المتمثل بالدستور الاتحادي للأقاليم الستة، وعندها لن نكون مرغمين على تجشم عناء السفر وخسائره إلى العاصمة على أتفه الأسباب، ولن يتحكم مزاج مرضى التسلط، والاستبداد، والعقلية الأبوية في المركز بحق من الحقوق، ولن يسلب أي حق في الإقليم ما دامت عيون الناس مفتوحة، وما داموا مخلصين لحقوقهم ومع حقوقهم وأنفسهم، أما إذا كانوا كعادتهم، ومع من يمسح الفم يوم الاختيار، فالكرة وعنئذٍ في مرماهم، وما عليهم إلا أن يقووا ظهورهم !! وعنئذٍ لن يكون بإمكاننا سوى أن نقول : جنت على نفسها براقش !!
ويجب أن يعلم الجميع يقيناً أن المجتمع الدولي كله معنا .. مع أمن واستقرار ووحدة اليمن وازدهارها .. مع خروجها من نفق المخاض .. لكنه لن يقبل على الإطلاق بالعبث، واللعب بمصائر البلاد والناس لمصلحة قوة إقليمية، أو محلية، أو قبلية، أو سلالية، أو مذهبية، أو مناطقية، أو أشخاص .. يجب أن يعيد المرضى حسابهم، ويبتعدوا عن التفكير باللعب في الوقت الضائع، فاليمن الاتحادي ليس خياراً محلياً ووطنياً فحسب؛ بل هو أيضاً خيار عالمي، يرتبط بمصالح، وأمن، واستقرار كل شعوب المعمورة .
لقد أطال المشوهون من قوى الفساد، والثورة المضادة العبث، والتخريب الاقتصادي، والاجتماعي، والنفسي في محاولة لهدم كل الآمال، لكنهم لم يلاحظوا أن البساط ينسحب سياسياً، واجتماعياً، وأخلاقياً ، وعلى المستوى الدولي والإقليمي أيضاً؛ من تحت أقدامهم، وشيئاً فشيئاً ، وأنهم سيجدون أنفسهم في لحظة من اللحظات لا يجدون ما يفعلونه سوى ندب حظهم، والبكاء على ما فات، ملاحقين بأولياء الدماء، وأصحاب الحقوق في المحاكم الوطنية، وربما محاكم الجنايات الدولية !!
فمتى تراهم يعودون ؟ نأمل ألا يكون متأخراً .. نأمل ذلك، وإلا فالحجارة من الأرض، والدم من رؤوسهم !!
[email protected]