هذا الكلام لا أطلقه جزافاً .. نعم اليمنيون كطبيعة أرضهم الخضراء .. متسامحون، يحب الجميع الخير للجميع.. وإلا فمنذ متى كان هناك إرهابيون في عدن مثلاً، أو في حضرموت العلم، والصلاح، والتجارة، والاجتهاد، أو لحج الفل، والحب، والسلام، أو الحديدة، أو تعز التحضر، والثقافة، والوسطية، أو ذمار العلم، والصلاح، والأدب، وغيرها من محافظات اليمن الميمون؛ التي عاش فيها الناس على مدى قرون طويلة متآخين، متحابين، متآلفين، كالجسد الواحد، إذا اشتكى عضو فيه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ودون التفات لخلاف مذهبى، أو غيره؛ حتى كنا في هذا الزمن، وخصوصاً بعد سنة 1990م؛ عندما بدأ حشد الإرهابيين، واستجلابهم، من بعض الدول بعد تصنيعهم هناك دولياً، ثم بعد ذلك تصنيعهم محلياً هنا، ومن مختلف المسميات، والمدارس، وتحت إشراف طرف، أو شخص معروف، ظل ـ وما زال ـ يلعب بهم، ويحركهم، مستغلاً حالة الفقر التي أوصل إليها البلد، وعبر خيوط سحره الماكرة، ويبتز بهم المجتمع المحلي، والدولي .
نعم أيها السادة !! الإرهاب دخيل على اليمنيين، صنعه البعض لحماية كراسيهم؛ وظلوا يلوحون بمختلف مسمياته؛ كقنابل موقوتة؛ وذلك لحماية أنفسهم من رياح التغيير التي كان لا بد منها لإنهاء وضع لم يكن بالإمكان احتماله، وتذكَّروا معي ظروفاً مرت بنا .. ما كان بالإمكان تلافي هذا الشر؛ لو كان حقاً خارج السيطرة، ومنها خليجي 20 الذي لم تقرح فيه طماشة؛ ترى أين كان الإرهاب، ووحوش القاعدة ؟! أم كانوا من عشاق الرياضة، وفنونها، فتناسوا ـ لذلك ـ القاعدة وخرجوا إلى الاستثناء؛ الذي يعتبرونه هم أنفسهم حراماً !! .
لقد أصبح واضحاً اليوم أن حبال الألعاب السحرية المرعبة، ومن مختلف المسميات المنعوتة بها قوى العنف، والرعب؛ التي حولت البلاد إلى حقول ألغام موحشة؛ تتصل من حيث التوجيه، والأمر، والدعم المالي، واللوجستي بطرف داخلي واحد، لا ثاني له، ومن حيث التمويل الشامل بطرف خارجي آخر، أصبح أكثر من معلوم، ومعروف، يسعى حالياً مع حلفائه الداخليين، والإقليميين إلى ضرب مسار التسوية، ومخرجات الحوار، وإسقاط أركان الدولة ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، ومعه حكومة الوفاق، والعودة بالبلد إلى نقطة البداية، والمربع الأول، غير آبه بالنتائج المدمرة؛ باستثناء ذلك الحطام الذي سيتقاتل بعد ذلك عليه الحلفاء أيضاً، ودون شك، كل حسب أهدافه الضيقة، القروية، أو الفكرية، أو الطائفية، أو السلالية؛ بعد أن كبرت أحلامهم، وطموحاتهم إلى الزعامة، ولو على ألواح (زعيمة ) مهشمة في ساحل البحر العربي، أو الأحمر !! .
نقول هذا الكلام لأن البعض ما زال لا يريد أن يصدق حتى حدسه، أو هو غير قادر على التصور، ومعرفة خيوط، وأسرار، ومسارات هذه اللعبة القذرة، المسماة بالإرهاب؛ والتي يمكن ـ إن لم تواجه كل خيوطها بالحزم الكافي أن تؤدي بالتوازي مع الحرب الإعلامية الشعواء؛ التي تشنها مختلف الأطراف في هذا الحلف العدواني المظلم، وفي المقدمة رأس الثورة المضادة .. أن تؤدي إلى مزيد من النزف الاقتصادي، والمالي، والعسكري، وبالتالي دفع الدولة رغماً عنها إلى هاوية السقوط المحتم لا قدَّر الله .
قد يقول قائل : أنت تنظر إلى الأمر بنظارة معتمة ، أقول : لا، ولكني أحذر من مزيد من التسامح مع هذه القوى الشريرة، المتسترة، أو المندمجة في بوتقة نشاط تنظيم القاعدة الإرهابي، أو المتحالفة معه تكتيكياً، أو استراتيجياً، ويكفي دليلاً أن أساليبهم واحدة، وتسليحهم واحد، ويتم من خزنات الجيش والأمن اليمنيين، وأنهم يتحركون بخطى واتجاهات، وعلى أساس، وبمقتضى معلومات يفترض أنها من الأسرار الخاصة بأمن وجيش البلد، ثم يفرون ، ومنهم الذين هاجموا التلفزيون والإذاعة والأمن السياسي بعدن قبل أكثر من عام، فلم يلحق بهم أحد، كأنهم ملح ذاب في الماء، باستثناء واقعة الهجوم على المنطقة العسكرية الرابعة، التي وجد فيها المعتدون رجالاً أشداء كانوا في مستوى الاستعداد القتالي الرائع، وشرف وقسم الجندية؛ مع ما حصل من تقصير واضح من بعض الجهات التي كان يمكن ـ حسب الواجب الملقى عليها ـ أن تكشف العملية قبل حدوثها بكل سهولة .
وأعود فأقول : يكذب من يزعم أن في اليمن غير هذا الإرهاب ( المصطنع ) وتذكَّروا معي الذين فجروا فنادق عدن في بداية التسعينات .. أين صاروا بعد ذلك ؟ وماذا حصل بعد ذلك من تطوير لهذا الورم الخبيث ؟ وماذا صنع هذا الطرف ( المصطنع ) المعد للاستعمال كأوراق (الكلينكس ) وتحديداً في عام 1997م، ثم عندما تمت الصفقة، ولم يجدوا مكافآتهم التي وعدوا بها؛ ماذا فعلوا ؟ وماذا فُعِلَ بهم ؟ وكيف ظلوا على هذا الحال من الوضاعة، وبيع الأوطان حتى اللحظة، عبيداً عند أقدام سيدهم الأجذم ، لا هم لهم سوى أن يشاهدوا الحرائق، والأشلاء ، وصرخات الثكالى، والمنكوبين !!.
إننا ندعو فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى أن يسارع إلى حشد كل القوات، المسلحة، والأمن، والاستخبارات العسكرية، والأمنين : السياسي والقومي، الناصحين لأهداف الثورة، والديمقراطية، والتحديث من جهة، وإلى حشد الجهد الثوري الشعبي العريض؛ لتتحد كل القوى تحت قيادته، وعلى نحو منظم، ومنسق، وحازم، وبمعايير وطنية، للعمل جنباً إلى جنب؛ لفضح، وإجهاض مساعي كل القوى التي تعمل على العودة بالوطن والشعب إلى غياهب الماضي الكهنوتي المظلم، وعهود الحروب الطاحنة التي تلافاها شعبنا المنخرط اليوم في مسيرة بناء الدولة الاتحادية الحديثة تحت قيادته للخروج من جراحات الماضي إلى آفاق البناء والتنمية في وطن يعيد للإنسان كرامته، ويحقق تطلعاته إلى العدالة، والمواطنة المتساوية .
إن هذه الوجوه السمراء، والقلوب البيضاء، الحالمة بالعدل، والنظام، والقانون، والحب، والسلام؛ هي التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها الألينُ قلوباً، والأرقُّ أفئدة، لا الأكثر إرهاباً، أو حقول ألغام، وهي بالضبط التي وقفت صفاً واحداً بداية عام 2012م، وقالت بصوت واحد؛ وعلى نحو لم يشهد له اليمنيون مثيلاً : نعم لـ( عبد ربه منصور هادي ) نعم للأمن والسلام؛ مع ما كان من التهديد، والوعيد، والتخريب النفسي، والمعنوي من تلك القوى الشريرة، المعادية لشعبنا ومسيرة نهوضه وتقدمه ، وهي ـ أي جماهير الشعب، بمن فيهم الجيش والأمن الشرفاء الشجعان ـ الأقدر بالتالي على أن يكونوا بالفعل سند الثورة ، وسدها، وحصنها المنيع، وعصا الوطن، والرئيس؛ الذي لا يمكن أن يعصيه في مواجهة كل قوى الإرهاب والتخريب ، وغيرهم من أقزام الثورة المضادة .
إن الأمر ـ أيها السادة ـ قد غدا في مستوى الضرورة، وقد آن الأوان لينخرط الجميع في مسيرة حضارية، دفاعية، رادعة، توقف الطغيان، وتبني مجد الإنسان، وتُعلي عزته على أرض التسامح، والسلام، لا الإرهاب، والخراب، والدماء والأحقاد .