
ويمكن القول إن التحليل الذي نشره المركز للباحث (اريك نافارو) بعنوان: هل يستطيع اليمنيون هزيمة الحوثة؟؛ قد وضع في ثنايا سطوره الأصبع على مواضع الألم، مشيرا باحترافية متناهية الدقة إلى مواضع القصور قديما، وحاليا في مسار المعركة، ولاسيما من الجانب الأمريكي، من اختلاط الرؤية بين الديمقراطيين والجمهوريين؛ فضلا عن اختلاف الرؤى بين الحلفاء، مثلما أشار بالدقة نفسها إلى مواضع الانطلاق المطلوب.
وبذلك يمكن القول الآن، وفي ظل هذه المتغيرات الإيجابية؛ إن إعادة تصنيف الحوثيين- كما ذكر التحليل- كمنظمة إرهابية أجنبية، للمرة الثانية، بعد سقوط حكومة بايدن في انتخابات أواخر 2024م؛ تمثل الآن فرصة ذهبية سانحة للحكومة اليمنية؛ لتتولى هي، لا غيرها، زمام المبادرة، وتهيئة الظروف المثلى مع حلفائها للانطلاق صوب العاصمة صنعاء، واستعادة الدولة وأجهزتها المختطفة.. استعادتها من أيدي الانقلابيين الذين يسعون الآن جاهدين للعودة بالبلد إلى ماقبل سبتمبر 1962م.
لقد مضى على القتال ضد الحوثة في ظروف الشد والجذب، أكثر من عقد من الزمان، حتى تم تصنيفهم، ثم إعادة تصنيفهم للمرة الثانية، كجماعة إرهابية، ومع ذلك؛ هاهم لا يزالون بسبب هذا الوضع متمركزين في صنعاء، وفي معظم شمال البلد، بل إنهم يواصلون سيطرتهم الفعلية على ميناء الحديدة الاستراتيجي، ويسعون الآن إلى السيطرة على حقول النفط والغاز في محافظات: مارب، وما حولها، باتجاه شبوة وحضرموت شرقا.
لذلك يمكن القول إنه مالم يتم وقف غطرستهم، وتمكين الجيش الوطني من امتلاك القدرة على مراقبة قواتهم وردعها، وضربها، دون الاعتماد على التدخل الغربي؛ فإن مأساة اليمنيين ستظل قائمة، بل ومتفاقمة؛ على شكل اقتتالات دائمة، وتشظيات متواصلة؛ حتى يتم تدارك هذه الأوضاع، وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية المغتصبة.
لقد لاحت الفرصة الآن؛ بالتقاء إرادة اليمنيين، بالإرادة التي يلوح بها الحلفاء، والأصدقاء، وبقي أولا أن يدرك اليمنيون واجبهم في مواجهة العدوان الحوثي، وأن يدرك تاليا الأصدقاء، والحلفاء، أن تحرير الإرادة اليمنية مرتهن بالعمل على مد اليمنيين بالعتاد والأسلحة الحديثة، اللازمة للقوات البرية، والبحرية، والجوية، ومواجهة تهريب السلاح الإيراني إلى البلاد برا، وبحرا.
وفي المقابل؛ ينبغي على الحكومة الشرعية، المعترف بها دوليا؛ أداء ماعليها من الواجبات الملحة في إطارها الجغرافي، باحترافية تامة، وفي مقدمتها تولي زمام المبادرة في تأمين أراضيها من أطماع إيران والحوثة، والتفاهم مع الأشقاء والأصدقاء للحصول على حاحتهم من الأسلحة والخبرات اللازمة، ولاسيما أن المجتمع الدولي مجمع الآن على ضرورة هذا الدعم، ليس لسواد عيوننا، بل لصيانة مصالحه هو، وحماية الأمن، والملاحة في البحر الأحمر، والعربي، وخليج عدن، وحماية السلام والأمن الاقليمي والدولي، وردع الأطماع الحوثية/ الإيرانية بحزم حتى تحقيق النصر، وإنهاء هذا الكابوس الأخطبوطي، العدواني الغاشم.
هذا هو المطلوب الآن، وستظل النتائج مرتبطة بجدية طرفي التحالف، وسرعة الخطى، وسيبقى النصر رهن المصداقية.. المصداقية لاغيرها.